بدأت فرنسا تأخذ احتياطاتها لاحتمالات سقوطها في الهاوية، في ظل ما تواجهه من تحديات أساسية سياسيًا واقتصاديًا، مع استمرار أزمة منطقة الأورو، والخسارة الكارثية لثقة السوق في ديون البلدان الأوروبية التي أثارت شكوكًا بشأن الإنجاز الكبير الوحيد للاتحاد الأوروبي الخاص بالعملة الأوروبية الموحدة أورو.
ومنذ تدشين الأورو، والمشروع الأوروبي قائم على شراكة بين فرنسا وألمانيا، رغم أجواء العداء، التي كانت تسود بينهما من قبل. غير أن تلك الشراكة لم يسبق مطلقاً أن كانت شراكة بين طرفين متكافئين: فثقل ألمانيا الاقتصادي دائماً ما كان يتفوق على الثقل الاقتصادي لفرنسا، التي كانت تعوّض ذلك بمواقف دبلوماسية أكثر حزماً.
وهي الصيغة، التي ظلت لعقود، إلى أن جاءت الأزمة الأخيرة، لتقضي على وهم التكافؤ، بعدما أصبحت ألمانيا هي الكيان الاقتصادي الأوروبي الوحيد، الذي يحظى بالقوة التي تؤهّلها لإنقاذ دول الجنوب المتعثرة. وهي الحقيقة الاقتصادية التي حظيت بتداعيات سياسية.
بدا من خلال الأحاديث المشتركة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن هناك تجاهلاً لحقيقة أن ميركل تحظى باليد الطولي، وأن فرنسا لم يعد بمقدورها، كما كانت من قبل، أن تمضي في طريقها.
ورغم تفاخر ساركوزي بالعكس، لم تتحدث ميركل دائماً عن طريقة التفكير الفرنسية بشأن الأورو. وسواء كان ذلك أمراً جيداً أو سيئاً، فإن المستشارة الألمانية وناخبيها هم من حددوا مسار استجابة القارة العجوز للأزمة.
لكن إن كان فقدان الهيمنة السياسية أمر مثير للمشكلات بالنسبة إلى فرنسا، فإنها مازالت تتضاءل بالمقارنة مع المشاكل الاقتصادية التي تواجهها البلاد. وفي أزمة الأورو الحاصلة الآن، أشار تقرير نشرته اليوم صحيفة الدايلي تلغراف البريطانية إلى أن فرنسا تحب أن تفكر في نفسها مثل ألمانيا، باعتبارها جزءًا من الحل. لكن البعض في الأسواق المالية بدأ يتساءل عمّا إن كانت لا تشكل في حقيقة الأمر جزءًا من المشكلة.
في مقابل ذلك، تعهد رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا فيون، بأن يقضي على عجز الموازنة الحكومية بحلول عام 2016، وهو الأمر الذي سيتطلب ما يقرب من 100 مليار أورو (83 مليار إسترليني) من التشديد المالي. وهو ما يشبه تقريباً برنامج التقشف البريطاني، رغم حديث الفرنسيين عن "الصرامة".
وفي وقت يبدو فيه أن بريطانيا وفرنسا يمتلكان زعيمين محسوبين على تيار يمين الوسط يقومان بتخفيضات، فإن هناك اختلافاً سياسياً كبيراً بينهما. فبمقدور ائتلاف دافيد كاميرون أن يأمل البقاء في السلطة حتى عام 2015، بينما يتعيّن على ساركوزي أن يضمن إعادة انتخابه في شهر ماي المقبل، خاصة وأن التقشف لم ينصفه.
حذر قائد الجيش البريطاني من ان الأزمة في منطقة الأورو تشكل التهديد الرئيسي للامن القومي لبريطانيا.واعتبر الجنرال سير ديفيد ريتشاردز ايضا خلال كلمة القاها في معهد "رويال يونايتد سرفيسز انستيتيوت" وهو معهد ابحاث حول الدفاع، ان انتفاضات الربيع العربي قد تدفع بعض الاسلاميين في بريطانيا الى القيام باضطرابات.وقال ان "الخطر الاكبر الذي تواجه بريطانيا حاليا هو اقتصادي اكثر منه عسكري".واضاف "لهذا السبب فان الأزمة في منطقة اليور هي مهمة جدا" مضيفا ان "اي بلد لا يمكنه ان يدافع عن نفسه لوحده في حال تعرض للافلاس".
وحسب الجنرال البريطاني، فان الفوضى في الشرق الاوسط تشكل ايضا خطرا حقيقيا ولكن اقل. ,اوضح "هناك خطر بان تتسبب اليقظة العربية بتصدعات ونزاع داخلي يمكن تصديره من خلال الاسلام المجاهد" متحدثا عن عمليات الشتات القائمة حاليا في بريطانيا خصوصا تلك القادمة من باكستان الذي يشهد عدم استقرار.
وقال الجنرال ريتشاردز ايضا ان تخفيض ميزانيات الدفاع ارغمت بريطانيا على البحث عن تحالفات عسكرية مع بلدان عدة وهو امر قد يستمر.واضاف "اصلا تعاوننا مع دول الخليج ودول افريقيا اثمر نتائج في هذه المناطق بكلفة زهيدة". واوضح "ربما توجب علينا توثيق العلاقات الدفاعية مع هذه المناطق اكثر منه السعي لتوسيع نفوذنا في دول اخرى عديدة مثل الصين والهند".