من أنجوس ماكدوال
الرياض (رويترز) - يجتمع العاهل السعودي الملك سلمان مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في واشنطن يوم الجمعة بهدف مطالبته بتقديم مزيد من الدعم لمساعي الرياض في التصدي لإيران بعد أن وافقت على اتفاق نووي سيخفف على طهران بعض الضغوط الدولية.
ورغم خيبة أمل السعودية من مساعي أوباما لإبرام الاتفاق النووي مع إيران وعدم تحركه بشكل مباشر ضد الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا فإن الدور الأمريكي في حرب الرياض باليمن يظهر أن واشنطن لا تزال الحليف الاستراتيجي الأساسي للمملكة.
وقال جمال خاشقجي رئيس قناة العرب الإخبارية التي يملكها الأمير السعودي الوليد بن طلال "العلاقة تدخل مرحلة جديدة. لا تزال شراكة لكن السعودية تصبح أكثر استقلالا وأعتقد أن الأمريكيين يعجبهم ذلك. هم لا يعارضون سياستنا الخارجية النشطة لكنهم يتعاونون معنا على هذه الجبهة."
وعانت العلاقة وهي دعامة أساسية للتوازن الأمني في الشرق الأوسط من اضطرابات منذ ان انتقدت الرياض ما اعتبرته انسحاب أوباما من المنطقة وما رأت أنه ميل لإيران منذ انتفاضات الربيع العربي في 2011.
ومنذ تولى الملك سلمان السلطة في يناير كانون الثاني تخلى عن اعتماد الرياض التقليدي على واشنطن لتحمل العبء الأكبر في الحفاظ على أمن الشرق الأوسط. وخاض بدلا من ذلك حربا في اليمن وعزز الدعم لمعارضين للأسد في سوريا.
وأظهر ذلك تزايد احساس الرياض بالاستقلال واستعدادها للعمل مع حلفاء في المنطقة بدلا من واشنطن لكنه نهج أكثر عملية في العلاقات مع الولايات المتحدة.
وعلى النقيض من مراحل سابقة في العلاقة يبدو أن التعاون الآن محدود ويقتصر على الحالات التي تتداخل فيها المصالح بشكل مباشر أو على الدعم في مجال مقابل آخر.
ويحرص أوباما على أن يلعب حلفاء واشنطن دورا أكبر في قضايا أمن المنطقة في إطار مساعيه لتقليص التدخل الأمريكي في الكثير من صراعات الشرق الأوسط التي يصعب تسويتها.
وقال جيف بريسكوت مدير قسم إيران والعراق وسوريا والخليج بمجلس الأمن القومي الأمريكي للصحفيين يوم الأربعاء إن واشنطن "تتطلع لدعم جهود السعودية لبناء قدراتها الخاصة وتعزيز كفاءتها للتحرك."
*الخلاف النووي
لعل أوضح دليل على هذا التحول في العلاقة هو اليمن حيث شكلت الرياض تحالفا من عشر دول عربية يشن ضربات جوية ضد جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في مارس آذار ضمن حملة تعتمد بشكل كبير على المساعدات العسكرية الأمريكية.
وبينما تحدث مسؤولون أمريكيون عن ضرورة أن تبذل الرياض مزيدا من الجهود لتفادي سقوط قتلى أو مصابين مدنيين فإن دور واشنطن في تسريع وتيرة تسليم الأسلحة وكذلك جمع المعلومات وتقديم المساعدات اللوجستية كان لا غنى عنه للمجهود الحربي السعودي.
ويعتبر كثير من السعوديين هذا الدعم المادي الأمريكي لحرب اليمن جزءا من مساعي أوباما لطمأنة المملكة وحلفائها الخليجيين بأن الاتفاق النووي مع إيران لا يعني أن واشنطن ستسمح لطهران بالهيمنة على الشرق الأوسط.
والرياض على قناعة بأن إيران عازمة على تحقيق الهيمنة في المنطقة من خلال فصائل مسلحة تعمل بالوكالة عنها في لبنان وسوريا والعراق واليمن ومن ثم زعزعة استقرار المنطقة برمتها وتقويض استقرار المملكة نفسها.
لكن واشنطن رغم انتقادها لدور إيران في المنطقة لا ترى الأمر بمثل هذه الخطورة.
ويخشى السعوديون أنه بتخفيف العقوبات على إيران فسوف يتيح الاتفاق النووي لطهران الحصول على مزيد من الأموال والحرية السياسية لدعم وكلائها مثل حزب الله في لبنان والفصائل الشيعية في العراق إلى جانب الحوثيين في اليمن.
وقال خاشقجي "السعودية تشعر بقلق بشأن القضايا الراهنة في المنطقة أكبر بكثير من الخطر الافتراضي لقنبلة إيرانية. ينبغي ألا تحصل واشنطن على دعم دون قيود للاتفاق النووي ما لم تتعامل بشكل أكبر مع مخاوف السعودية في المنطقة."
وصاحب رد الفعل العلني للرياض على الاتفاق - الذي كان مزيجا من الاشادة الفاترة وربط نجاح الاتفاق بعمليات تفتيش صارمة - تعبير مسؤولين سعوديين في جلسات خاصة عن مخاوفهم.
*الأزمة السورية
سيكون الاختبار الكبير المقبل للعلاقات بين البلدين على الأرجح في سوريا حيث كثيرا ما وصفت السعودية استخدام الأسد للضربات الجوية والقصف المدفعي على مناطق مدنية بأنه إبادة جماعية كما وصفت دعم إيران لفصائل هناك بأنه يصل إلى حد الاحتلال.
وبينما قال أوباما إنه لا يمكن أن يكون للأسد دور في مستقبل سوريا فإن اهتمامه الأكبر منصب على الخطر الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد.
وفي حين ساعدت الرياض في انضمام دول في المنطقة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الذي يشن ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا العام الماضي فإنها شعرت بخيبة أمل من الدور المحدود الذي لعبته واشنطن في تدريب وتسليح الجماعات المعارضة غير الجهادية.
ولمح بن رودس نائب مستشارة الأمن القومي الأمريكي في تصريحات لوسائل إعلام يوم الأربعاء إلى مخاوف واشنطن الخاصة من أن زيادة الدعم للمعارضة السورية قد يؤدي إلى تعزيز الجماعات المتطرفة دون قصد.
وقال "نريد أن نتأكد أننا عندما نعمل مع شركائنا في الخليج وتركيا.. أن لدينا رؤية مشتركة فيما يتعلق بأي جماعات معارضة تستحق دعمنا وبأننا نسعى لعزل العناصر المتشدة من المعارضة."
ويبدو أن السعودية إلى جانب قطر وتركيا عززت الدعم للجماعات المعارضة هذا العام وساعدتهم على تحقيق مكاسب ضد الأسد. وإذا نجحت حملتها في اليمن بمساعدة الأمريكيين فإن السعودية قد تواتيها جرأة أكبر لزيادة هذا الدعم.