من باتريك ماركي ولمين شيخي
الجزائر (رويترز) - فاز حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم بالجزائر وحلفاؤه الرئيسيون بأغلبية في انتخابات برلمانية هيمنت عليها تساؤلات بشأن صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والإصلاحات لمواجهة الأزمة المالية الناجمة عن هبوط أسعار النفط.
وبذل مسؤولو الحكومة والأحزاب جهودا مضنية لدفع الناخبين للمشاركة في انتخابات يراها محللون وسيلة لتعزيز الدعم لنظام يهيمن عليه الحزب الحاكم منذ أمد بعيد.
وغاب بوتفليقة عن الأنظار في معظم المناسبات منذ أصابته بجلطة دماغية في عام 2013.
وأعلنت وزارة الداخلية النتائج وقالت إن نسبة الإقبال بلغت 38.25 في المئة مقارنة بنسبة 43 في المئة قبل خمس سنوات مما يعكس اعتقاد كثير من الجزائريين بأن برلمانا ضعيفا لن يستطيع إحداث تغيير في نظام يهيمن عليه حزب جبهة التحرير الوطني منذ الاستقلال عام 1962.
وترجع جذور حزب جبهة التحرير الوطني إلى الحرب ضد الاستعمار الفرنسي. وقالت وزارة الداخلية إنه حصل على 164 مقعدا في المجلس الشعبي الوطني المكون من 462 مقعدا لكنه خسر نسبة غير قليلة من تأييده مقارنة بالانتخابات الماضية قبل خمسة أعوام عندما حصل على 221 مقعدا.
أما حزب التجمع الوطني الديمقراطي الحليف للحكومة فحصل على 97 مقعدا مقارنة بسبعين مقعدا في الانتخابات السابقة.
وحصل تحالف إسلامي معتدل بقيادة حزب حركة مجتمع السلم، الذي لعب دورا معارضا لكنه تحول لتأييد بوتفليقة والائتلاف المؤيد للحكومة، على 33 مقعدا في البرلمان.
وقال فريد فراحي المحلل السياسي الجزائري إن "الجزائريين على وجه العموم يرون أن بوتفليقة هو فقط من يستطيع إحداث تغيير وإجراء إصلاحات".
ويحظى بوتفليقة، الذي يتولى السلطة منذ نحو 20 عاما، بإشادة واسعة لنجاحه في انتشال البلاد من حرب دامت عشر سنوات في التسعينيات مع إسلاميين متشددين والإشراف على فترة ارتفاع أسعار النفط وإنفاق عام كبير.
لكنه لم يظهر سوى في لقطات تلفزيونية موجزة منذ إصابته في عام 2013. وأثارت مسألة حالته الصحية تساؤلات بشأن انتقال سياسي محتمل قبل انتهاء ولايته في عام 2019 بينما لا تزال الصورة بشأن خليفته القادم غير واضحة.
وفي انتخابات 2012 حصل حزبا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي على الأغلبية مع تحبيذ الناخبين للأمان والاستقرار في أعقاب انتفاضات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا عام 2011.
* وقت حرج
من المتوقع إجراء تغيير في حكومة رئيس الوزراء عبد المالك سلال عقب الانتخابات رغم أنه لم يتضح ما إذا كان سيظل رئيسا للوزراء.
وتجرى الانتخابات في وقت حرج للجزائر المورد الرئيسي للغاز إلى أوروبا وشريك الغرب في حملته على التشدد الإسلامي في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل.
وفجر انهيار أسعار النفط في منتصف 2014 تحديات جديدة لاقتصاد لا تزال الدولة تدير الجانب الأكبر منه ويعتمد على إيرادات الطاقة في تغطية 60 في المئة من موازنته ويعول على الواردات نظرا لضعف الإنتاج خارج قطاعات الطاقة.
واضطرت الحكومة إلى خفض الإنفاق وبدأت مهمة حساسة تتمثل في إصلاح نظام دعم أسعار الوقود والكهرباء مع انخفاض الدخل إذ تراجعت إيرادات شركة سوناطراك النفطية الحكومية إلى 27.5 مليار دولار في 2016 من 60 مليارا في 2014.
وأدلى بوتفليقة (80 عاما) بصوته في الجزائر العاصمة على كرسي متحرك بمساعدة أحد أقاربه وصافح أفراد الشرطة وموظفي لجنة الاقتراع لكنه لم يدل بتصريحات. وبخلاف صور كانت تظهر لبوتفليقة على التلفزيون فهذا أول ظهور علني له منذ أواخر العام الماضي.
ومع عدم ظهور خليفة لبوتفليقة حتى الآن تستعد الأحزاب السياسية وقادة البلاد لتغيير محتمل.
ولا يرى معظم المراقبين مخاطر في انتقال القيادة داخل منظومة تتخذ فيها القرارات في الغالب بعد صراعات على السلطة خلف الستار بين الحرس القديم في حزب جبهة التحرير الوطني وقادة الجيش الذين يرون أنفسهم حماة الاستقرار.
وقال روبرت باركس الباحث السياسي المتخصص في شمال أفريقيا "هذه الانتخابات لم يقاطعها أي حزب معارضة رئيسي. شاركت جميعها لأنها تدرك أن بعض التغييرات الكبيرة ستحدث على المدى القريب".
(إعداد معاذ عبد العزيز للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)