من بوساني بافانا
جافو (زيمبابوي) (مؤسسة تومسون رويترز) - يُعَامَل فيليب تشوما (67 عاما) وسط جيرانه بوصفه ساحرا بمقدوره أن يتحكم في سقوط الأمطار بالاستعانة بالجن .. وإلا فكيف يتسنى له أن يزرع محصولا وفيرا تام النضج من الذرة أو الذرة البيضاء (العويجة) أو الدخن أو الفول السوداني في غير موسمه في الوقت الذي يكون فيه كثير من المزارعين قد انتهوا تماما من جمع محاصيلهم؟
في واقع الأمر ليس بمقدور تشوما –وهو مجرد مزارع من قرية جافو القاحلة بمنطقة هوانجي التي تبعد نحو 450 كيلومترا إلى الشمال من بولاوايو- التحكم في الطقس لكن بوسعه مجرد أن يتنبأ به بدرجة عالية من الدقة.
إنه يستعين بكتيب مهترئ ومقياس بلاستيكي أخضر للمطر وهاتف محمول يتلقى عليه معلومات عن المناخ عن طريق الرسائل النصية القصيرة.
ويتخذ تشوما قراراته الزراعية بناء على نماذج الطقس بمنطقته بما في ذلك مواعيد الزراعة وكيفية القيام بالعمليات الزراعية الحقلية المختلفة وكميات السماد اللازمة للزراعة.
وتشوما واحد من بين آلاف من صغار المزارعين في جنوب زيمبابوي من المستفيدين ببرنامج المناخ الزراعي الذكي ومكافحة ظاهرة النينيو.
وانطلق البرنامج عام 2013 في منطقة جامبيزي وهو ضمن خطة الحكومة لمجابهة مخاطر منها موجات الجفاف من خلال تقوية شبكات الإنذار المبكر من الخطر الذي يواجه قطاع الزراعة جراء تغير المناخ والمشاكل الأخرى المتعلقة بالطقس.
تشارك في البرنامج الإدارة الفنية للتوسع الزراعي بوزارة الزراعة والمعهد الدولي لبحوث المحاصيل في المناطق شبه القاحلة و(إيكونت) مقدم الخدمة المحلية للاتصالات بالبلاد.
وتشارك كل هذه الجهات في توعية المزارعين بكيفية استخدام تقنيات رصد الطقس والممارسات الزراعية الذكية التي تستعين بمعلومات الطقس تحقيقا للأمن الغذائي في المناطق شبه المحرومة من الأمطار في زيمبابوي.
وفي الموسم الماضي حصد تشوما وزوجته سيمناي 1.5 طن من محصول الدخن وطنا من الذرة العويجة وربع طن من الفول السوداني فيما يتوقع هذا العام أن يحصد أربعة أطنان من الدخن ونحو 2.5 طن من الذرة البيضاء على الرغم من موسم الجفاف الذي ألحق الضرر بمحصول جيرانه من الذرة.
قال تشوما "هذا العام ... كان حظي أوفر من بعض جيراني في محصولي ... يقول البعض إنني استعين بالجن والسحر لكن هذا ليس صحيحا".
يحظى البرنامج بتمويل قدره 30 ألف دولار من المعهد الدولي لبحوث المحاصيل في المناطق شبه القاحلة لتلقين أساليب مساعدة المزارعين على تحسين محاصيلهم مع خفض التكلفة وإتباع سبل منها تغطية المحاصيل بالقش لتجنب الفاقد في مياه الري وتوفيرا لموارد المياه.
ويهدف البرنامج أيضا إلى زراعة محاصيل في أحواض خاصة مخصبة بالأسمدة الطبيعية مع تحميل الحقل الواحد بعدة أنواع مختلفة من المحاصيل واستخدام الحد الأمثل من المخصبات.
ومن بين أهداف البرنامج أيضا إقناع المزارعين بالاستغناء عن محاصيلهم التقليدية وزراعة سلالات أخرى مقاومة للجفاف وهي مقترحات ليست بالمجدية في منطقة تزرع الذرة كمحصول أساسي للغذاء.
وقال ديفيد بيرجفنسون المدير العام للمعهد الدولي لبحوث المحاصيل في المناطق شبه القاحلة إن اللجوء إلى زراعة محاصيل أكثر تحملا أمر مهم لأن "تغير المناخ يضربنا بسرعة وبلا هوادة".
تجئ مثل هذه الأساليب والممارسات التي يروج لها البرنامج في إطار خطة زيمبابوي للتعامل مع تغير المناخ وهي الخطة التي طرحت في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باريس في ديسمبر كانون الأول من العام الماضي.
وقالت دراسة لبرنامج لبحوث تغير المناخ إن 30 في المئة من الرقعة المزروعة بالذرة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومنها زيمبابوي يتعين عليها التحول لزراعة محاصيل مختلفة في غضون العقد المقبل.
وفي منطقة جافو بزيمبابوي شهد تشوما بنفسه فوائد تغيير أنواع المحاصيل وأساليبها بعد انضمامه لبرنامج المناخ الزراعي الذكي قبل ثلاث سنوات.
ويكسب تشوما حاليا 300 دولار خلال الموسم في المتوسط من بيع الفائض المحصولي الذي كان يكفي طعام أسرته بالكاد في الماضي.
ويقول "يجب على المزارعين بذل مزيد من الجهد ليكفلوا حياتهم ... إنه ليس ضربا من السحر."
(إعداد محمد هميمي للنشرة العربية - تحرير ياسمين حسين)