من طارق عمارة ومحمد العرقوبي
تونس (رويترز) - حقق قيس سعيد فوزا ساحقا في الانتخابات الرئاسية التونسية التي وصفها بأنها "ثورة جديدة". وسعيد وافد جديد على الساحة السياسية يتمتع بتأييد اليساريين والإسلاميين ويرغب في إعادة تشكيل السياسة الداخلية لتونس.
وأعلنت هيئة الانتخابات في نتائج رسمية أولية فوز سعيد بالانتخابات التي جرت يوم الأحد بنسبة 73 في المئة من الأصوات. وكان منافسه قطب الإعلام نبيل القروي أقر بالهزيمة في وقت سابق.
وقالت هيئة الانتخابات إن نسبة الإقبال بلغت 55 في المئة.
وانتخاب سعيد توبيخ حاد للنخبة الحاكمة التي فشلت في تحسين مستوى المعيشة واستئصال الفساد منذ الثورة في عام 2011 التي أذنت بالديمقراطية وأشعلت شرارة انتفاضات "الربيع العربي".
ويريد سعيد (61 عاما)، وهو أستاذ قانون متقاعد، تطبيق شكل تجريبي من الديمقراطية المباشرة. لكن الرجل ليس له حزب سياسي ويواجه تحديات كبيرة منها ارتفاع معدل التضخم والبطالة.
وقال سعيد لحشد من مؤيديه تجمعوا عند منزله بحي المنهيلة الشعبي على مشارف تونس العاصمة "ما فعله التونسيون هو ثورة جديدة" مشيرا إلى أنهم أثاروا إعجاب العالم.
وملأت حشود كبيرة من الناس تلوح بالعلم التونس وتردد أغاني وشعارات ترجع لانتفاضة 2011 شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة في وقت متأخر الأحد وحتى الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين.
وقالت ألفة رضوان (53 عاما) التي خرجت مع زوجها وأبنائها تحتفل وهي ترتدي علم تونس "جئت لاحتفل...لم يعدنا بشيء لكنه أعاد إحياء روح الثورة وقيمها فينا. قيم العدالة وتطبيق القانون والتصدي للفساد الذي انتشر في كل البلاد. هذا ليس بسيط".
وأضافت "لكن الرئيس لن يكون في فسحة وستكون التحديات أمامه كبيرة. قد يتفاجأ بلوبيات (جماعات ضغط) فساد مثل الاخطبوط وبوضع سياسي معقد وبوضع اقتصادي صعب جدا ومطالب اجتماعية لا تتوقف واحتجاجات في مناطق عدة ووضع أمني معقد".
وقضى القروي منافس سعيد الوحيد في جولة الإعادة معظم فترة الحملة الانتخابية خلف القضبان، وقد ترك في البداية الباب مفتوحا أمام إمكانية الطعن في النتيجة بعدما منحت استطلاعات الرأي سعيد التقدم بأكثر من 70 بالمئة من الأصوات.
لكن القروي أقر بالهزيمة يوم الاثنين قبل ساعات من الموعد المقرر للإعلان الرسمي للنتائج.
* تحديات
وعلى الرغم من التفويض الكبير، فإن الرئيس يملك صلاحيات أقل من رئيس الحكومة، وسيواجه الاثنان سلسلة من التحديات الصعبة.
وأفرزت الانتخابات التشريعية برلمانا يشبه الفسيفاء، يحتل فيه حزب النهضة الفائز 52 مقعدا فقط من إجمالي 219 مقعدا بينما تتوزع باقي المقاعد على عديد الأحزاب والمستقلين.
وبوسع النهضة باعتباره أكبر حزب اختيار رئيس الوزراء لكنه سيحصل على شهرين فقط لتشكيل ائتلاف حاكم يملك الأغلبية بالبرلمان وذلك في مهمة قد تكون شديدة التعقيد.
وإذا فشل النهضة في تشكيل حكومة فإن الرئيس الجديد قد يختار مرشحا بديلا لمنصب رئيس الوزراء ليدخل في جولة جديدة من المحادثات لتشكيل ائتلاف. وإن لم يتفق البرلمان فمن المحتمل الدعوة لانتخابات جديدة.
وعلى الرغم من فوز سعيد بدعم الإسلاميين واليساريين على السواء، فإن نهجه المتشدد سياسيا والمحافظ اجتماعيا لا يتناغم بشكل كامل مع الفئتين. وقد ترك هذا النهج معارضيه ومؤيديه يجاهدون لتحديد شخصيته.
ويريد سعيد من التونسيين انتخاب مجالس محلية صغيرة تعتمد على شخصية العضو وليس حزبه أو فكره. وسيختار هؤلاء الأعضاء بدورهم ممثلين إقليميين يختارون النواب.
وفي ظل هيمنة الساسة على فترة ما بعد الثورة في تونس وهي فترة شهدت احباطات اقتصادية عديدة، فإن هذا النوع من اللامركزية يروق للكثير من المواطنين الذين ثاروا في أنحاء البلاد قبل ثمانية أعوام.
وتواجه الحكومة التونسية بطالة تبلغ حوالي 15.3 بالمئة على الصعيد الوطني و30 في المئة في بعض المدن، وتضخما نسبته 6.8 في المئة، وارتفاع الدين العام وضعف الدينار.
![](https://i-invdn-com.akamaized.net/trkd-images/LYNXMPEF9D1PH_L.jpg)
وبينما تواجه تونس تزايد المطالب الاجتماعية فإنها تواجه ضغطا قويا أيضا من المقرضين الدوليين لخفض الإنفاق والشروع في إصلاحات لا تحظى بالشعبية.
(إعداد معاذ عبد العزيز للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)