من محمود رضا مراد وهيثم أحمد
القاهرة (رويترز) - قالت مصادر قضائية ومحام إن محكمة مصرية قضت يوم الثلاثاء ببطلان اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية تضمنت نقل تبعية جزيرتين بالبحر الأحمر للمملكة.
وأثارت الاتفاقية التي وقعها البلدان في أبريل نيسان على هامش زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة احتجاجات كبيرة في مصر وسط اتهامات من جماعات معارضة للحكومة بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير مقابل استمرار المساعدات السعودية.
وقالت المصادر إن دائرة الحقوق والحريات بمحكمة القضاء الإداري برئاسة القاضي يحيى الدكروري "قضت بقبول دعوى تطالب ببطلان الاتفاقية". لكنها أضافت أنه يحق لهيئة قضايا الدولة أن تطعن على الحكم بالنيابة عن الحكومة أمام المحكمة الإدارية العليا التي تصدر أحكاما نهائية.
وقال القاضي في حكمه الذي أذاعته قنوات تلفزيونية إن المحكمة قضت "بقبول الدعوى شكلا وبطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في أبريل 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية."
وأضاف أن الحكم تضمن أيضا بطلان "ما ترتب على ذلك من آثار أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما وحظر تغيير وضعهما بأي شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى."
وقال مجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب في بيان إن "الحكومة المصرية تحترم الأحكام القضائية انطلاقا من مبدأ سيادة القانون الذي هو أساس الحكم في الدولة."
وفي وقت لاحق قال مجلس الوزراء في بيان إن هيئة قضايا الدولة "قامت بالطعن" على الحكم.
وقال خالد علي وهو أحد المحامين الذين رفعوا الدعوى أمام القضاء الإداري لرويترز "حكم اليوم حكم تاريخي بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهو أهم وأقوى حكم في تاريخ مجلس الدولة (القضاء الإداري) في مواجهة السلطة التنفيذية."
وعن طعن الحكومة على الحكم قال "كان متوقع أنهم يعملوا هذا الأمر وأن كنت لا أتمنى ألا يفعلوا ذلك.. لأن كل ما تفعله الحكومة حاليا سيكون في صالح السعودية إذا ما لجأت للتحكيم الدولي لأن في النهاية هذا اعتراف من الحكومة."
وكانت الحكومة المصرية قد دافعت عن الاتفاقية وقالت إن الجزيرتين الواقعتين عند مدخل ميناء العقبة كانتا تخضعان فقط للحماية المصرية منذ عام 1950 بناء على طلب من الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية.
وقالت أيضا إن توقيع الاتفاقية "إنجاز هام من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما بما توفره من ثروات وموارد تعود بالمنفعة الاقتصادية عليهما."
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن المحكمة قالت في أسباب حكمها الصادر يوم الثلاثاء إنه "ولما كان الدستور في الفقرة الأخيرة من المادة 151 قد حظر على السلطة التنفيذية إبرام اتفاقيات من شأنها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة فإن قيام الحكومة المصرية بالتوقيع على ذلك الاتفاق لا يعد عملا من أعمال السيادة وإنما هو عمل من أعمال الإدارة مما يختص القضاء بنظر الطعن عليه التزاما بحكم المادة 97 من الدستور والذي حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء."
وأضافت المحكمة أن جزيرتي تيران وصنافير والجزر المصرية في خليج السويس والبحر الأحمر "ارتبطت.. بمصر ارتباط الجزء بالكل."
وأقر مجلس الشورى السعودي الاتفاقية بالإجماع يوم 25 أبريل نيسان لكن لم يصدق عليها البرلمان المصري حتى الآن. وقالت مصر إن الاتفاقية لن تصبح نهائية إلا بعد موافقة مجلس النواب.
ويمثل الحكم ضربة لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي طالب المصريين في أحد خطاباته بالكف عن الحديث في مسألة الجزيرتين قائلا: "أنا مصري شريف لا أباع ولا أشترى... نخاف على كل ذرة رمل."
وقدمت السعودية ودول خليجية أخرى مليارات الدولارات لمصر عقب إعلان السيسي حين كان وزيرا للدفاع عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013 إثر احتجاجات حاشدة على حكمة.
واستمر هذا الدعم عقب انتخاب السيسي رئيسا عام 2014.
ورغم أهمية هذه المساعدات بالنسبة للمصريين الطامحين لإصلاح وإنعاش اقتصادهم المتدهور جراء سنوات من الاضطرابات السياسية اعتبر كثير منهم نقل تبعية الجزيرتين مسألة "كرامة وطنية". وشارك آلاف منهم في احتجاجات في أبريل نيسان تطالب "بإسقاط النظام" وهو الهتاف الذي استخدموه في انتفاضة 2011 التي أطاحت بحكم حسني مبارك.
وقال الكثير من المصريين إنهم تعلموا في المدارس أن جزيرتي تيران وصنافير مصريتان.
وألقي القبض على أكثر من 200 شخص وحوكموا بتهمة التظاهر دون تصريح لكن برئ الكثير منهم أو خففت عقوبتهم إلى الغرامة المالية فقط.
(شارك في التغطية الصحفية للنشرة العربية علي عبد العاطي وأحمد طلبة- تحرير سيف الدين حمدان)