من ايستل شيربون
لندن (رويترز) - في المدارس غير الرسمية التي تديرها منظمة "كش ملك" في الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب السورية لا يخرج الأطفال إلى الفناء خلال الاستراحات خوفا من سقوط برميل متفجر على رؤوسم من السماء.
وتدير المنظمة سبع مدارس يعمل بها 110 مدرسين أغلبهم حديثو العهد بالمهنة وتخدم نحو ثلاثة آلاف تلميذ في المدينة المقسمة التي دمرتها الحرب.
وتشهد حلب التي كانت أكبر مدن سوريا قبل الحرب الأهلية قصفا مكثفا إذ يحاول الجيش السوري مدعوما بغارات جوية روسية تطويقها واستعادة السيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة والتي تضم نحو 350 ألف شخص.
وقالت مارسيل شحوارو المديرة التنفيذية لكش ملك إن مدارس المنظمة أغلقت بسبب عطلة ولم تفتح من جديد بسبب القصف المكثف في الأيام القليلة الماضية. وقالت إنها لا تعلم متى سيعاد فتحها لكنها لم تفقد الأمل.
وقالت في مقابلة مع رويترز "عندما تعمل في مجال التعليم تدرك أهمية أن يكون هناك جيل آخر وأن هذا الجيل يحتاج فرصة للتعليم."
وأضافت "نحن نفكر للأجل القصير. فلنتعامل مع الوضع كما هو الآن. إذا حوصرت حلب غدا سنجد حلا مبتكرا لمواجهة ذلك. الأمر يتعلق بالمقاومة."
وتحاول كش ملك إقامة مدارسها في أقبية محاطة بمبان عالية -تمثل أهدافا واضحة- لتوفر بعض الحماية من القصف الجوي.
وقالت شحوارو "أحيانا تشعر بالخجل من نفسك لأنك تختار أماكن سيقصف فيها آخرون وأنك محاط بحماية من منازلهم."
وشحوارو طبيبة أسنان سابقة تركت المهنة عام 2010 لتدرس العلوم السياسية وأصبحت بعد ذلك من أوائل المشاركين في الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد والتي تحولت إلى حرب أهلية حصدت أرواح 250 ألف شخص على الأقل في مختلف أرجاء سوريا ودفعت 11 مليونا للفرار من ديارهم. وشحوارو مسيحية تخدم سكان حلب المسلمين السنة.
واسم كش ملك ومعناه موت الملك في لعبة الشطرنج يشير إلى فكرة إقامة جمهورية ديمقراطية في سوريا بدلا مما ترى المنظمة أنه دكتاتورية الأسد.
وبدأت المنظمة في إقامة المدارس في حلب في عام 2011 واستخدمت في البداية مقار المدارس العادية لكن الوضع تغير بعد أن قصفت القوات الحكومية مدرسة عين جالوت في حلب في عام 2014. وقالت شحوارو إن 23 طفلا قتلوا في ذلك الهجوم.
* "الضحايا التاليون"
وأضافت "أسوأ ما يمكن أن يحدث أن يستهدف (الأسد) المدارس. في الوقت الراهن ليس بأي من مدارسنا فناء. ليس لدينا ألعاب رياضية أو أي نوع من النشاط ... نستبدل ذلك بالرسم وعروض العرائس وأنشطة تمارس داخل الغرف المغلقة."
في باديء الأمر كان نشطاء ومؤيدوهم المحليون يمولون المدارس بأنفسهم لكن بمرور الوقت قدم مانحون أجانب الدعم. وأشارت شحوارو إلى جمعيتي المساعدة الكاثوليكية باكس كريستي والتنمية والسلام باعتبارهما أكبر مصدرين للتمويل.
ومع ذلك فإن تدفق التمويل غير منتظم وفي بعض الأحيان لا يتقاضى المدرسون أجورهم التي تبلغ نحو 115 دولارا شهريا."
وقالت شحوارو إن منظمتها سياسية لكن الأطفال لا يتعرضون لأي شعارات أو حملات سياسية.
وأضافت "لا نريد لهم ان يعرفوا شيئا عن الثورة ولكننا نريدهم أن يعرفوا أن لهم حقوق."
والنوع الاجتماعي هو ما ينصب عليه تركيز شحوارو التي تصف نفسها بأنها من المدافعين عن حقوق المرأة. وتتضمن الأنشطة تشجيع الفتيات على الحلم بمستقبل قد تكن فيه رئيسات جمهورية أو تعملن بالنجارة ومن الخدمات التي تقدمها كذلك مساكن للفتيات اللائي تزوجن في سن مبكرة.
وتابعت شحوارو أن من الصعوبات التي واجهتها أن 80 بالمئة من المدرسين لا يتمتعون بالخبرة وأغلبهم من النساء اللائي لم تتلقين التدريب في هذا المجال إذ أن أغلب البرامج المتاحة التي تستهدف النساء في سوريا تتركز على مجالات مثل الحياكة والطهي.
وقالت "فلنعلن هذا النبأ على النساء في الشرق الأوسط... نحن سنمكنهن في كل مجال تحاولن العمل فيه وليس فقط ما نفترض أنه القطاع الذي يتعين عليكن العمل فيه."
وهناك أيضا مشكلة الضغط النفسي للحرب وهو ما يتطلب من المدرسين الذين يعانون من الصدمة أن يتوصلوا إلى سبل مبتكرة للحديث للأطفال عن أمور مثل الموت والكراهية والمستقبل.
وقالت "المدرسون أنفسهم نفدت قوتهم وكذلك التلاميذ."
وتابعت "قال لي أحد المدرسين .. لماذا نعلم أطفالا سيموتون الأسبوع المقبل؟... بالنسبة لي الأمر صعب لكن له منطقه الخاص. إنهم ينظرون إلى الأطفال ويتصورون أنهم سيكونون الضحايا التالين."
(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير حسن عمار)