من مايان لوبل وإيلانا رينجلر
شيلو (الضفة الغربية) (رويترز) - حان وقت الحصاد في مزارع الكروم على تلال مستوطنة شيلو في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
لكن من يجمعون الكروم ليسوا بمستوطنين يهود بل مسيحيون إنجيليون.
هؤلاء هم متطوعون من جماعة هايوفال للإنجيليين الأمريكيين المتدينين التي تجلب مسيحيين لمساعدة المزارعين اليهود في المستوطنات التي أقامتها إسرائيل على أراض يسعى الفلسطينيون لبناء دولتهم عليها.
كان الإنجيليون قاعدة تأييد أساسية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ انتخابات 2016. كما أن كثيرين منهم من أنصار إسرائيل المتحمسين لها إذ يشعرون برابط ديني يجمع بينهم وبين اليهود والأرض المقدسة.
وللضفة الغربية أهمية خاصة عند الإنجيليين الذي يرون تدخلا ربانيا في عودة اليهود في العصر الحديث إلى وطن مذكور في الكتاب المقدس ويطلقون على الضفة الغربية يهودا والسامرة، وهو الاسم العبري الوارد في العهد القديم.
ويعشق تومي وولر مؤسس جماعة هايوفال اقتباس فقرة من سفر ارميا تقول "سأبنيك بعد، فتُبنين يا عذراء إسرائيل... تغرسين بعد كروما في جبال السامرة".
لكن هذه الأرض أيضا هي لب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وهي نفسها الأرض التي يرى الفلسطينيون فيها دولتهم المستقبلية إلى جانب القدس الشرقية وقطاع غزة، وكلها أراض استولت عليها إسرائيل في حرب عام 1967.
وبالنسبة لوولر المولود في ولاية تنيسي، تمثل مساعدة المستوطنين اليهود في زراعة الأرض المشاركة في تحقيق نبوءة. وقال وولر "بصفتي مسيحيا وكشخص يؤمن بالإنجيل، كان من المذهل بالنسبة لي أن أحصل على مكان، إيماني ملموس فيه".
وقال وولر في بستان كرم على مشارف مستوطنة أخرى اسمها هار براخا، وهي مستوطنة يساعد فيها المتطوعون من جماعته المزارعين "نحن نشترك في قاسم مشترك بين المسيحية واليهودية وهذا هو إنجيلنا، كتابنا المقدس".
* الضم
يعتبر أغلب المجتمع الدولي المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية وهو رأي ترفضه إسرائيل.
ويزعم صقور إسرائيل بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الضفة الغربية حيوية لأمن إسرائيل. ويقولون إن التخلي عنها للفلسطينيين سيعرض قطاعات كبيرة من إسرائيل لخطر هجمات المتشددين.
ويقول الفلسطينيون إنه لا يمكن قيام دولة فلسطينية قابلة للاستمرار بدونها.
وخلال الاستعداد للانتخابات التي تجريها إسرائيل يوم الثلاثاء المقبل جدد نتنياهو تعهده بضم أجزاء من الضفة الغربية إذا ما فاز.
وقد احتضن الإنجيليون الأمريكيون الذي يتمتعون بنفوذ سياسي كبير هذا الموقف.
وقال مايك إيفانز مؤسس جماعة "أصدقاء متحف صهيون" في القدس وهو من ولاية تكساس "الإنجيليون يعتقدون أن يهودا والسامرة أرض إنجيلية لأنها كذلك".
وأضاف إيفانز العضو في "مبادرة الإيمان" التي أطلقها ترامب "هل نعتقد أن التخلي عن يهودا والسامرة سيجلب السلام؟ محال".
وكان احتمال الضم قد أثار انزعاج الفلسطينيين الذين يخشون من أن نتنياهو سيحظى على الأرجح بدعم ترامب.
وقال عزت قدوس وهو معلم متقاعد من قرية عراق بورين التي تقع في الجهة المقابلة من هار براخا إن الفلسطينيين قلقون من فكرة خسارة أرضهم.
