من نضال المغربي وعلي صوافتة
غزة/رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) - في الأول من سبتمبر أيلول اقتحم نحو ستة من أفراد الأمن التابعين لحركة حماس منزل محمد عثمان الصحفي الشاب المقيم في غزة الذي كتب عددا من التحقيقات الاستقصائية. صادر رجال الأمن جهازي كمبيوتر محمول وهاتفين واقتادا عثمان لاستجوابه.
بعد 24 ساعة عقب ما وصفه باستجواب مكثف أطلق سراح الشاب البالغ من العمر 29 عاما لكن ليس قبل أن يطلب منه أن يوقع على وثيقة يتعهد فيها بعدم انتقاد حماس أو قواتها الأمنية. وقال عثمان إنه رفض.
وقال عثمان لرويترز بعد يوم من إطلاق سراحه "كانوا يقولون لي أشياء بغرض تخويفي والتأثير علي" مشيرا إلى أنه تعرض للصفع أكثر من مرة.
وأضاف قائلا "لقد اكتشفت بأن الواقع أسوأ مما كنت أظن."
وقال مكتب الإعلام الحكومي في غزة الخاضع لإدارة حماس إن الأمن الداخلي اعتقل عثمان بناء على مذكرة أصدرها مكتب الإدعاء ونفى أن يكون تعرض لإساءة معاملة.
وقال سلام معروف رئيس المكتب في تصريح لرويترز "لدينا احترام كبير لحقوق الصحفيين في العمل بكل حرية وفي أن يكتبوا في كل المواضيع."
وأوضح قائلا "السياسة العامة تقوم على السماح للصحفيين بالعمل بحرية ودون أن تمس حقوقهم."
ورغم ذلك تقول جماعات تراقب الإعلام وحقوق الإنسان إن حرية الصحافة تتعرض لتهديدات في الضفة الغربية وقطاع غزة في ظل قلق حماس وحركة فتح التي تدير الضفة الغربية من الصحفيين والمدونين الذين يميلون للانتقاد أو يسعون لفضح الممارسات الخاطئة.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير الشهر الماضي "(إنهم) يعتقلون ويسيئون معاملة ويوجهون تهما جنائية للصحفيين والنشطاء الذين يوجهون انتقادات سلمية للسلطات."
وجاء في التقرير "الحكومتان الفلسطينيتان اللتان تعملان بشكل منفصل استخدمتا على ما يبدو طرقا مشابهة في المضايقة والترهيب والانتهاك البدني لأي شخص يجرأ على الانتقاد."
وذكرت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان أن 24 شخصا في الضفة الغربية و21 في قطاع غزة اعتقلوا في 2015 لانتقاد السلطات الفلسطينية أو كتابة مقالات عن موضوعات ممنوعة.
* التضييق على الإعلام
يقول صحفيون فلسطينيون مخضرمون إن الموقف يزداد سوءا. وظل خوفهم الأكبر طوال سنين الجيش الإسرائيلي الذي احتل الضفة الغربية في عام 1967 وأغلق في العام الماضي محطتين إذاعيتين في الخليل. لكن الخوف الآن من التضييق الذي تمارسه السلطات الفلسطينية على الإعلام.
وقال عماد سعادة (50 عاما) الذي يعمل في جريدة القدس اليومية منذ نحو 25 عاما "كان الأمل معقودا على انتعاش الحريات الإعلامية. لكن الانتهاكات والتضييق على حرية الصحافة تواصل بشكل أو بآخر، وبذلك أصبحت الصحافة تعاني من تهدي مزدوج في آن واحد الاحتلال والسلطة."
ويقول صحفيون إن النتيجة هي قدر متزايد من الرقابة الذاتية. وفي ظل اعتقال صحفيين ومدونين لأسابيع وتعرض بعضهم إلى أذى بدني يفكر غيرهم أكثر من مرة بشأن ما سيكتبون.
وقال فتحي صباح مراسل صحيفة الحياة اللندنية في غزة "أصبح الرقيب الذاتي كرجل أمن يجلس في عقل الصحفي يقول له ما يكتب وما لا يكتب. أصبح هناك حيطة وحذر لدي الكثير من الصحفيين والمدونين."
وفي غزة التي تعاني من حصار تفرضه إسرائيل ومصر منذ نحو عشرة أعوام يقول صحفيون إن حماس باتت أكثر تململا من الانتقادات منذ سيطرتها الكاملة على القطاع في 2007.
وفي الضفة الغربية تقول جماعات حقوقية إن المضايقات ضد صحفيين أكثر عددا. واعتقل رغيد طبيسة الصحفي البالغ من العمر 23 عاما بشبكة القدس الإخبارية وشبكة فلسطين بوست 18 يوما الشهر الماضي بعد وقت قصير من نشره تقريرا بشأن انقطاع الكهرباء في قلقيلية.
وقال طبيسة إنه احتجز في زنزانة انفرادية معظم الفترة المذكورة وخضع لاستجواب دام ثلاث ساعات فقط. وعند سؤاله كيف أثر ذلك على عمله رد قائلا "التأثير إما بكون إن الواحد يبطل يكتب أو بكون تأثيره عكسي بعطي الواحد دافع للإنسان بما انه مؤمن بما يقوم به."
وعند سؤاله بشأن احتجاز صحفيين في الضفة الغربية نفى عدنان الضميري المتحدث باسم الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وجود أي مساع للتضييق على الانتقادات.
وقال الضميري " لا يوجد لدينا سياسة ملاحقة أو انتهاك لحرية الإعلام في البلد."
وتابع قائلا "في حال وجود أي انتهاك الذي نؤكد أنه على الصحفي أن يتقدم بشكوى إما ضد جهاز الأمن الذي كان معتقلا لديه أو حتى بشكل شخصي على رجل الأمن الذي مارس الانتهاك بحقه."
(إعداد معاذ عبد العزيز للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)