منذ بدايات العام 2011 فقد كان واضحا أن الأزمة الأوروبية سوف تعيق الخروج من تداعيات الأزمة المالية العالمية. وتخّوف الجميع من أزمة ثانية أشد قسوة، وجاءت أزمة الديون اليونانية ومن بعدها الإيطالية والبرتغالية والأسبانية لتفاقم الأزمة وتوضّح مدى إمكانية اتساعها.
فقد اوضح تقرير نشرته المفوضية الأوروبية فى بروكسيل أن الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالاتحاد الأوروبي منذ أكثر من ثلاث سنوات زادت من هوة الفوارق الاجتماعية وفي مستويات الدخل بشكل واضح بين رعايا دول الاتحاد الأوروبي.
وأكد التقرير أن الأزمة أحدثت تغييرات هيكلية جذرية على سوق العمل في مجمل دول الاتحاد.
وأفاد أن الأزمة تسببت في فقدان 6 ملايين موقع عمل في أوروبا حتى الآن ولم يتم إرساء سوى مليون ونصف مليون موقع عمل خلال النصف الأول من عام 2011.
وبين أن نسبة البطالة المستدامة تشمل حاليا أكثر من 40% من العاطلين عن العمل من بين رعايا الاتحاد الأوروبي وأن هذا الحجم في تصاعد مستمر مما يعكس الطابع الخطير للأزمة الحالية.
وتتجاوز نسبة البطالة لدى الشبان الأوروبيين 25% من الشباب وتصل إلى 50% في إسبانيا.
وكشف التقرير عن معطيات خطيرة بالنسبة لتوجهات الاقتصاد في منطقة اليورو وتداعيات الأزمة المالية حيث باتت الأزمة تضرب في العمق قطاعات حيوية محددة مثل أعمال البناء والصناعات التحويلية التي تعد من المقومات الأساسية لاقتصاديات الدول الأوروبية.
وقال التقرير إن الأزمة تسببت في فوارق اجتماعية كبيرة حيث أن قطاع الخدمات ومواقع العمل ذات المرتبات المرتفعة هي التي تتمكن من مقاومة تداعيات الأزمة فيما زاد من عدد العاطلين عن العمل في القطاعات الأقل أهمية مثل الصناعات اليدوية.
وأفادت المفوضية في تقريرها أن 114 مليون أوروبي يعتبرون في عدد المهددين بالتهميش الاجتماعي خلال عام 2011، أي ربع سكان الاتحاد الأوروبي حيث يعتبر ربع هؤلاء الأشخاص في عداد العاطلين عن العمل حاليا وغالبيتهم مما تزيد أعمارهم عن 65 عاما.
وأشار التقرير إلى أن عائلة أوروبية من بين كل خمسة عائلات قد تجد نفسها ضحية لتفشي للبطالة بين يوم وآخر.
وأظهر التقرير أن الأزمة المالية لا تعتبر السبب الوحيد في التغيير المسجل على سوق العمل وأن توسيع الاتحاد الأوروبي عام 2004 على عشرة دول من وسط وشرق القارة تسبب في تغييرات جوهرية بسبب منحه حرية التنقل للأشخاص وأن زهاء أربعة ملايين أوروبي من رعايا الدول الشرقية يبحثون عن مواقع عمل في غرب أوروبا.