باريس/نيس (فرنسا) (رويترز) - أحاطت صيحات الاستهجان بالساسة الفرنسيين خلال تأبين ضحايا هجوم الشاحنة في مدينة نيس الساحلية بجنوب البلاد في الأسبوع الماضي بينما أظهرت استطلاعات الرأي تراجعا كبيرا في الثقة في قدرة حكومة الرئيس فرانسوا أولوند على مكافحة الإرهاب.
وردد الكثير من الآلاف الذين تجمعوا في نيس قبل وبعد دقيقة الصمت على أرواح الضحايا هتافات تطالب رئيس الوزراء الاشتراكي مانويل فالس بالاستقالة. ودعا آخرون أيضا إلى استقالة الرئيس أولوند.
وأظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة (لو فيجارو) الفرنسية اليومية أن 33 في المئة ممن جرى استطلاعهم يثقون في قدرة القادة الحاليين على محاربة الإرهاب بعد أن كانت النسبة 50 في المئة على الأقل في أعقاب هجومين كبيرين في العام الماضي.
وقال أنتوني فرنانديز وهو أحد سكان نيس لتلفزيون رويترز "الحكومة تعدنا بأشياء لكن لا شيء ينفذ." وتساءل "ماذا فعلوا حتى الآن كي نشعر بالأمان؟ وبالتالي ماذا نتوقع؟ هل سننعي المزيد من القتلى كل ستة أشهر؟"
ويأتي أحدث استطلاع للرأي في مرحلة سارع فيها المعارضون السياسيون إلى التخلي عن التحفظ الأولي الذي عادة ما يسود في مثل هذه المواقف وأطلقوا انتقادات حادة لحكومة أولوند مع أقل من سنة على حلول موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي يخوض المنافسة في الانتخابات التمهيدية لأحزاب يمين الوسط في نوفمبر تشرين الثاني لانتقاء مرشحها الرئاسي إن حكومة أولوند لم تفعل كل ما بوسعها.
وقال لمحطة "تي.إف1" التلفزيونية الفرنسية "أعرف أنه لا يوجد شيء اسمه صفر مخاطر. وأعرف تماما أننا لا نمزق بعضنا بعضا إربا قبل دفن الضحايا لكنني أريد أن أقول - لأنها الحقيقة - أن كل ما كان ينبغي القيام به في الأشهر 18 الماضية لم يتم."
وقاد محمد لحويج بوهلال الذي يعمل في خدمة التوصيل يوم الخميس شاحنة تزن 19 طنا وانطلق بها صوب حشد كان يحتفل بالعيد الوطني لفرنسا ليقتل 84 شخصا ويدخل البلاد من جديد في دوامة الحزن والخوف وتبادل الاتهامات السياسية.
* السياسة تحت المجهر
وردت الحكومة على خصومها باستنكار إقدامهم على شق الصف بهذه السرعة عوضا عن رصها في مواجهة الأزمة الوطنية.
واتهم وزير الداخلية برنار كازنوف قبل دقيقة الصمت تحية لأرواح الضحايا في أرجاء البلاد معارضي الحكومة بتشتيت الصفوف بطريقة غير لائقة.
وقال "لقد شهدنا إطلاق الخطب الحماسية على الفور وشخصيا هذا الأمر محزن ومثير للصدمة.. هذا لا يليق في ظل الوضع الراهن."
وندد الناخبون أيضا بالافتقار إلى ضبط النفس بين الساسة في الوقت الذي لم يدفن فيه الكثير من ضحايا الهجوم أو لم تحدد هويتهم.
وقال ستيفان بيبيرت الذي حضر مراسم التأبين "كنت أود أن يتحلى السياسيون بالأخلاق بينما كانت الجثث لا تزال ملقاة في مكان الاحتفال (بالعيد الوطني) لا البدء بتبادل الاتهامات."
وفي الوقت الذي كانت فيه الحشود تتدفق إلى ساحة الجريمة تحية لأرواح الضحايا كانت الشرطة تتابع تحقيقاتها التي أسفرت عن اعتقال بين أربعة وستة أشخاص بعد الهجوم مباشرة ونقلهم في وقت مبكر يوم الاثنين للاستجواب في مقر دائرة مكافحة الإرهاب في الطرف الغربي من باريس.
وبثّت المشاحنات اللفظية بين السياسيين أجواء تتناقض بشكل صارخ في سرعة إطلاقها وحدتها مع الوضع الذي ساد فرنسا في أعقاب الهجوم على باريس في نوفمبر تشرين الثاني وفي يناير كانون الثاني 2015 على مجلة تشارلي إبدو الذي تلاه تظاهرة شارك فيها قادة من أنحاء العالم وأربعة ملايين شخص.
(إعداد داليا نعمة للنشرة العربية - تحرير حسن عمار)