وقال "زي ضم القدس بدهم يضموا الضفة لإسرائيل، هاي المعنى الصريح وشوي بنشوف ترامب اعترف بضم الضفة الغربية".
ويعيش نحو 2.9 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وفقا للتقديرات الفلسطينية الرسمية، كما يعيش أكثر من 400 ألف مستوطن إسرائيلي هناك حسبما أفاد مكتب الإحصاءات الإسرائيلي.
وضغط زعماء إنجيليون على ترامب في بداية فترة حكمه في 2017 من أجل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى المدينة في 2018.
وقال إيفانز في إشارة إلى الضفة الغربية "إنه ( ترامب) يكافئ الوضوح الأخلاقي، وأعتقد أن الشعب اليهودي يستحق أن يكافأ على الوضوح الأخلاقي بالاعتراف بالمزيد من أراضه".
* "نجم روك"
تضم إدارة ترامب إنجيليين في بعض من أبرز المناصب مثل نائبه مايك بنس ووزير خارجيته مايك بومبيو، الذي قال في مقابلة مع شبكة الإذاعة المسيحية في مارس آذار عندما كان يتحدث عن سياسات ترامب بشأن إسرائيل إنه ينفذ إرادة الرب.
ويعود الدعم الإنجيلي لإسرائيل إلى عقود مضت، ويتمثل في الضغط السياسي وجمع التبرعات وتنظيم رحلات للأراضي المقدسة. لكن البعض يرى أن العلاقات باتت أقوى بكثير في عهد ترامب ونتنياهو.
وقالت حنان عشراوي المسؤولة البارزة في منظمة التحرير الفلسطينية إن القاعدة الإنجيلية "تمارس نفوذا هائلا وغير مسبوق داخل الولايات المتحدة من أجل تحقيق النبوءة، ونتيجة ذلك إطلاق يد إسرائيل في تنفيذ أكثر سياساتها تشددا وتدميرا بحق الشعب الفلسطيني".
وقال دوري جولد رئيس مركز القدس للشؤون العامة إن نتنياهو بدأ يعزز علاقاته مع الإنجيليين خلال أول فترة ولاية له رئيسا للوزراء في التسعينيات من القرن الماضي.
وأضاف جولد "رئيس الوزراء لديه حس عال بالتوجهات في الولايات المتحدة... بنيامين نتنياهو نجم روك في أعين الإنجيليين في أنحاء العالم".
لكن منتقدين يقولون إن نتنياهو أثار نفور الكثير من اليهود الليبراليين الأمريكيين باحتضانه المسيحيين المحافظين. وحتى في المستوطنات الإسرائيلية يتم التعامل مع الإنجيليين في بعض الأحيان بارتياب.
ويخشى بعض الإسرائيليين هناك من أن المسيحيين ربما يكون لديهم أجندة تبشيرية ويريدون حملهم على تغيير عقيدتهم. وقال إيفانز إن مهمته في الحياة هي الدفاع عن الشعب اليهودي.
ويشعر آخرون بالقلق من بعض قراءات الإنجيليين للكتب المقدسة، والتي فيها أن عودة اليهود إلى أرض التوراة أمر حاسم لتحقيق نهاية العالم، حيث لن يتمكن عندها من لا يؤمنون بالمسيح من النجاة.
على الجانب الآخر، يرى بعض المستوطنين أن الإنجيليين يساعدونهم في تنفيذ رؤيتهم هم.
وقال نير لافي، الذي يملك مصنعا للنبيذ في هار براخا، إن مساهمة جماعة هايوفال في عمله أكثر من مجرد مساهمة مالية.
وقال لافي "نحن نشعر بالامتنان". وأضاف "إنها مرحلة مختلفة تماما في رحلتنا نحن- خلاص الشعب اليهودي في أرضه".
(إعداد منير البويطي وليليان وجدي للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)