من دومينيك إيفانز وجون دافيسون
بغداد/القيارة (رويترز) - قتل تنظيم الدولة الإسلامية 21 مدنيا بلا محاكمة في الموصل متهما إياهم بالتعاون مع القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة والتي تقول إن هجومها لاستعادة المدينة من التنظيم المتشدد حقق مزيدا من التقدم.
وتشير عمليات القتل التي أبلغ عنها مصدر طبي يوم الثلاثاء إلى أن الدولة الإسلامية ما زالت تحتفظ بقدرتها على حفظ النظام في الموصل بعد أكثر من أربعة أسابيع على بداية هجوم على المدينة الواقعة بشمال العراق.
والحملة التي بدأت في 17 أكتوبر تشرين الأول هي أكبر عملية عسكرية في العراق في أكثر من عشرة أعوام من الاضطرابات التي أطلقها الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
واخترقت قوات مكافحة الإرهاب دفاعات الدولة الإسلامية في شرق المدينة قبل أسبوعين لكنها تواجه مقاومة من المسلحين الذين ينشرون انتحاريين في سيارات ملغومة وقناصة ويشنون هجمات مضادة.
وتقاتل القوات في 12 من نحو 50 حيا في الجانب الشرقي من المدينة التي يقسمها نهر الفرات إلي قسمين.
في غضون ذلك قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن يوم الثلاثاء إن القوات العراقية طردت الدولة الإسلامية من ثلث الجانب الشرقي من المدينة.
كان معن يتحدث في مؤتمر صحفي مع مسؤولين عراقيين وضباط من التحالف الغربي الذي يدعمهم بغارات جوية وجنود على الأرض صفتهم الرسمية مستشارون.
وسُئل البريجادير جنرال الأسترالي روجر نوبل عن تعليقات معن فقال "ما يمكنني أن أصف الوضع به هو أنهم متقدمون بشكل جيد في الجانب الشرقي من المدينة."
وقال لرويترز في قاعدة القيارة العسكرية جنوبي الموصل وهي القاعدة الأساسية للحملة العسكرية "لم نقم بقياس النسبة بعد.
"عندما تدخلون المدينة ويكون العدو على النحو الذي هو عليه الآن ويوجد مدنيون .. تكون المعركة صعبة لكنها على المسار السليم بشكل أساسي."
ويقول مسؤولون عراقيون إن المسلحين يستخدمون أكثر من مليون ساكن بقوا في المدينة دروعا بشرية ويطلقون النار من أسطح المنازل المأهولة ويستخدمون شبكة من الأنفاق لنصب كمائن وسط المناطق السكنية.
قتل أسرع
في الوقت الذي أبطأ فيه وجود المدنيين وتيرة التقدم يقول مسؤولون عراقيون إن بعض عملياتهم لاقت دعما من معلومات قدمها سكان بشأن المواقع العسكرية للدولة الإسلامية في المدينة.
وفي محاولة لوقف تدفق أي معلومات من الموصل شن مقاتلو التنظيم حملة على الاتصالات وحظروا استخدام الهواتف المحمولة وصادروا الأطباق اللاقطة لبث القنوات الفضائية لمنع الناس من مشاهدة التقدم الذي أحرزته القوات العراقية.
وقال المصدر الطبي الذي شاهد قائمة تضم 21 اسما وأُطلع على الاتهامات التي وجهت لهم إن معظم الذين قتلوا في الأيام الثلاثة الماضية كانوا متهمين بالتعاون مع الجيش العراقي.
وأضاف المصدر أنه جرى إبلاغ إدارة الطب الشرعي بالمدينة بعمليات القتل تلك لكن لم تظهر جثث هذه المرة على عكس الأسبوع الماضي عندما عُلقت 20 جثة في شتى أنحاء الموصل في تحذير علني من مساعدة الجيش.
وبسط المسلحون الذين يحكمون الموصل منذ اجتاحوا شمال العراق قبل عامين سلطتهم بقسوة في أنحاء المدينة إذ سحقوا المعارضة وقتلوا الخصوم وأجبروا الناس على اتباع تفسيرهم المتشدد للشريعة الإسلامية.
ويقول سكان إن معظم الضحايا يجري التخلص من جثثهم بإلقائها في مقابر جماعية خارج الموصل لأن تنظيم الدولة يعتبر خصومه كفارا لا يستحقون أن يُدفنوا وفقا للشرع. ولا تعلم العائلات مصير أبنائها إلا من خلال قوائم تُسلم للمسعفين في المشرحة.
وقبل بدء الحملة العسكرية كان الناس الذين تعتقلهم الدولة الإسلامية في الموصل يُستجوبون لأشهر. وقال المصدر إنهم يُحتجزون الآن لفترة قصيرة لا تتجاوز أسبوعين قبل الإفراج عنهم أو قتلهم سواء بإطلاق النار عليهم أو بذبحهم أو بطرق أخرى.
"مقتل المئات" على الجبهة الجنوبية
تأتي عمليات القتل تلك بينما تقاتل قوات مكافحة الإرهاب العراقية لتوسيع موطئ قدمها في الأحياء الشرقية من المدينة.
وتشير تقديرات الجيش العراقي إلى أن عدد مقاتلي الدولة الإسلامية في المدينة يتراوح بين خمسة وستة آلاف مقاتل. ويواجهون تحالفا من 100 ألف فرد من قوات الجيش وقوات الأمن والبشمركة الكردية وفصائل شيعية يكادون يطوقون المدينة.
وقال معن المتحدث باسم وزارة الداخلية إن 955 مقاتلا من التنظيم لقوا حتفهم حتى الآن وأسر 108 على الجبهة الجنوبية وحدها.
ولم يعط رقما إجماليا لقتلى الحملة سواء من قوات الأمن أو من المدنيين أو من مقاتلي الدولة الإسلامية.
وفي بيان على الإنترنت قالت الدولة الإسلامية إنها قتلت 412 من قوات الحكومة العراقية والمقاتلين الأكراد خلال الأسبوع الرابع من المعركة.
وعلى الجبهة الجنوبية قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن جنودا عراقيين وأفراد فصائل مسلحة ومدنيين قاموا بالتمثيل بجثث مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية.
وأضافت أن جثث خمسة على الأقل من مقاتلي الدولة الإسلامية جرى التمثيل بها في حين أعدم أحد المقاتلين بعد استسلامه في الثالث من أكتوبر تشرين الأول عندما صد الجيش ومقاتلو عشائر سنية هجوما على القيارة.
وتحاول القوات الحكومية العراقية بدعم جوي وبري من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تعزيز المكاسب التي حققتها بشرق المدينة التي دخلتها في أواخر أكتوبر تشرين الأول.
ولم تدخل القوات بعد الأحياء الشمالية أو الجنوبية للموصل.
ويدعمها المقاتلون الأكراد في الجبهتين الشرقية والشمالية في حين تقاتل قوات الحشد الشعبي الشيعية المدعومة من إيران الدولة الإسلامية غربي المدينة.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 56 ألف شخص نزحوا نتيجة القتال من قرى وبلدات حول المدينة إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة.
ولا يشمل هذا الرقم عشرات الآلاف من قرى حول الموصل أجبرهم التنظيم على مرافقة مقاتليه لتغطية انسحابهم صوب المدينة.
(إعداد علي خفاجي للنشرة العربية- تحرير مصطفى صالح)