من جوليا بارافيتشيني
أديس ابابا (رويترز) - عندما قرر رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد تعيين مسجون سياسي سابق في يوليو تموز رئيسا لمفوضية حقوق الإنسان التي تمولها الدولة أشاد مؤيدوه بالقرار باعتباره إشارة إلى أن البلاد يمكن أخيرا أن توقف انتهاكات قوات الأمن وتتقدم صوب كسر دائرة نزاعات عرقية دموية.
وترك دانييل بيكيلا وظيفة مرموقة في المنظمة الحقوقية هيومن رايتس ووتش في نيويورك وعاد إلى بلاده لتقلد المنصب.
والآن يصدمه الواقع. وقال لرويترز في مقابلة يوم الجمعة إن لديه محققا واحدا لكل مليون إثيوبي، وإن الأجور المتدنية تقف حائلا دون جذب العاملين الموهوبين والمحافظة عليهم.
ويعادل أجره الشهري بعد الضريبة 270 دولارا وهو الأجر الشائع لموظفي الحكومة.
ويوافق البرلمان الذي يرفع بيكيلا تقاريره إليه على ميزانية المفوضية التي تعادل ثلاثة ملايين دولار، لكن وزارة المالية يتعين أن تقر جميع أوجه الإنفاق وهو ما يمثل قيدا على استقلال المفوضية.
وقال بيكيلا إنه حتى إذا كانت الميزانية كافية فإن البيروقراطية تمنع إرسال الباحثين بسرعة للتحقيق في الاشتباكات العرقية في مختلف أنحاء البلاد، والتي أودت بحياة مئات الأشخاص في الشهور القليلة الماضية وحدها.
وأنشئت المفوضية قبل 15 عاما لكنها غير فعالة بشكل كبير. وارتكبت قوات الأمن انتهاكات واسعة ضد المدنيين لكن المفوضية نادرا ما كانت توثقها.
وبعد ثلاث سنوات من الاحتجاجات رضخ الائتلاف الحاكم للضغط وعين أبي في أبريل نيسان لإجراء إصلاحات. وفي الشهر الماضي نال أبي جائزة نوبل للسلام عن جهوده لإقرار السلام مع إريتريا المجاورة بعد صراع بين البلدين دام طويلا. وعين أبي معارضين سابقين، مثل بيكيلا، في مناصب كبيرة في قطاع العدالة وهو ما أحيا الآمال في ألا تمر الانتهاكات دون عقاب.
وقال بيكيلا إن على إثيوبيا أن تضغط بشدة إذا كانت تريد كسر دائرة العنف.
وقال "من المهم بنفس القدر أن تكون قويا وبنفس الدرجة في الضغط من أجل المحاسبة على الانتهاكات". وأضاف "غياب المحاسبة (اليوم) هو السبب ببساطة في استمرار الانتهاكات والإفلات من العقاب".
وتتلقى المفوضية مئات الشكاوى شهريا. والمكتب الذي يجلس إليه بيكيلا مكدس بالخطابات التي تتراوح الشكايا بداخلها بين العنف الأسري والقتل الجماعي. وقال إن نسبة بسيطة منها فقط يتم التحقيق فيها بسبب ندرة الموارد.
وعلى المكتب أيضا صورة لزوجة بيكيلا وأطفاله الثلاثة الذين ما زالوا في نيويورك.
وقال بيكيلا إنه متمسك بدوره الجديد على الرغم من التحديات.
وقال "الأمر يستحق لأننا في عهد سياسي جديد ببداية جديدة وفرصة جديدة واعدة للغاية".
وقاد أبي إصلاحات شملت إنهاء حظر الأحزاب السياسية والإفراج عن المسجونين السياسيين والترحيب بعودة الجماعات المتمردة من المنفى. لكن كان من شأن الحريات الجديدة تصاعد التوترات التي كانت خامدة بتأثير القمع منذ وقت طويل بين الجماعات العرقية الكثيرة في البلاد.
وتحقق المفوضية في اشتباكات وقعت الشهر الماضي في منطقة أوروميا وأسفرت عن مقتل أكثر من 80 شخصا ونزوح آخرين عن ديارهم وتدمير بعض الممتلكات.
وتم نشر الجيش الاتحادي لإنهاء العنف في عدد من مناطق البلاد ويخشى كثيرون من مزيد من إراقة الدماء قبل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في مايو أيار العام المقبل.
ومن المقرر أن تصوت جماعة سيداما العرقية يوم الأربعاء في استفتاء على تقرير المصير وهو مطلب ثماني جماعات عرقية أخرى على الأقل.
وقال فيسيها تيكلي الباحث في شؤون إثيوبيا بمنظمة العفو الدولية إن المفوضية في حاجة ببساطة إلى إصلاحات جذرية من أجل أن تصبح فعالة. وأضاف أن وجود رئيس ملتزم ليس بديلا عن الإصلاح المؤسسي.
ومضى يقول "المفوضية تواجه تحديات خطيرة بسبب أزمة حقوق الإنسان التي تتزايد حدتها في (إثيوبيا)". وقال "إنها (المفوضية) ليست مهيأة جيدا" للتصدي للأزمة.
(إعداد محمد عبد اللاه للنشرة العربية - تحرير لبنى صبري)