من جيسيكا دوناتي
كابول (رويترز) - بعد سنوات من المساعدات الغربية في أفغانستان يرى كثيرون أن استخدام قطاعات من الطرق الجديدة هناك أمر محفوف بالمخاطر فيما لا يزال التوربين الذي يستخدم لتوليد احتياجاتها من الكهرباء مجرد أجزاء بينما تحولت 16 طائرة شحن تسلمتها القوات الجوية إلى خردة دون ان تحلق تقريبا.
ومنذ الإطاحة بحركة طالبان من حكم أفغانستان عام 2001 ظلت المساعدات الدولية الداعم الأساسي للاقتصاد الأفغاني. ويرى المانحون خاصة الولايات المتحدة نتائج كثيرة لمليارات الدولارات التي ضخوها في الدولة التي مزقتها الحروب.
لكن رغم كل هذا النجاح للمدن التي تنهض من وسط الانقاض وإقبال الصبية والفتيات على المدارس فإن هناك نماذج كثيرة لسوء انفاق المساعدات إذ لا يوجد اهتمام يذكر بأن تظل المشاريع قائمة على الأمد البعيد فور توقف ضخ الاموال.
وأشارت الوكالة الأمريكية للمعونة الدولية لرويترز إلى محمد نصير وهو مزارع في السبعينات من العمر كمثال على نجاحها في أفغانستان.
ويكسب نصير أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط الأجر الوطني الذي يبلغ نحو 650 دولارا في العام وذلك بفضل الأموال الأمريكية التي غطت معظم تكلفة التعريشات الخرسانية التي ينمو عليها محصوله من العنب قرب كابول.
لكن برنامج الوكالة الأمريكية مهدد بعدم الاستمرار فور انتهاء عمل الوكالة هذا الشهر وذلك حسب قول أحد المتعاقدين معها. وكانت الوكالة تأمل ان تستمر المباني -ذات التكلفة العالية والتي شيدت كي تبقى- بالموارد المحلية إلا انه لم يتم بعد التأقلم على التقنيات الجديدة.
وقال امان الله ساهاك المنسق الإقليمي لبرنامج التسوق الزراعي والبستنة التجارية "لا اعتقد انه سيكون من الممكن لهم (المزارعون) الاعتماد على أنفسهم."
* اخطاء مكلفة
وجرى انفاق أكثر من 100 مليار دولار على المساعدات في أفغانستان معظمها من الولايات المتحدة.
والتهمت تكلفة إعادة بناء قوات الأمن نحو ثلثي التمويل الأمريكي ولم يتبق سوى عشرات المليارات من الدولارات للمشروعات المدنية. وتقول المنظمة الأمريكية لمراقبة إعادة البناء إن هذه الأموال لم تنفق في الأغلب بشكل جيد.
وقال المفتش العام المختص باعادة إعمار أفغانستان "الأدلة تشير بقوة إلى أن أفغانستان تفتقر القدرة- المالية والتقنية والإدارية وغيرها- للحفاظ على ودعم وتنفيذ الكثير مما تم بنائه أو تأسس خلال اكثر من عقد من المساعدات الدولية."
وأدى الخطر الذي يمثله المتشددون إلى اعاقة التقدم. وبالنسبة لحالة نصير فإن التوجه من العاصمة إلى مزرعته وهي مسافة تقطعها السيارة في ساعة تعتبر رحلة محفوفة بالمخاطر بالنسبة للموظفين الأجانب العاملين لدى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وأصبحت المشكلة أكثر الحاحا مع انسحاب القوات الأجنبية من البلاد في نهاية العام وتراجع التمويل للبرامج وسط انهاك المانحين وكفاح الحكومة للتخلص من صورتها كواحدة من أكثر الحكومات فسادا في العالم.
