💼 احمِ محفظتك مع اختيارات الأسهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي من InvestingPro - الآن خصم يصل إلى 50% احصل على الخصم

(تلال الأكاسيا).. عن جدوى طول العمر مع فقد الذكريات

تم النشر 26/02/2016, 11:41
(تلال الأكاسيا).. عن جدوى طول العمر مع فقد الذكريات

من سامح الخطيب

القاهرة (رويترز) - حين يتقدم العمر وتزحف أعراض الشيخوخة وتضعف القدرة على الفعل لا يبقى للمرء سوى الذكريات يلوذ بها من وحشة الأيام ويتغلب بها على فقد من رحلوا وتركوه في هذه الدنيا. لكن ماذا يحدث عندما يطول العمر وتتوارى الذكريات رويدا رويدا.

في رواية (تلال الأكاسيا) للمؤلف المصري هشام الخشن تبدأ المعضلة من إصابة البطل بمرض (ديمنتيا) أو (الخرف) لتقودنا إلى الكثير من الأسئلة والقضايا الحياتية المزمنة مثل الصراع بين جيلي الآباء والأبناء والصدام الفكري بين الشرق والغرب والحيرة بين صوت العقل ونداء القلب.

يبدأ المؤلف روايته بمشهد قاس -ربما مهد به لمآس أشد تالية- فالبطل "المسن" يجلس في أحضان حبيبته (سارة) ينعمان بدفء حبهما في خريف العمر حين تطرق الشرطة بابهما لانتزاعه عنوة بوصفه "فاقد الأهلية" بحكم القضاء وأنه "محجوز ضد إرادته" عندها.

حينها تتبدد أمنيات البطل التي حدث بها نفسه يوم علم بحقيقة مرضه قائلا "منذ ذلك اليوم أصبح شاغلي الأوحد هو التأكد من أن آخر ما ستسجله ذاكرتي التي قررت أن تنسحب وتتوارى سيكون حلو المذاق. وقت أن تعلن ذاكرتي تمام انسحابها سأستحيل جسدا أتصوره هامدا مستسلما لا جدوى له سوى الاستمرار في التنطع على هواء أرض ملأها وملأته صخبا وحياة لفترة طويلة. أنفاس أثبت بها أني حي وإن كان الأجدر أن أتركها لمن بهم قدرة على تسجيل لحظاتها والشعور بدبيبها بداخلهم وحولهم وإيداع لحظات مرورهم فيها في خزائن أذهانهم."

يعود البطل -والذي يخفي المؤلف اسمه طوال العمل- إلى بيته مرغما لتبدأ الذاكرة في مناورته بهيئة "ومضات" تلمع من حين لآخر أثناء حديثه إلى حفيدته الوحيدة (نانسي) التي اقتربت من سن الثلاثين وكانت في طفولتها أول مصدر للصدام بينه وبين ابنه (سامي).

الابن (سامي) اختار أن يكون طبيبا ويبتعد عن مجال أبيه رجل الأعمال. يحب (سامي) فتاة إنجليزية وينجب منها (نانسي) خارج إطار الزواج ثم يأخذ الطفلة ويهرب بها إلى مصر لتعيش مع الجد والجدة بزعم عدم رغبته في تنشئتها على العادات الغربية ويستأنف هو طموحه العملي في ألمانيا. لكن الجد يعيد الفتاة إلى أحضان أمها رغم ارتباطه الشديد بها. ويضمرها (سامي) في نفسه.

"ومضة" أخرى تحمل غصة أخرى في نفس البطل هي ابنته (نور) التي اختارت الزواج من رفيق دراستها (طارق) ليكتشف الزوجان لاحقا إنهما غير قادرين على الإنجاب فيتزوج (طارق) من امرأة أخرى ويرفض طلاق زوجته الأولى. يتدخل الأب بحكم ماله وسطوته لإيقاع الطلاق فينكسر قلب (نور) لكن الأب وبطريق غير مباشر يعود من جديد لشراء ذلك الزوج السابق بالمال ويدفعه للعودة إلى (نور) بهدف إسعادها.

ووسط تلك "الومضات" تطل (سارة) تلك الفتاة الصهباء سليلة الطبقة الإقطاعية التي جردتها ثورة 1952 من كل أملاكها لكن القدر وضعها في طريق البطل مرتين. المرة الأولى في مقتبل العمر حين رآها أول مرة في بيت أبيها فأحبها بجنون والمرة الثانية في خريف العمر بعد أن تزوج وأنجب ابنه وابنته فكان عليه الاختيار بين حبه القديم وزوجته (ماجدة) التي شاركته مشوار الحياة.

تتطور الأحداث وتتشابك حتى تصل في النهاية إلى ساحة القضاء للفصل في مصير ثروة البطل ومصيره هو شخصيا بعد أن أصر ابنه (سامي) على إيداعه مصحة علاجية في انجلترا تحمل اسم (تلال الأكاسيا) وبين إصرار (نور) و(سارة) على إبقائه في بيته والعناية به مهما كلفهما الأمر فيما هو ذاهل لا يدرك ما يدور حوله غارقا في ذكرياته المتبعثرة.

جاءت الرواية في 191 صفحة وصدرت عن مكتبة الدار العربية للكتاب بالقاهرة.

وإذا كانت دقة توصيف مرض (ديمنتيا) أو (الخرف) ملفتة للنظر وإصباغ أعراض المرض على بطل الرواية يوحي بأن المؤلف قد يكون طبيبا أو عالم اجتماع إلا أن المدهش أنه في واقع الأمر مهندس مدني جذبه حب الكتابة والشغف بالقلم.

وهشام الخشن (53 عاما) روائي غزير الإنتاج له مجموعة قصصية بعنوان (حكايات مصرية جدا) في 2010 وروايتا (ما وراء الأبواب‭(‬ و(7 أيام في التحرير) في 2011 ثم أصدر رواية (آدم المصري) في 2012 وبعدها المجموعة القصصية (دويتو) في 2013 وبعدها رواية (جرافيت) في 2014 والتي وصلت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية في العام نفسه.

لكن المأساة الإنسانية التي تتمحور حولها قصة روايته الأخيرة ليست هي كل ما يقدمه الخشن لقارئها.. ففي قلب كل هذه الأحداث والأحاديث بين الجد والحفيدة يدفع المؤلف بلقطات تاريخية يستعرض فيها أحوال مصر على مدى نحو خمسين عاما.

ويربط الخشن بين شخوص الرواية والتحولات السياسية والاقتصادية في مصر منذ ثورة 23 يوليو تموز 1952 وإسقاط النظام الملكي ووصولا إلى مطلع القرن الحادي والعشرين.

وبلغة عربية سليمة جذابة يتوالى سرد الأحداث على لسان البطل الذي يؤدي دور الراوي فيتعلق به القارئ ذهابا وإيابا بين الحاضر والماضي وكأنه جزء من ذكريات البطل.

(تحرير أمل أبو السعود) OLMEENT Reuters Arabic Online Report Entertainment News 20160226T083918+0000

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.