توقعات بحدوث مزيد من التباطؤ رغم الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين
رغم فشل قمة “مجموعة العشرين” التي أقيمت باليابان، فى التوصل إلى حل نهائي بشأن التوترات التجارية التى تلحق الضرر بالاقتصاد العالمي، إلا أنها لم تؤدي إلى تفاقم الإضطرابات إلى جانب إحرازها بعض التقدم وخصوصاً بعد إعلان قادة العالم أنهم راضون عن النتيجة التى تم التوصل إليها وخصوصاً استئناف المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
ومع مغادرة رؤساء الدول لمدينة أوساكا اليابانية التي استضافت المحادثات، رحبت اليابان بالبيان الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع، وهو ما يتناقض تمامًا مع قمة “مجموعة السبع” التي انعقدت الشهر الماضي وانتهت دون تصريح متفق عليه.
وقال رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبى، رئيس مجموعة العشرين، إن زعماء العالم متحدون في تصميمهم على تعزيز النمو الاقتصادي، لكن المحللين كانوا أكثر تفاؤلاً وعلى رأسهم محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين لشركة “أليانز” العالمية الذي قال إن استئناف المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين دون إزالة أى تعريفة، يتماشى مع التوقعات.
وأوضح كبير الاقتصاديين في “يونيكريديت”، إريك نيلسن، إن خطر التراجع المفاجئ بسبب الاحتكاكات التجارية، أصبح الآن أقل، لكن من المرجح أن يكون التخفيف مؤقتاً، وتوقع نيلسن، أن يشهد الاقتصاد العالمي مزيداً من التباطؤ، قائلاً، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيحتاج كبش فداء لإلقاء اللوم على تباطؤ الاقتصاد في المستقبل.
وأضاف نيلسن، أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، سيكون بالتأكيد “كبش فداء”.. وسيكون هناك مزيد من التباطؤ، لكن كبير الاقتصاديين بمعهد التمويل الدولي، روبن بروكس، قال إن التأثير الفوري على الأسواق المالية من المرجح أن يكون قوياً.
أضاف أنه من المرجح أن يتحول المستثمرون إلى التركيز على الظروف المالية التي تتراجع بشكل كبير فى الولايات المتحدة، الأمر الذي سيكون مفيداً للنمو في المستقبل.
وتوقع بروكس، أن يخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أسعار الفائدة الأمريكية بمقدار 0.25 نقطة مئوية على الأقل فى اجتماعه المقبل نهاية الشهر الحالي.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن الاختبار الكبير لمجموعة العشرين، سيكون في مدى تحسن المعنويات فى التجارة والتصنيع والاستثمار الشهر الحالي، بعد انخفاض حاد في التفاؤل خلال النصف الأول من العام.
وفي مايو الماضى انخفض مؤشر مديرى المشتريات التصنيعي لدى بنك “(NYSE:جي بي مورغان)” إلى أقل من 50 للمرة الأولى منذ عام 2012، مما يشير إلى أن شركات التصنيع تكافح لزيادة الإنتاج في جميع البلدان تقريبًا وكان الاستثمار ضعيفًا.
ورغم أن رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد، أعلنت في أوساكا، أن الاقتصاد العالمي وصل إلى نقطة “تصحيح”، إلا أن الزعماء الآخرين أرادوا أن يرسموا صورة أكثر وضوحًا ويتطلعوا إلى تعزيز الاقتصاد العالمي فى النصف الثانى من العام.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، الغارديان، أن “مجموعة العشرين” أصدرت نغمة أكثر إيجابية على الاقتصاد العالمى من التصريحات الأخيرة من قبل محافظي البنوك المركزية والمؤسسات المالية الدولية، مما يعكس غياب حدوث أى أزمة فورية.
وأوضح بيان “مجموعة العشرين”، أن النمو العالمي أصبح فى وضع مستقر، ومن المتوقع عمومًا أن يرتفع بشكل معتدل في وقت لاحق من العام وحتى عام 2020 رغم بقاء النمو منخفضًا فى ظل المخاطر التجارية، ورغم التوترات التجارية الحادة بين الولايات المتحدة والصين، كان رئيس الوزراء شينزوا آبى، مصممًا على تقديم بيان إجماعى فى أوساكا، واتخاذ خطوات ملموسة عند الإمكان وتجنب المعارك على الصورة الكبيرة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تعهدت فيه الدول الأوروبية بـ “محاربة الحمائية”، إذ من المقرر ان تسعى مجموعة العشرين جاهدة لتحقيق تجارة واستثمار حرة ونزيهة وغير تمييزية وشفافة مستقرة ويمكن التنبؤ بها، بالإضافة إلى الحفاظ على الأسواق مفتوحة.
وكان البيان الختامي للمجمعة مشابها للمحادثات التي كانت قبل عقد من الزمان في قمة “مجموعة العشرين” لعام 2009 في لندن، عندما تعهد القادة بعدم تكرار الأخطاء التاريخية للحمائية فى العصور السابقة، مؤكدين امتناعهم عن زيادة الحواجز الجديدة للاستثمار أو التجارة في السلع والخدمات.
وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أنه رغم العناوين الرئيسية، كانت هناك عدة خطوات إيجابية صغيرة فى العلاقات التجارية، مما يعكس المزاج الأكثر إيجابية.
ووافقت “مجموعة العشرين” على اتخاذ إجراء بشأن نظام المنازعات فى منظمة التجارة العالمية، ولكن دون تحديد جدول زمنى، وعلى هامش محادثات “مجموعة العشرين” كانت هناك أيضًا بعض الصفقات المحددة لتحسين التعاون، إذ وقع الاتحاد الأوروبي، اتفاقية تجارة حرة مع تجمع دول أمريكا الجنوبية “ميركوسور” إلى جانب اتفاق روسيا والمملكة العربية السعودية على تمديد اتفاق خفض إنتاج البترول.