من إلن فرنسيس وتوم بيري
بيروت (رويترز) - وافق لبنان يوم الاثنين على حزمة طارئة من الإصلاحات الاقتصادية استجابة للاحتجاجات المناهضة للحكومة التي أشاد بها رئيس الوزراء سعد الحريري لأنها كسرت الحواجز الطائفية واجبرت الدولة على اتخاذ خطوات طال انتظارها.
وتدفق مئات الألوف إلى الشوارع منذ يوم الخميس للتعبير عن غضبهم من النخبة السياسية التي يقولون إنها تدفع بالاقتصاد إلى نقطة الانهيار.
وأغلق المحتجون الشوارع لليوم الخامس وأغلقت المدارس والبنوك والشركات أبوابها.
واستمرت الاحتجاجات بعد الإجراءات التي أعلنها الحريري في خطاب نقله التلفزيون من القصر الرئاسي.
وقال الحريري إن الإجراءات المتفق عليها يوم الاثنين قد لا تلبي مطالبهم ولكنها "خطوة أولى لنبدأ بالحلول". وقال هذه الخطوات ليست من أجل إخراج الناس من الشارع ويجب على الحكومة أن تعمل لاستعادة ثقة الناس.
وأضاف أن خطوات كبيرة اتخذت نحو محاربة الفساد والهدر. وأردف قائلا "أنتم البوصلة وانتم الذين حركتم مجلس الوزراء وتحرككم بكل صراحة هو الذي أوصل لهذه القرارات اليوم".
وتضمنت الإجراءات خطوة رمزية تمثلت في تخفيض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين إلى النصف بالإضافة إلى الإعلان عن تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها والتي تعتبر حيوية لوضع المالية العامة في لبنان على طريق مستدام.
وقالت مايا مهنا، وهي أم لطفلين ومدرسة كانت تستمع إلى الخطاب عبر مكبرات الصوت في وسط بيروت، إنها غير مقتنعة بكلام الحريري. وأضافت "بعدنا بالشارع ولا نصدق ولا ربع كلمة مما قاله".
وغنى المتظاهرون النشيد الوطني ليلا في بيروت بينما استمروا بالتظاهر في أجزاء أخرى من البلاد بما في ذلك مدينة طرابلس الشمالية وصيدا بجنوب لبنان.
وقال فادي أبو ضرغام وهو بائع مجوهرات ويبلغ من العمر 55 عاما "لا نعتقد أن بإمكانهم التغيير خلال يومين".
واعتبرت الاحتجاجات استثنائية بسبب حجمها ومداها الجغرافي في بلد تنقسم فيه الأحزاب والحركات السياسية عادة على أساس طائفي.
ولدى لبنان واحد من أعلى مستويات الدين العام في العالم قياسا إلى الناتج المحلي الإجمالي. وتضم الحكومة معظم الأحزاب الرئيسية التي يديرها سياسيون وينظر إليهم على نطاق واسع على أنهم استغلوا موارد الدولة ونفوذها لتحقيق مكاسب خاصة.
وتضرر الاقتصاد اللبناني من الشلل السياسي والصراعات الإقليمية ومن عوامل أخرى. وتفاقمت المشاكل الاقتصادية بسبب التوترات في القطاع المالي التي ارتفعت مع تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال إلى البلاد.
وتبلغ نسبة البطالة في البلاد للشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما 37 بالمئة.
وتعهد المانحون الدوليون العام الماضي بتقديم 11 مليار دور لمساعدة لبنان في تمويل برنامج استثماري يهدف إلى انعاش الاقتصاد لكنها مشروطة بالإصلاحات.
وقال الحريري إن القرارات التي اتخذت يوم الاثنين بالتأكيد سترضي الجهات المانحة وإن الحكومة تخطط أيضا للموافقة في غضون ثلاثة أسابيع على المرحلة الأولى من برنامج استثماري تعهد المانحون بتمويله.
وقال الحريري إن الحكومة وافقت على ميزانية عام 2020 دون ضرائب جديدة وعجز يبلغ 0.6 بالمئة مقارنة مع عجز قارب سبعة في المئة في عام 2019.
وأضاف "القطاع المصرفي ومصرف لبنان يساهمون بخفض العجز 5100 مليار ليرة (3.4 مليار دولار) خلال 2020 ومن ضمنها زيادة الضريبة على أرباح المصارف".
وشملت الخطوات إلغاء وزارة الإعلام ودمج مؤسسات أخرى غير ضرورية.
كما ستسرع الحكومة بالإصلاح الذي طال انتظاره لقطاع الكهرباء الذي تديره الدولة والذي يستنزف مليار دولار من الخزينة كل عام بينما يفشل في توفير الكهرباء الكافية للبنانيين الذين يعتمدون بشكل خاص على المولدات.
وألقت الضغوط في النظام المالي اللبناني بظلالها على الاقتصاد حيث أصبح من الصعب الحصول على الدولار بسعر الصرف الرسمي.
(شارك في التغطية سليمان الخالدي وليلى بسام وسامية نخول وتلفزيون رويترز - إعداد ليلى بسام للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)