قد يتساءل المرء ما هو سر قوة الدولار و لماذا لا تنطبق قوانين الاقتصاد على الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من ان الولايات المتحدة تسيطر على ثلاثة مؤسسات مالية رئيسية : البنك الدولي (WB) ، صندوق النقد الدولي (IMF)، ومنظمات التجارة العالمية (WTO) ، من خلال وسائل متنوعة وذلك للسيطرة على الاقتصاد العالمي .
تنصح هذه المؤسسات الدول الأخرى أن تكون متعقلة ، بأن لا يكون لديها عجز في ميزان المدفوعات أو في التمويل الحكومي. على أية حال ، فإن الولايات المتحدة الأميركية نفسها لديها من وقت لآخر عجوزات هائلة في ميزان المدفوعات والتمويل الحكومي ، كتلك الحاصلة الآن في ظل جورج بوش ومع ذلك ، ما من أحد في صندوق النقد الدولي يطلب من الولايات المتحدة أن تضبط نفسها . ليس هناك من انخفاض كبير في قيمة الدولار . لا توجد إشارة على إفلاس وشيك لاقتصاد الولايات المتحدة
الجواب : هو الوضع الخاص للدولار الأميركي ، والذي هو الآن مهدد منذ أن أطلقت أوروبا اليورو . أن الدولار هو العملة الاحتياطية العالمية في الواقع ؛ يصل الدولار الأميركي إلى ما يقرب من ثلثي كافة احتياطيات التبادل الرسمي . أكثر من أربعة أخماس كافة التعاملات التبادلية الأجنبية, ونصف مجموع خبراء العالم هم متخصصون بالدولار .
علاوة على ذلك ، فإن كافة قروض صندوق النقد الدولي معينة بالدولار . إن قوة الدولار لا تسوغها القوة الاقتصادية للولايات المتحدة ، لأن ما تستطيع الولايات المتحدة تصديره يمكن الحصول عليه من مصادر بديلة .
بمقدار ما يتداول الدولار خارج الولايات المتحدة ، أو يستثمر من قبل مالكين أجانب في أصول تجارية أميركية بمقدار ما يتوجب على بقية العالم أن يزود الولايات المتحدة بالبضائع والخدمات مقابل هذه الدولارات .
تتكلف الولايات المتحدة تقريباً لاشيء في إنتاج الدولارات ، هكذا فإن واقعة أن العالم يستعمل العملة بهذه الطريقة يعني أن الولايات المتحدة تستورد كميات ضخمة من السلع والخدمات بدون مقابل في واقع الأمر.
ومن ناحية اخرى فلم تؤثر الخطوات التي اتخذها الاحتياط الفيدرالي من أجل إغراق العالم بالدولارات كثيرا على قيمة العملة، بل زادت جاذبية الأصول الأميركية في وقت تحتاج فيه الحكومة إلى أقصى دعم ممكن من جانب المستثمرين الأجانب.
وبحسب تحليل لوكالة «بلومبرغ» قد بلغت قيمة مؤشر الدولار الأميركي (دي إكس واي) 13 في المائة بعد هبوط قياسي شهده في مارس (آذار) من عام 2008، حتى مع إبقاء الاحتياط الفيدرالي معدلات الفائدة قريبة من الصفر وطباعة أوراق نقدية لشراء 2.3 تريليون دولار من سندات الخزانة والسندات المرتبطة برهونات عقارية، ولم يتغير كثيرا منذ عام 1991. وذكر صندوق النقد الدولي في يوم 30 ديسمبر أن نصيب احتياطي النقد الأجنبي العالمي من الدولار شهد في الربع الثالث أقصى ارتفاع له منذ عام 2008. ويشير ذلك الاستقرار طويل الأمد إلى أن عملة أميركا هي مستودع قيمة، وربما تساعد في تفسير جذب الولايات المتحدة طلبا يمثل رقما قياسيا على كم غير مسبوق من السندات التي تبيعها وزارة الخزانة لتمويل عجز في الميزانية تتجاوز قيمته تريليون دولار.
وحتى على الرغم من أن مؤسسة «ستاندرد آند بورز» جردت الولايات المتحدة من تصنيفها الممتاز في أغسطس (آب)، فإن المستثمرين ينظرون إلى الدولة باعتبارها ملاذا من النمو الاقتصادي العالمي البطيء وأزمة الدين السيادي التي تعصف بأوروبا.
«ما زالت وظيفة الملاذ التي يلعبها الدولار فعالة»، قال أتشيم والد، رئيس قسم الدخل الثابت العالمي والعملات ببنك «دويتشه بنك» في كولون، ومدير قسم الثروات الخاصة في شركة «سال أوبنهايم» الكائنة في ألمانيا، والتي تشرف على 3 مليارات يورو (3.9 مليار دولار). وقال في محادثة هاتفية يوم 29 ديسمبر: «سيكون الدولار قويا في عام 2012». وبحسب «بلومبرغ» ارتفع مؤشر الدولار ببورصة «إنتركونتيننتال إكستشينج»، التي تتعقب الدولار في مقابل اليورو والين والجنيه والفرنك السويسري والدولار الكندي والكرونا السويدية، بنسبة 1.46 في المائة العام الماضي. وتبع هذا ارتفاع قيمته 1.5 في المائة في عام 2010، يسجل المرة الأولى التي ارتفع فيها خلال عامين على الترتيب منذ 2000 - 2001.
وانخفض مؤشر الدولار بنسبة 0.9 في المائة ليسجل 79.532 نقطة الساعة 1:55 مساء. يذكر أن ذلك يعد ارتفاعا عن قيمة 70.698 نقطة سجلها في مارس عام 2008، ومقارنة بانخفاض شهده في عام 1991، بلغت فيه قيمته 80.34، بلغت قيمة الدولار 1.11 في المائة العام الماضي، وهي أعلى نسبة يصل إليها بعد ارتفاع قيمة الين بنسبة 5.5 في المائة بين 10 نظراء من الدول المتقدمة، بحسب تقدير مؤشرات «بلومبرغ» المرجح لارتباط العملات. وتشير المؤشرات إلى أنه منذ عام 1975، كان أداء كل من الين والفرنك السويسري فقط أفضل من الدولار.
وقال مسؤولون متخصصون في مراقبة أداء العملات في الصين وألمانيا والبرازيل إن سياسات الاحتياط الفيدرالي هي السبب في إضعاف قيمة الدولار. وأرسل رئيس مجلس النواب، جون بوينر، من ولاية أوهايو وثلاثة أعضاء جمهوريين آخرين خطابا إلى رئيس مجلس إدارة الاحتياط الفيدرالي، بين بيرنانكي، في عام 2010 يعبرون فيه عن «مخاوفهم العميقة» من خطة البنك المركزي الممثلة في طباعة أوراق نقدية لشراء سندات، قائلين إنها تهدد بإضعاف قيمة الدولار وحدوث ارتفاع هائل في قيمة الأصول جرتها شركة «بلومبرغ» لاقتصاديين.