تونس (رويترز) - تحاول القوات الليبية تأمين مدينة سرت بعد أن طردت منها تنظيم الدولة الإسلامية الذي اتخذ منها معقلا في شمال أفريقيا وذلك في معركة استمرت قرابة سبعة أشهر.
* النشأة
استمال تنظيم الدولة الإسلامية جيوب تشدد كانت قائمة في ليبيا وأسس أول وجود رئيسي له في مدينة درنة الشرقية ذات التقاليد الإسلامية المحافظة.
كما استفاد من فراغ أمني ساد إثر الاضطرابات التي تلت انتفاضة 2011 ومن نزاع نشب عام 2014 بين تحالفات فضفاضة بين جماعات مسلحة موالية لفصائل متمركزة في طرابلس والشرق.
وفي أكتوبر تشرين الأول عام 2014 أعلنت جماعة أنصار الشريعة التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة وسيطرت على أغلب مدينة درنة مبايعتها تنظيم الدولة الإسلامية. وبايعت التنظيم أيضا عناصر من أنصار الشريعة في أجزاء أخرى في شرق ووسط ليبيا.
كما شكل جهاديون عادوا من الحرب في سوريا مع كتيبة البتار الليبية جزءا من نواة التنظيم المتشدد في ليبيا.
وأوفدت قيادة التنظيم في العراق مبعوثين كبارا إلى ليبيا بينهم القيادي السابق أبو نبيل الأنباري والداعية البحريني تركي بن علي والسعودي أبو حبيب الجزراوي.
* الانتشار الجغرافي
بدأ ظهور الجماعات المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية في عدد من المناطق بشرق ليبيا بينها بنغازي ثاني أكبر مدن البلاد وأجدابيا القريبة من بعض مرافئ تصدير النفط الليبي.
وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على سرت مسقط رأس معمر القذافي سيطرة كاملة أوائل عام 2015. ومد التنظيم بعد ذلك وجوده ليضم شريطا ساحليا يمتد نحو 250 كيلومترا على جانبي المدينة.
كما أرسى التنظيم وجودا له في أجزاء من الصحراء الواسعة بجنوب ليبيا وأنشأ خلايا نائمة في مراكز حضرية في مناطق بشمال غرب البلاد منها العاصمة طرابلس.
وأصبحت مدينة صبراتة الساحلية في أقصى الغرب مركزا مهما لعناصر التنظيم التونسية التي تخطط لهجمات في بلدها.
وفي مناطق كثيرة وجد التنظيم صعوبة في التوسع أو الاحتفاظ بأراض سيطر عليها. ففي درنة أخرجه إسلاميون منافسون ومعارضون آخرون من المدينة. وفي صبراتة استقطبت كتائب محلية بعض مقاتليه في فبراير شباط في أعقاب ضربة جوية أمريكية.
* القيادة
كثير ممن شغلوا مراكز كبرى في الفرع الليبي من التنظيم أجانب وقد جندوا عددا كبيرا من بلدان مثل تونس ومصر والسودان وذلك وفقا لمسؤولين بالأمن والمخابرات في مصراتة.
وتم إيفاد شخصيات بارزة من الشرق الأوسط منها العراقي وسام عبد الزبيدي المعروف بأبي نبيل الأنباري وهو مسؤول مخابرات سابق وأحد الولاة في تنظيم الدولة الإسلامية. وقد وصل إلى ليبيا عام 2014 لقيادة العمليات هناك وقتل في ضربة جوية أمريكية في درنة في نوفمبر تشرين الثاني 2015.
وفي مارس آذار أوردت صحيفة النبأ التابعة للتنظيم المتشدد اسم عبد القادر النجدي على أنه الزعيم الجديد. ويعتقد أن النجدي هو الاسم الجديد لأبي حبيب الجزراوي وهو سعودي كانت قيادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق قد أرسلته إلى ليبيا. وذكرت وسائل إعلام محلية أن تونسيا يدعى جلال الدين التونسي حل محله.
كما وضع التنظيم ليبيين بين قيادته في ليبيا سعيا لدحض فكرة أنه وارد الخارج. وقتل عدد من قياداته الليبية أثناء المعركة في سرت.
* الهجمات
من بين أولى الهجمات الكبرى التي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا مسؤوليته عنها هجوم مسلح على فندق كورنثيا في طرابلس في يناير كانون الثاني عام 2015 وقتل فيه تسعة أشخاص بينهم أجانب.
وفي الأسابيع التالية بث التنظيم تسجيلات مصورة لذبح عشرات من الأسرى المسيحيين من مصر وإريتريا وإعدامات جماعية بالرصاص في عمليات كان اثنان منها على الشاطئ.
وبدءا من فبراير شباط 2015 استهدف التنظيم أيضا منشآت نفطية في ليبيا مما تسبب في أضرار فادحة وزاد من انخفاض الإنتاج النفطي الذي يعتمد الاقتصاد الليبي على عائداته بشكل كبير. وفي يناير كانون الثاني 2016 ألحقت هجمات على ميناءي السدر وراس لانوف النفطيين أضرارا فادحة بصهاريج التخزين.
وفي الشهر عينه أسفر تفجير استهدف مجندين بالشرطة في بلدة زليتن بشمال غرب البلاد عن مقتل نحو 60 منهم وهو أكبر عدد من القتلى يسقط في هجوم واحد منذ انتفاضة 2011.
وفي أوائل مايو أيار تحرك التنظيم من سرت باتجاه مصراتة وسيطر لفترة قصيرة على بلدة أبو قرين الصغيرة وعدد من القرى بالمنطقة. وأطلق ذلك الهجوم شرارة هجوم مضاد تحول إلى حملة لاستعادة السيطرة على سرت.
* الحكم في سرت
مثلما حدث في سوريا والعراق.. أرسى التنظيم دويلة في سرت وتكفل بتسجيل الشركات والأعمال المحلية وجباية الضرائب منها وسيطر على المكاتب والخدمات العامة.
كما فرض التنظيم حكمه المتشدد على سكان سرت مما دفع كثيرين للفرار منها. ومنع التنظيم التدخين وأقفل محال الحلاقة وأجبر النساء والفتيات الصغيرات على ارتداء العباءات السوداء الفضفاضة في حين درب الصبية على القتال.
وكانت هناك أيضا عقابات علنية متكررة.. إذ كان المتشددون يقطعون أيدي السارقين ويعدمون بالرصاص من يتهمونه بالتجسس ويعلقون جثثهم في أماكن عامة لأيام.
(إعداد داليا نعمة للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود)