دبي (رويترز) - أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الأربعاء إخماد اضطرابات الشوارع في انتصار على الأعداء الخارجيين للجمهورية الإسلامية، وذلك بعد موجة من المظاهرات العنيفة التي اجتاحت البلاد في أعقاب زيادة في أسعار البنزين الأسبوع الماضي.
وذكرت منظمة العفو الدولية أنها وثقت مقتل 106 محتجين على يد قوات الأمن، وهو ما يجعلها أسوأ اضطرابات في إيران في عقد على الأقل وربما منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وما زالت خدمة الإنترنت مقطوعة في إيران منذ أيام، مما يجعل من الصعب الحصول على تقارير يعتد بها عن حجم الاضطرابات. لكنها على ما يبدو أسوأ أعمال عنف على الأقل منذ أخمدت إيران "الثورة الخضراء" عام 2009، عندما قتل عشرات المحتجين على مدى عدة أشهر.
وعلى الرغم من إعلان السلطات أن الشوارع باتت هادئة الآن، فإن التسجيلات المصورة المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت ما بدا أنها مشاهد عنف مستمرة اليوم الأربعاء، خامس يوم من الاضطرابات.
تأتي الاضطرابات في وقت يواجه فيه الاقتصاد الإيراني حالة من الشلل جراء عقوبات أمريكية أوقفت تقريبا صادراته النفطية، وبينما تجابه حكومتا العراق ولبنان، وهما بلدان يضمان فصائل تساندها إيران، مظاهرات تزداد عنفا.
وقال روحاني في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي "الشعب الإيراني نجح مجددا في اختبار تاريخي وأظهر أنه لن يدع الأعداء يستفيدون من الوضع، حتى وإن كانت لديه شكاوى من إدارة البلاد".
وكان الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي قال يوم الثلاثاء إن الاحتجاجات مسألة أمنية وليست حركة شعبية وتم التعامل معها بنجاح.
وفي لقطات حية بثها التلفزيون الرسمي، ظهر آلاف يشاركون في مظاهرات مؤيدة للحكومة يوم الأربعاء، بما في ذلك تجمعات في عدة مدن وبلدات ردد خلالها المحتجون هتاف "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل".
وذكر مسؤولون إيرانيون أن "مثيري الشغب" أحرقوا ما لا يقل عن مئة بنك وعشرات المباني والسيارات، مضيفين أن السلطات ألقت القبض على نحو ألف محتج. وذكرت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية أن أجهزة الأمن ألقت القبض على عدد من الإيرانيين المزدوجي الجنسية.
وألقت إيران بالمسؤولية في الاحتجاجات على "بلطجية" لهم صلة بمنفيين وأعداء في الخارج، في إشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية.
وقالت وكالة فارس دون الخوض في تفاصيل "المواطنون المعتقلون ممن يحملون أيضا الجنسيات الألمانية والتركية والأفغانية تلقوا تدريبا وتمويلا من أجهزة مخابرات أجنبية... لإثارة العصيان المدني في إيران... كانت بحوزتهم معدات تستخدم في التخريب".
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي قوله إنه تم إحباط مؤامرة لتفجير منشآت رئيسية لإنتاج الغاز في عسلوية على الخليج، وألقى بالمسؤولية في ذلك على "مخربين".
وذكرت العفو الدولية أنها استقت إعلانها مقتل ما لا يقل عن 106 محتجين في 21 مدينة من تقارير شهود ومقاطع مصورة تم التحقق منها ومعلومات من نشطاء حقوقيين.
وقالت إن السلطات تسحب الجثث من الشوارع وترفض إعادتها أو تجبر الأسر على دفنها سريعا.
ووصفت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة التقارير عن الضحايا بأنها "مجرد تكهنات ولا يعتد بها" ما لم تؤكدها حكومة طهران.
وقال المتحدث باسم البعثة علي رضا ميريوسفي على تويتر "المزاعم التي لا أساس لها والأرقام الملفقة التي ساقتها كيانات غربية متحيزة لا تهز عزم الحكومة على اتخاذ قرارات اقتصادية حكيمة".
وزادت المصاعب التي يواجهها المواطنون الإيرانيون للوفاء باحتياجاتهم منذ سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العام الماضي الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية وعاود فرض عقوبات عليها.
وتدهور الاقتصاد الإيراني جراء ذلك بالإضافة إلى ارتفاع التضخم وزيادة البطالة وانخفاض قيمة الريال والفساد الحكومي وسياسة "الضغوط القصوى" التي تتبعها واشنطن تجاه الجمهورية الإسلامية.
وقالت الحكومة إنها رفعت أسعار البنزين 50 بالمئة بهدف تحصيل حوالي 2.55 مليار دولار سنويا لاستخدامها في توفير دعم إضافي لنحو 18 مليون أسرة تعاني شظف العيش بسبب تدني الدخل. وحددت الحكومة المدفوعات النقدية بما يصل إلى 550 ألف ريال (4.44 دولار) فقط للفرد شهريا.
(تغطية صحفية باريسا حافظي في دبي وبابك دهقان بيشة في جنيف- إعداد علي خفاجي للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)