من سراج القدير وتوم لاسيتر
داكا/نيودلهي (رويترز) - حين نشرت السلطات في بنجلادش الشهر الماضي أسماء 261 رجلا تغيبوا عن عائلاتهم في محاولة للعثور على المتشددين المختبئين في البلد الذي يسكنه 160 مليون نسمة تذيل القائمة اسم "جيلاني إلياس أبو زيدال".
لم يكن في بنجلادش. سافر الشاب الذي ترك دراسته بكلية الهندسة إلى سوريا العام الماضي ليقاتل في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية. في أبريل نيسان أعلن التنظيم المتشدد أنه تحول إلى أشلاء خلال معركة بسبب مدفع مضاد للطائرات من عيار 23 ملليمترا.
ولدى سؤاله لماذا أوردت كتيبة التدخل السريع في بنجلادش - وهي جهاز محلي لمكافحة الإرهاب - جيلاني بين 261 اسما قال المتحدث باسمها مفتي محمد خان إن لا أسرة الرجل ولا الشرطة أبلغت الكتيبة بوفاته. وأضاف "لهذا أدرجناه على القائمة." وببحث بسيط على موقع جوجل عن جيلاني واسمه الحقيقي عاشق الرحمن كان سيظهر إشعار من الدولة الإسلامية بوفاته.
ويمثل إدراج اسم متشدد قتيل في نشرة أمنية دلالة على فشل السلطات في بنجلادش في مواجهة الصلات الدولية للجماعات الإسلامية المتشددة بالبلاد.
وما زال مسؤولو الشرطة والمسؤولون الحكوميون مصرين على أنهم يواجهون تهديدا داخليا ويرى خبراء إقليميون في شؤون الجماعات المتشددة أن هذا "خطأ جسيم".
ويقر مسؤولون مصرفيون بأنهم يواجهون صعوبات حين يتعلق الأمر باعتراض تمويل أجنبي موجه للهجمات. واتسم أداء رجال الأجهزة الأمنية بالبطء خلال محاولة استكمال الخطوات الأساسية لجمع المعلومات بعد أسابيع من هجوم وقع في الأول من يوليو تموز قتل خلاله خمسة شبان 20 شخصا احتجزوهم رهائن في مقهى بالعاصمة.
متشددون محليون
تقول الحكومة إن هجوم الأول من يوليو تموز وهجوما آخر في 26 من نفس الشهر قتلت فيه الشرطة تسعة متشددين يعتقد أنهم كانوا يخططون لهجوم مماثل من عمل متشددين محليين. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته لكن الحكومة رفضت ذلك.
ويتلاءم هذا مع نمط يتبعه حكام البلاد فهم تلقائيا يحملون خصومهم في أحزاب المعارضة الإسلامية مسؤولية تأجيج العنف.
بل ذهبت داكا مؤخرا إلى ما هو أبعد من ذلك قائلة إنه لا وجود للدولة الإسلامية في بنجلادش. وحددت السلطات يوم الثلاثاء هوية المشتبه به الرئيسي في هجوم المقهى وهو تميم أحمد تشودري. ويقول محللون إنه الشخص نفسه الذي قال التنظيم المتشدد إنه زعيمه في بنجلادش ويعرف بالاسم المستعار الشيخ أبو إبراهيم الحنيف.
ولدى سؤاله عما إذا كان إعلان المسؤولين عن اسم تشودري يمثل اعترافا ضمنيا بوجود الدولة الإسلامية في بنجلادش رفض منير الإسلام رئيس وحدة مكافحة الإرهاب بشرطة داكا ذلك. وقال لرويترز "موقفنا واضح جدا... لا وجود للدولة الإسلامية داخل البلاد."
وبايع الكثير من منفذي الهجمات الفردية والجماعات التي تصف نفسها بأنها جهادية تنظيم الدولة الإسلامية في مختلف أنحاء العالم كما أفادت تقارير بأن 22 ألفا غادروا بلدانهم الأصلية ليقاتلوا لحساب التنظيم. لكن الخط الفاصل بين من بايعوا الدولة الإسلامية ويتحركون من تلقاء أنفسهم وبين هيكل القيادة والسيطرة للتنظيم المتشدد لا يكون واضحا في كثير من الأحيان.
ومنذ سنوات تنفي بنجلادش أن جماعات متشددة مثل القاعدة أو الدولة الإسلامية تمارس أنشطتها على أراضيها. لكن سلسلة هجمات وقعت في الآونة الأخيرة ونفذتها جماعات متفرقة ويصعب رصدها وإعلان مسلحين مبايعتهم للتنظيمين تظهر أن هذا الفصل لم يعد له معنى.