وتركزت الجهود الرامية إلى وقف المساعدات عن البلاد على مشروعين بمليارات الدولارات لاستخلاص النحاس وخام الحديد. ولكن امام المشروعين سنوات قبل بدء الانتاج التجاري مما يقلل من فرص الحكومة لإعادة هيكلة الاقتصاد.
كانت أفغانستان تهدف إلى جمع نحو 30 في المئة من ميزانيتها لعام 2014 من الداخل لكنها بعيدة عن هدفها واضطرت إلى طلب إنقاذ مالي طارئ من المانحين في سبتمبر أيلول لدفع الرواتب.
ومنيت جهود المساعدة لأفغانستان وهي واحدة من أكبر جهود المساعدة في التاريخ باخفاقات مكلفة.
وأنفقت قرابة 500 مليون دولار على 20 طائرة نقل لسلاح الجو الأفغاني لكن معظمها دمر هذا العام وتم بيعه كخردة لأن القوات المسلحة لم تتمكن من استخدامها وإصلاحها.
ولا تزال امدادات الكهرباء في إقليم قندهار بجنوب أفغانستان -وهو نقطة ساخنة لجهود مكافحة التمرد- محدودة للغاية وتعتمد على المساعدات إذ لم يتم بعد تركيب توربين ثالث في سد كاجاكي لزيادة الانتاج.
وفي 2008 نقل مئات الجنود حلف شمال الأطلسي أجزاء التوربين إلى السد عبر أراض خطيرة تسيطر عليها حركة طالبان لكن لم يتم تجميع الأجزاء بعد.
* "القدرة البشرية"
وتقول الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إن الحكومة الأفغانية بقيادة الرئيس أشرف عبد الغني الذي تولى المنصب في سبتمبر أيلول يمكنها تحقيق التقدم مع رحيل القوات الأجنبية بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب.
وقال لاري سامبلر مسؤول أفغانستان وباكستان في الوكالة لرويترز مشيرا إلى تقدم تحقق في مجال التعليم "الأمر الذي تغير خلال 12 عاما هو أن الأفغان لديهم الآن قدرة بشرية لم تكن لديهم في السابق.
"ما يجب أن يفعله عبد الغني هو الاستفادة من القدرة البشرية."
لكن بعد مرور ثلاثة أشهر على توليه الرئاسة لم يعين الرئيس الأفغاني بعد وزراء حكومته ويتساءل البعض عن قدرته على تنفيذ وعوده بدفع الاقتصاد الذي انهار من متوسط نمو بلغ 9.4 في المئة بين عامي 2003 و2012 إلى 1.5 في المئة هذا العام وفقا للبنك الدولي.
ولم تهدر كل أموال المساعدات.
فقد ارتفع متوسط العمر المتوقع من 55 إلى 61 عاما بين 2001 و2012 مما يؤكد على تحسن الرعاية الصحية.
وارتفع عدد الاطفال المسجلين في المدارس إلى أكثر من تسعة ملايين طفل مقارنة بمليون إبان حكم طالبان. وتشير ارقام البنك الدولي إلى أن نصيب الفرد في الدخل ارتفع من 186 دولارا إلى 688 دولارا سنويا خلال العقد المنتهي عام 2012.
لكن المكاسب قد تتبدد إذ وصل عدد الضحايا المدنيين والعسكريين لهجمات طالبان إلى معدلات مرتفعة جديدة هذا العام فيما يقلص حلف شمال الأطلسي من وجوده مما يهدد استقرار وسلامة عمال الاغاثة.
وقال جون وات مدير شؤون أفغانستان في أوكسفام "من الواضح أن هناك المزيد من الأحداث وبعض الأحداث العنيفة وهناك المزيد من الجريمة وهناك المزيد من عمليات الخطف هذا العام مقارنة بالعام الماضي."
وأضاف أنه أتاح لطاقم العمل فرصة المغادرة بسبب المخاوف الأمنية وأن اثنين حزما حقائبهما على الفور.
(إعداد حسن عمار وياسمين حسين للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)