من سيف الدين حمدان
القاهرة (رويترز) - إذا أردنا تبسيطا مخلا للغاية لقلنا إنه كتاب عن التصوير.. هذا هو كل شيء. وربما لو واصلنا عرضه من هذا المنظور لبادر قارئ هذا العرض إلى أن ينصرف إلى قراءة أي مادة أخرى.
بأسلوب رشيق جذاب يأخذنا ياسر علوان المصور الفنان بين مزالق التفاصيل الفنية الدقيقة لهذا العالم حريصا على أن يظل ممسكا بقارئه من يده ليصل به إلى نهاية رحلة ممتعة للغاية في عالم بدا لي بعد هذه الرحلة بصورة مغايرة تماما للتصور الذي كان عندي قبلها.
كتاب شديد الأناقة عنوانه: مرآة أم نافذة: كيف تفك شفرة الصورة الفوتوغرافية صادر عن دار المروج في القاهرة قبل نحو شهر يقع في 138 صفحة من القطع الصغير ويتألف من أربعة فصول.
يبدأ علوان الذي يدرّس التصوير في الجامعة الألمانية في القاهرة في التمهيد للكتاب بالحديث عما دعاه لكتابته.
"لقد كانت كل قراءاتي بالإنجليزية والفرنسية حيث توجد آلاف الكتب العلمية والفنية والنقدية والتاريخية والتقنية عن الفوتوغرافيا مقارنة بمكتبة عربية فقيرة جرداء في المجال نفسه."
يرى علوان أننا نرى ما تعكسه الصورة وننسى الصورة ذاتها "وفي كل مرة ننظر فيها إلى الصورة الفوتوغرافية نجد أنفسنا نتحدث فقط عما تعكسه في حين نتجاهل الصورة كوسيط".
يستعرض الكاتب أنواع التصوير الفوتوغرافي فيقول إنها تنقسم إلى ثلاثة أنواع: التصوير الصحفي والتصوير التوثيقي والتصوير الحديث.
في التصوير الصحفي يرصد الكاتب في الجرائد الرسمية محاولات لنفي حدوث مظاهرات أو اعتصامات في الأيام الأولى لثورة يناير 2011 ورأينا أيضا مواجهة الخطاب الرسمي بالصور والفيديوهات التي حمّلها شباب مصر على الإنترنت.
ويعتبر علوان أن ظهور رواية منافسة قوية للرواية الرسمية أدى إلى تحول إيجابي في موقف الشعب المصري من الصورة الفوتوغرافية ولو في مجال الصحافة والإعلام فقط.
ويعود الكاتب هنا بنظرة سريعة للماضي لرصد مكانة هذا النوع من الإعلام لدى المتلقين فيقول إننا تعودنا في القرن الحادي والعشرين أن نشاهد أحداث العالم مباشرة على الهواء من خلال الأطباق اللاقطة والأقمار الصناعية.
لكن علوان يشير إلى حقيقة مدهشة أن تصوير الحروب بشكل منتظم بدأ منذ حرب القرم (1853-1855) حيث سافر روجر فنتون مع مساعده من بريطانيا إلى مدينة بالاكلافا على البحر الأسود بتكليف رسمي من حكومته التي كانت طرفا في الحرب لتصوير أحداثها حاملا معه كل مستلزمات التصوير بما فيها عربة يستخدمها كمخزن وكمعمل للتحميض.
ويضع الكاتب أمام القارئ أمثلة من حرب فيتنام من خلال صورتين شهيرتين الأولى لإعدام أسير مكبل بالأغلال برصاص قائد الشرطة المتحالفة مع الجيش الأمريكي والثانية صورة أطفال يهربون من قصف أمريكي بينهم طفلة عارية احترقت ملابسها بقنابل النابالم.
يناقش ياسر علوان ماهية الصورة الفوتوغرافية فيقول إنها من صنع الإنسان "ولكي نفهمها من الضروري أن نسأل كيف وصل المصور إلى المشهد الذي صوره ولماذا؟ وما هي الوسيلة التي نقلت لنا الصورة؟ مع الإجابة على مثل هذه الأسئلة نبدأ في فهم أبعاد الصورة الصحفية. فمعناها لا ينفصل عن هذه الارتباطات."
يشير الكاتب- وهو أمريكي من أصل عراقي- إلى أن هناك أرشيفات ضخمة من الصور لحرب فيتنام في وكالات الأنباء ولدى الحكومة الأمريكية وربما أطراف أخرى ولكن ليس هناك "على حد عل
من سيف الدين حمدان
القاهرة (رويترز) - إذا أردنا تبسيطا مخلا للغاية لقلنا إنه كتاب عن التصوير.. هذا هو كل شيء. وربما لو واصلنا عرضه من هذا المنظور لبادر قارئ هذا العرض إلى أن ينصرف إلى قراءة أي مادة أخرى.
