من بول تيلور وفرانشيسكو
بروكسل (رويترز) - يبحث الاتحاد الاوروبي عن سبل لاقناع تركيا ببذل مزيد من الجهد لإبقاء اللاجئين السوريين على أراضيها ووقف تدفقهم على أوروبا وسط شكوك متبادلة عميقة بين بروكسل وأنقرة.
وبينما يسعى الاتحاد الاوروبي جاهدا للتعامل مع مئات الآلاف من الفارين من الحرب والفقر في الشرق الاوسط وآسيا وأفريقيا فان التعاون مع تركيا وهي ليست عضوا في الاتحاد يعتبر أساسيا للتعامل مع المشكلة.
وتريد المفوضية الاوروبية من الدول الاعضاء زيادة واعادة توجيه المساعدات المالية المقدمة من الاتحاد الاوروبي لدعم الاسكان والتعليم والخدمات الصحية للاجئين في تركيا التي لم تحقق جهودها للانضمام الى الاتحاد تقدما يذكر في السنوات العشر الأخيرة.
وفي المقابل يُتوقع من أنقرة تحسين أوضاع اللاجئين وتسجيل المزيد واستضافة أعداد إضافية من اللاجئين الذين تعيدهم دول أوروبا. وقبل كل هذا يجب ان تكافح مهربي البشر وأن تزيد جهودها لمنع السوريين من الذهاب الى اليونان.
وقال مصدر رفيع في الاتحاد الاوروبي "هناك اتجاه الآن للسماح بمرور الجميع" وأضاف "على تركيا ان تنفذ المطلوب منها."
ومن وجهة نظر أنقرة فان أوروبا لم تتنبه لحجم الازمة الا هذا العام بينما تركيا في مقدمة الجهود للتعامل مع اللاجئين منذ أكثر من أربع سنوات. تقول أنقرة أنها أنفقت 7.6 مليار دولار على الطعام والمأوى والرعاية وإنها تلقت مساعدات دولية قيمتها 417 مليون دولار فقط.
وقالت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل يوم الثلاثاء إنه يجب على تركيا ان تفعل المزيد للدفاع عن حدودها مع اليونان. وقالت "اليونان بمفردها بدون دعم من تركيا لن تنجح" مشيرة الى انها تحدثت الى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بالهاتف.
وقال مصدر بالاتحاد الاوروبي إنه في قمة طارئة يوم الاربعاء ستقترح بروكسل زيادة المساعدات لأنقرة من ميزانية الاتحاد الاوروبي الى مليار يورو (1.1 مليار دولار) في الفترة من الان وحتى نهاية عام 2016 . وسيحول ثلثا هذا المبلغ من الاموال المخصصة لتركيا قبل الانضمام الى الاتحاد باعتبارها بلدا يأمل الانضمام اليه رسميا.
وستطلب المفوضية الاوروبية من الدول الاعضاء ان تقدم مبلغا مماثلا من الموارد الوطنية ليصبح الاجمالي ملياري يورو.
لكن توجد شكوك بشأن إن كانت تركيا التي تستضيف أكثر من مليوني لاجئ قادرة على منعهم من السعي لحياة أفضل في أوروبا. ويوجد أقل من 300 ألف في المخيمات التي أنشأتها الحكومة بينما يعيش الباقون بالاعتماد على مدخراتهم بين السكان الاتراك مع تضاؤل المساعدات من برنامج الأغذية العالمي التابع للامم المتحدة الذي يعاني من نقص التمويل.
وقال مارك بيريني سفير الاتحاد الأوروبي السابق لدى أنقرة ويعمل الان في معهد أبحاث كارنيجي أوروبا "إنهم يغادرون الان بطريقة غير منظمة على الاطلاق وخاصة لان السلطات التركية تغض الطرف عن المهربين على الساحل."
