من أحمد أبو العينين
القاهرة (رويترز) - تجمع 300 شخص في ميدان التحرير بوسط القاهرة يوم الاثنين لا ليحتفلوا بالذين دعوا وحثوا الناس على المشاركة في الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك قبل خمس سنوات ولكن للاحتفاء بالشرطة التي حاولت منعهم آنذاك.
وقال رفعت صبري (52 عاما) الذي وصف نفسه بأنه مهندس أدوات منزلية "جئت أحتفل مع اخواتنا وآبائنا وزملائنا في الشرطة والجيش الذين ضحوا من أجلنا بدمائهم وحياتهم."
وكان يضع على سترته دبوسا به صورة للرئيس عبد الفتاح السيسي وهو أحدث عسكري يتولى رئاسة البلاد والذي أدى التضييق الأمني الذي تمارسه سلطاته على النشطاء الشبان الذين قادوا انتفاضة 2011 والإسلاميين الذين جاءت بهم إلى السلطة إلى تبديد آمال هؤلاء النشطاء في عهد جديد من الحرية السياسية.
وكان أحد المتظاهرين يحمل لافتة مكتوب عليها "كمل يا ريس" في تحول عن شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" الذي هتفت به الحناجر خلال انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بزعماء دول من تونس لليمن في عام واحد.
وبعد خمس سنوات انزلقت بعض الدول التي عاشت الانتفاضات إلى حروب أو فوضى بينما عادت في دول أخرى أنظمة الحكم غير مستعدة لقبول الانتقاد.
وقال بيان لحركة 6 أبريل التي كانت في طليعة احتجاجات 2011 "بعد خمس سنوات منذ بدء الثورة المصرية العظيمة.. للأسف استطاعت الثورة المضادة أن تسيطر على الحكم مرة أخرى."
وأضاف البيان أن "الثورة لم تنته بعد وما زالت قائمة ومستمرة وما زالت أهدافها في قلوب جموع المصريين الذين دعموها من أجل وطن حر وقوي ومتقدم."
وبعدما كانت تعمل في الظل تصدرت جماعة الإخوان المسلمين وهي أقدم جماعة إسلامية في مصر أول انتخابات برلمانية نزيهة تشهدها البلاد بعد الانتفاضة. كما فاز مرشحها محمد مرسي بانتخابات الرئاسة التي جرت عام 2012.
وأعلن السيسي حين كان وزيرا للدفاع وقائدا عاما للجيش عزل مرسي في منتصف عام 2013 إثر احتجاجات حاشدة على حكمه المضطرب.
وفي الأسابيع التالية قتل المئات من مؤيدي مرسي في الشوارع وألقي القبض على آلاف آخرون في أدمى حملة قمع في تاريخ مصر الحديث.
ووجد نشطاء ليبراليون ويساريون ومن بينهم أشخاص أيدوا عزل مرسي في موقع متنافر مع القيادة الجديدة التي تعتبر حاليا أن الاحتجاجات الحاشدة على مرسي والتي انطلقت يوم 30 يونيو حزيران هي الثورة الحقيقية.
وسنت قوانين جديدة تقيد التظاهر ووسعت من سلطات المحاكم العسكرية. وفاز السيسي بالرئاسة بعد حصوله على نحو 98 بالمئة من أصوات الناخبين.
وقتل المئات من عناصر الشرطة والجيش في هجمات شنها متشددون إسلاميون منذ عزل مرسي عام 2013 ومن بينهم جماعة ولاية سيناء التي بايعت تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد وتنشط في شبه جزيرة سيناء.
وتنأى جماعة الإخوان المسلمين بنفسها عن هذه الهجمات وتقول إنها جماعة سياسية ملتزمة بالسلمية.
* لا آمال .. لا أحلام .. لا مخاوف
ولا توجد احتفالات رسمية بذكرى الانتفاضة على مبارك ولا يتوقع أن تندلع احتجاجات كبيرة خاصة بعد إلقاء قوات الأمن القبض على العديد من الأشخاص بدءا من القائمين على إدارة صفحات على فيسبوك وحتى الطلاب النشطاء. وأغلق الأمن أماكن فنية وثقافية ومقاه بوسط القاهرة خشية من أن يتجمع بها النشطاء.
وخصصت صحيفة اليوم السابع الخاصة صفحة لرسوم الكاريكاتير التي تسخر من حال الثورة والمجموعات المختلفة التي حاولت نسبها لنفسها بدءا من الإخوان المسلمين وحتى الشرطة.
ويصور أحد الرسوم شخصين يرتديان معطفين ويسيران تحت المطر ويسأل أحدهما الآخر في استنكار "هو ده الربيع العربي؟". ويصور رسم آخر عضوا مسنا بجماعة الإخوان وهو يخاطب شابا يجلس على رصيف وتبدو عليه مظاهر الإحباط قائلا "قوم بدل القعدة اعمل ثورة وأنا هساعدك وأركبها."
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن الشرطة فككت عبوة ناسفة في الإسكندرية وفرقت عددا من التجمعات المحدودة واعتقلت نحو 15 شخصا.
وقال مصدر أمني إن الشرطة قتلت شخصين في شقة بمدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة. وقال المصدر الأمني إن الشخصين كانا متهمين بقتل شرطي قبل أسابيع.
واعتقل كذلك ستة أشخاص في نفس المنطقة بعد المشاركة فيما وصفه المصدر الأمني باحتجاج لجماعة الإخوان المسلمين.
وفي المطرية وهي حي يمثل أحد معاقل الإخوان المسلمين في القاهرة تجمع شبان صغار للاحتفال بيوم الشرطة بعد ساعات من تفريق الشرطة احتجاجا للإخوان.
وفي خطابات ومقابلات من السجن حكى نشطاء رحلتهم من الأمل والحماس خلال الانتفاضة التي استمرت 18 يوما عام 2011 وصولا إلى معركتهم الجديدة ضد اليأس.
وكتب الناشط علاء عبد الفتاح الذي يقضي عقوبة السجن لخمس سنوات لمشاركته في احتجاج محدود في صحيفة الجارديان البريطانية يقول "ليس لدي ما أقوله: لا آمال.. لا أحلام.. لا مخاوف.. لا تحذيرات.. لا رؤى.. لا شيء.. لا شيء على الإطلاق."
وعودة إلى التحرير كان ضباط شرطة برتب كبيرة يوزعون منشورات مكتوب عليها الشرطة في خدمة الشعب.
وأغلقت الشوارع المؤدية لوزارة الداخلية بشاحنات تابعة للشرطة وحواجز. وطمست أغلب رسوم الجرافيتي على جدران شارع محمد محمود الذي شهد مواجهات دامية بين المحتجين والشرطة.
لكن لايزال يرى البعض أن هناك أملا.
وقالت الناشطة ماهينور المصري في خطاب من السجن "الثورة دائمة دوام الحياة والحلم."
(شارك في التغطية مصطفى هاشم- إعداد سامح البرديسي للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)