بأسلوب رشيق جذاب يأخذنا ياسر علوان المصور الفنان بين مزالق التفاصيل الفنية الدقيقة لهذا العالم حريصا على أن يظل ممسكا بقارئه من يده ليصل به إلى نهاية رحلة ممتعة للغاية في عالم بدا لي بعد هذه الرحلة بصورة مغايرة تماما للتصور الذي كان عندي قبلها.
كتاب شديد الأناقة عنوانه: مرآة أم نافذة: كيف تفك شفرة الصورة الفوتوغرافية صادر عن دار المروج في القاهرة قبل نحو شهر يقع في 138 صفحة من القطع الصغير ويتألف من أربعة فصول.
يبدأ علوان الذي يدرّس التصوير في الجامعة الألمانية في القاهرة في التمهيد للكتاب بالحديث عما دعاه لكتابته.
"لقد كانت كل قراءاتي بالإنجليزية والفرنسية حيث توجد آلاف الكتب العلمية والفنية والنقدية والتاريخية والتقنية عن الفوتوغرافيا مقارنة بمكتبة عربية فقيرة جرداء في المجال نفسه."
يرى علوان أننا نرى ما تعكسه الصورة وننسى الصورة ذاتها "وفي كل مرة ننظر فيها إلى الصورة الفوتوغرافية نجد أنفسنا نتحدث فقط عما تعكسه في حين نتجاهل الصورة كوسيط".
يستعرض الكاتب أنواع التصوير الفوتوغرافي فيقول إنها تنقسم إلى ثلاثة أنواع: التصوير الصحفي والتصوير التوثيقي والتصوير الحديث.
في التصوير الصحفي يرصد الكاتب في الجرائد الرسمية محاولات لنفي حدوث مظاهرات أو اعتصامات في الأيام الأولى لثورة يناير 2011 ورأينا أيضا مواجهة الخطاب الرسمي بالصور والفيديوهات التي حمّلها شباب مصر على الإنترنت.
ويعتبر علوان أن ظهور رواية منافسة قوية للرواية الرسمية أدى إلى تحول إيجابي في موقف الشعب المصري من الصورة الفوتوغرافية ولو في مجال الصحافة والإعلام فقط.
ويعود الكاتب هنا بنظرة سريعة للماضي لرصد مكانة هذا النوع من الإعلام لدى المتلقين فيقول إننا تعودنا في القرن الحادي والعشرين أن نشاهد أحداث العالم مباشرة على الهواء من خلال الأطباق اللاقطة والأقمار الصناعية.
لكن علوان يشير إلى حقيقة مدهشة أن تصوير الحروب بشكل منتظم بدأ منذ حرب القرم (1853-1855) حيث سافر روجر فنتون مع مساعده من بريطانيا إلى مدينة بالاكلافا على البحر الأسود بتكليف رسمي من حكومته التي كانت طرفا في الحرب لتصوير أحداثها حاملا معه كل مستلزمات التصوير بما فيها عربة يستخدمها كمخزن وكمعمل للتحميض.
ويضع الكاتب أمام القارئ أمثلة من حرب فيتنام من خلال صورتين شهيرتين الأولى لإعدام أسير مكبل بالأغلال برصاص قائد الشرطة المتحالفة مع الجيش الأمريكي والثانية صورة أطفال يهربون من قصف أمريكي بينهم طفلة عارية احترقت ملابسها بقنابل النابالم.
يناقش ياسر علوان ماهية الصورة الفوتوغرافية فيقول إنها من صنع الإنسان "ولكي نفهمها من الضروري أن نسأل كيف وصل المصور إلى المشهد الذي صوره ولماذا؟ وما هي الوسيلة التي نقلت لنا الصورة؟ مع الإجابة على مثل هذه الأسئلة نبدأ في فهم أبعاد الصورة الصحفية. فمعناها لا ينفصل عن هذه الارتباطات."
يشير الكاتب- وهو أمريكي من أصل عراقي- إلى أن هناك أرشيفات ضخمة من الصور لحرب فيتنام في وكالات الأنباء ولدى الحكومة الأمريكية وربما أطراف أخرى ولكن ليس هناك "على حد علاب فيه رؤية الشيخ الإمام محمد عبده للصور والتماثيل وفوائدها وحكمها.
كتاب.. مدهش في بساطته وفي عمقه يستفيد منه المتخصص وغير المتخصص، ففيه خلاصة خبرة هذا المصور المتمرس في قالب سردي بسيط يخلو من أي ملل، لا سيما وأنه صغير الحجم وفيه كثير من الصور ويمكن أن يكون رفيقا ممتعا في رحلة، ويمكن في الوقت ذاته استخدامه كمرجع علمي دقيق. فالكتاب يورد كل المراجع التي استند إليها وكل الصور التي يشير إليها في أقسامه المختلفة.