ونتيجة لذلك تواجه السلطات صعوبة في احتواء حملة متصاعدة يشنها متشددون في بلد يبلغ حجم صناعة الملابس فيه 28 مليار دولار سنويا ويقع بين جنوب وجنوب شرق آسيا وهما منطقتان بهما أكبر الشعوب المسلمة على مستوى العالم.
موجة قتل
يقول أنيمش رول الرئيس التنفيذي لجمعية دراسة السلام والصراع وهي مؤسسة بحثية إن الاهتمام بالخصوم القدامى يشتت الانتباه بعيدا عن مشكلة عالمية صاعدة.
وأضاف "ما زالوا يوجهون قدرا من التركيز أكبر من اللازم إلى التنظيمات المتشددة الموجودة بالفعل ولم يدركوا أن مسوخ تنظيم الدولة الإسلامية أو تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية يصطادون في الماء العكر ويحققون نجاحا إلى حد كبير عبر استقطاب شبان من قواعد المتطرفين."
وقال رول الذي وضع دراسة عن تهديد المتشددين في بنجلادش نشرها في مايو أيار مركز مكافحة الإرهاب بالأكاديمية العسكرية في الولايات المتحدة إن هذا "خطأ جسيم".
وقال روهان جوناراتنا خبير الإرهاب الإقليمي من كلية راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة إن بحثه الذي شمل مقابلات في داكا مع مقاتلين محتجزين يظهر أن المتشددين في بنجلادش "تلقوا تمويلا وتعليمات ومساعدة من الدولة الإسلامية."
وفي ظل تركيز لا يهدأ على الإسلاميين المتشددين اعترفت السلطات بأنها تواجه صعوبات في تعقب تحركات الأموال والأشخاص من الخارج.
واختفى ثلاثة من منفذي هجوم المقهى في داكا لشهور قبل الهجمات. ولدى سؤاله عما إذا كانت السلطات قد راجعت قوائم الركاب للتحقق مما إذا كانوا غادروا البلاد وهو خيط محتمل يمكن اقتفاؤه لتحديد من قد يكونون ساعدوا في تنفيذ المذبحة قال مسؤول بالشرطة تحدث بعد الهجوم بثلاثة أسابيع إن هذا لم يحدث."
وقال محمد مسعود الرحمن نائب مفوض شرطة العاصمة "لم نتحقق بعد لكن هذا سيتم."
صلات في سنغافورة
في مقابلات مع مسؤول كبير سابق بالبنك المركزي ومسؤول حكومي حالي مطلع على العمليات المصرفية لم يتمكن أي منهما من ذكر أمثلة على نجاح الهيئات في بنجلادش في تعقب عمليات تمويل خارجي لجماعات متشددة واعتراضها.
إنها مهمة شاقة فقد حول ملايين العاملين بالخارج نحو 15 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في يونيو حزيران 2016. وتحويلات العاملين بالخارج هي ثاني أكبر مصدر للعملة الأجنبية بعد تصدير الملابس.
ومن بين المغتربين ثمانية رجال من بنجلادش ألقي القبض عليهم في مارس آذار وأبريل نيسان في سنغافورة كونوا جماعة أطلقوا عليها اسم الدولة الإسلامية في بنجلادش.
وقالت وزارة الداخلية في سنغافورة إن معظمهم عمال بناء ولم يتمكنوا من الوصول إلى سوريا وكانوا يدخرون المال للعودة إلى بلادهم وتنفيذ هجمات. وزعيم المجموعة يعمل بشركة للمقاولات ويبلغ من العمر 31 عاما وتأثر بدعاية تنظيم الدولة الإسلامية على الإنترنت.
وكانت لديه قائمة من 13 فئة من الناس تحت عنوان "يجب قتلهم" شملت قوات الأمن والساسة والإعلاميين و"الكفرة" مثل الهندوس والمسيحيين.
وقالت وزارة الداخلية في سنغافورة إنه تم إلقاء القبض على مجموعة أخرى مكونة من 26 شخصا في البلاد في نوفمبر تشرين الثاني وديسمبر كانون الأول بعد أن كونوا "مجموعة دراسية" تؤيد فكر تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية.
وأضافت الوزارة أن أعضاء المجموعة "تلقوا تشجيعا للعودة إلى بنجلادش والجهاد المسلح ضد حكومة بنجلادش."
(إعداد دينا عادل للنشرة العربية - تحرير سها جادو)