من جورج جحا
بيروت (رويترز) - منذ انشأ الاسكندر المقدوني مدينة الاسكندرية سنة 332 قبل الميلاد وهي ملتقى شعوب البحر المتوسط التي عاشت فيها أجيالا بعد أجيال وخلفت ورائها آثارا فرعونية ورومانية ويونانية ألهمت سكان المدينة العريقة شعرا ونثرا وغناء وأدبا ومن أحفاد هؤلاء خرجت المصرية أسماء الشيخ وعن حياتهم كتبت روايتها (مقهى سيليني).
وفي الرواية الواقعة في 198 صفحة من القطع المتوسط والصادرة عن دار الآداب في بيروت تقدم الكاتبة الشابة (26 عاما) لوحة لتفاعل الشرق والغرب في نقطة من الزمان بداية القرن الماضي على أرض الاسكندرية.
وتتخذ الكاتبة من الاسكندرية مسرحا يتحرك فيه القديم الموروث متمثلا في الحجام الذي كان يأخذ دور الطبيب ويتمتع بصيت واسع اكتسبه لقدرته على شفاء الأمراض وهو شخصية تقليدية محافظة على التراث كحال عائلته وأغلبية أهل المدينة.
وفي المقابل هناك الجديد الوافد متمثلا بأمور أهمها مقهى (سيليني) لصاحبه الخواجة ألبرتيني ودور سينما وصف من المقاهي والمطاعم الإيطالية واليونانية الحديثة.
وتدور الأحداث بين عالمي (رقية) إبنة الشيخ حسين الذي كان حجاما شهيرا و(بيتا) إبنة صاحب مقهى (سيليني) الإيطالي. والجميع هنا يطارد أشباحه الخاصة وأحلامه ويجد في المدينة الساحلية متنفسا وبراحا.
وفيما تساعد رقية والدها في عمله تظل مسكونة بما هو أوسع من عالمها أي بما هو من نتاج الغرب أساسا بأشباح نجوم السينما في صالات سينما الاربعينات من القرن العشرين.
أما بيتا الفتاة الإيطالية الحسناء فقد سكنتها "هواجس" ليست من عالمها الغربي تماما بل هواجس شرقية فهي مولعة بأبواب التصوف وتتابع حلقات الذكر وتحفظ ما ينشد فيها وتحضر حلقاتها في المساجد وأماكن أخرى.
وعلى مدى الأحداث هناك دائما -فضلا عن قدر من التكامل- "سباق" أو نوع من التنافس القوي بين الخطين الحضاريين الشرقي والغربي. وأخذ يبدو للعيان ان بعض سمات النمط التقليدي وبفعل التطور السريع في طريقها للانحسار.
ومع وفاة الشيخ حسين متأثرا بورم في الدماغ تتسارع الأحداث وتأخذ مسارها باتجاه "الحداثة" فيعيد أصحاب مقهى (سيليني) طلبهم الذي سبق ورفضه الحجام قبل رحيله ببيع داره لتحويله إلى دار سينما كبيرة.
وتوافق (رقية) لكنها تشترط أن تكون شريكة في دار السينما الكبيرة الموعودة وان تشترك في إدارتها. ويتفق الطرفان على أن يتحول مشروعهما الجديد رمزا لالتقاء الشرق والغرب في عمل جديد هو في جوهره نمط حضاري جديد.
ورغم تخرجها في كلية الطب إلا أن العمل الأول لإبنة الإسكندرية أسماء الشيخ استطاع أن يجد طريقه للأضواء ومنصات الجوائز ونال في 2014 جائزة (محترف نجوى بركات للرواية) التي تمولها وزارة الثقافة البحرينية.