وقال إن تهريب البشر على ساحل بحر إيجة أصبح نشاطا حجمه مليار يورو وإن العديد من المهربين لديهم صفحات على موقع فيسبوك ينشرون عليها أحدث المعلومات عن الوضع على الحدود وأحوال الطقس.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية التركية "ليس من العدل ان يتوقع من تركيا أن تواجه تدفق المهاجرين بمفردها". وأضاف "ليس هناك بلد قادر على التعامل بمفرده مع تدفق المهاجرين غير الشرعيين."
والعلاقات بين الاتحاد الاوروبي المكون من 28 دولة وأنقرة في أدنى مستوياتها بالفعل بسبب مخاوف الاتحاد من الحملة العسكرية التي يشنها اردوغان على الانفصاليين الاكراد ونواياه غير الواضحة في سوريا وسياساته المحلية التي يرى أنها تنم عن ضيق أفق.
ومن جانبها تشعر تركيا بالاستياء لعدم ضمها للاتحاد الاوروبي وتشكو من غياب التشاور بشأن أزمة اللاجئين وهي غاضبة من التصريحات المعادية للمسلمين والمناهضة لتركيا في أوروبا.
وقال مسؤول تركي "هذه الحزمة (من الدعم الاوروبي) لم يتم اعدادها بعد .. هذه فكرتهم فقط وتصريحهم في واقع الامر. لم نشارك في هذا بأي حال من الأحوال."
وقال المسؤول إنه اذا كانت المساعدات المالية مجرد إعادة تقديم لأموال ما قبل الانضمام (للاتحاد) "فان هذا سيكون مثل تحويل أموالنا الى مكان آخر."
وتسير مفاوضات أنقرة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي ببطء دون إحراز تقدم منذ عشر سنوات بينما سبقتها الدول الاخرى المرشحة من منطقة البلقان. ولم يعقد الزعماء الاوروبيون اجتماع قمة واحدا مع اردوغان في ذلك الوقت. وما زال الاتراك ينتظرون إلغاء التأشيرات لتسهيل دخولهم الى أوروبا. والان يثير زعماء وسط أوروبا بقيادة رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان غضب الاتراك من خلال الاشارة الى معارك القرن السادس عشر ضد الامبراطوية العثمانية لتبرير اللجوء للقوة لمنع اللاجئين المسلمين من عبور حدودها.
ومن المعتقد أن أكثر ثلاثة أشياء تريدها تركيا من الاتحاد الأوروبي هي الاموال والوضع وتأشيرات الدخول. والاموال هي أسهل طلب يمكن تحقيقه خاصة وان الاتحاد الاوروبي على ما يبدو لم يعد يفضل تقديمها من خلال منظمات الإغاثة غير الحكومية.
وزار رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك تركيا هذا الشهر ويعتزم مسؤولون استضافة اردوغان في قمة مصغرة عندما يزور بروكسل في الخامس من اكتوبر تشرين الاول. لكن ليس هناك استعداد لدعوته الى قمة كاملة للاتحاد الاوروبي نظرا لان كثيرين يرون أن سلوكه يزداد سلطوية.
وقال المصدر الرفيع في الاتحاد الاوروبي "هذا مرفوض."
وبالنسبة لكثيرين في بروكسل فان دعوة اردوغان لاقامة "مناطق آمنة" بدعم جوي غربي في شمال سوريا لايواء اللاجئين ستار يخفي وراءه جهودا تركية لإخراج المسلحين الأكراد السوريين من المنطقة الحدودية.
وقال بيريني ان أفضل حل سيكون إنشاء نظام لبحث طلبات اللجوء الى الاتحاد الاوروبي في تركيا لكن مسؤولين بالاتحاد يشككون في ان تركيا ستسمح بمثل هذه المراكز على أراضيها.
ويقول مسؤولون من الاتحاد الاوروبي انه يعتقد ان ما يقدر بنحو 250 ألف لاجئ موجودون في منطقة الساحل بانتظار ركوب قارب ينقلهم الى اليونان.
وبينما الاتحاد الاوروبي مستعد لتحمل حصة من اللاجئين السوريين فانه يريد إبقاء أكبر عدد منهم "بالقرب من وطنهم" وهو تعبير مخفف تستخدمه بروكسل بدلا من أن تقول "في تركيا".