من ستيف ستيكلو
لندن (رويترز) - عندما اجتاحت المظاهرات المناوئة للحكومة هونج كونج في أغسطس آب نشرت رويترز تقريرا حساسا عن رفض بكين اقتراحا ثانيا قدمته الرئيسة التنفيذية للمدينة كاري لام يدعو للاستجابة لبعض مطالب المحتجين في محاولة لنزع فتيل الاضطرابات.
وعزز التقرير زعما رئيسيا للمحتجين وهو أن بكين تتدخل بشكل كبير في شؤون المدينة التي تتمتع بما يشبه الحكم الذاتي. واستنكرت صحيفة تديرها الدولة التقرير ووصفته بأنه "كاذب" و"مخجل". وبسرعة صار التقرير غير متاح في البر الرئيسي للصين.
ولم تكن الحكومة الصينية هي التي حجبت التقرير إنما حجبته ريفينيتف، وهي الشركة التي توزع أخبار رويترز على المستثمرين في مختلف أنحاء العالم على (آيكون) وهي منصة للتداول والأدوات التحليلية.
وكان التقرير واحدا ضمن عدد متزايد من التقارير التي حجبتها ريفينيتف، التي كانت حتى العام الماضي مملوكة للشركة الأم لرويترز وهي شركة طومسون رويترز، عن البر الرئيسي للصين تحت ضغط الحكومة المركزية في بكين.
ومنذ أغسطس آب حجبت ريفينيتف في البر الرئيسي للصين أكثر من 200 تقرير عن احتجاجات هونج كونج بالإضافة إلى تقارير أخرى كثيرة لرويترز يمكن أن تغضب الصين. وتظهر وثائق ريفينيتف الداخلية أن الشركة أنشأت خلال الصيف نظاما آليا لتصفية وغربلة الأخبار وتسهيل الرقابة. واشتمل النظام على إضافة شفرة جديدة يتم إلحاقها ببعض التقارير عن الصين تسمى "أخبار ممنوعة".
ونتيجة لذلك تم حرمان عملاء ريفينيتف في الصين من تغطية أحد أهم أكبر الوكالات الإخبارية خلال العام ومن بينها تقريران لرويترز عن تخفيض مركز هونج كونج من جانب وكالات التصنيف الائتماني. وتأثرت قرابة مئة مؤسسة إعلامية أخرى متاحة على منصة (آيكون) بعملية تصفية الأخبار.
وتعززت الرقابة في الصين في السنوات الماضية في ظل حكم الرئيس شي جين بينغ. وتعرضت الشركات الغربية لضغوط متزايدة لحجب الأخبار والآراء والمنتجات التي ترى بكين أنها تنطوي على خطورة سياسية.
وتجني ريفينيتف عشرات الملايين من الدولارات نظير ما تقدمه من خدمة إخبارية في الصين. وكما ذكرت رويترز في يونيو حزيران نقلا عن ثلاثة أشخاص مطلعين على الموضوع بدأت ريفينيتف جهود الرقابة في وقت سابق من العام الحالي بعد أن هددت مؤسسة تنظيم إعلامي بوقف عملياتها في الصين.
وانضمت ريفينيتف إلى قائمة تطول من الشركات التي ترضخ للمطالب الصينية. ومن بين هذه الشركات عملاق الخدمات الفندقية شركة ماريوت إنترناشونال إنكوربوريشن التي أغلقت في العام الماضي بشكل مؤقت مواقعها الإلكترونية في الصين واعتذرت عن الإشارة إلى تايوان كدولة مستقلة في استطلاع لآراء العملاء وأمور أخرى.
وأغضبت هذه الرقابة كبار مسؤولي الأعمال والأخبار التنفيذيين في رويترز والمديرين في شركة تومسون رويترز فاوندرز شير وهي كيان مستقل مهمته الحفاظ على استقلالية وكالة الأنباء.
وفي كلمة لصحفيي رويترز خلال زيارة لغرفة الأخبار في سنغافورة في أكتوبر تشرين الأول وجه كيم وليامز الإعلامي الاسترالي الذي يرأس شركة تومسون رويترز فاوندرز شير انتقادا حادا لريفينيتف واصفا تصرفاتها بأنها "شائنة" واستسلام أمام "عدوان سياسي صريح" من بكين.
وقال ستيفن أدلر رئيس التحرير لصحفيي رويترز في لندن في نوفمبر تشرين الثاني إن الرقابة "تلحق الضرر" بسمعة رويترز مضيفا "أنا لا أقبلها".
وقالت مصادر مطلعة إن ديفيد كريج الرئيس التنفيذي لريفينيتف وجيم سميث الرئيس التنفيذي لتومسون رويترز أجريا محادثات متعددة كان آخرها هذا الاسبوع في محاولة لحل المشكلة.
وقال مسؤول كبير في تومسون رويترز إن سميث "اشتد قلقه" عندما علم بقرار كريج بتطبيق عملية غربلة الأخبار لحجب بعضها.
تأسست ريفينيتف العام الماضي عندما اشترى كونسورتيوم بقيادة شركة بلاكستون العملاقة للاستثمار المباشر حصة نسبتها 55 بالمئة في وحدة المعلومات المالية والمخاطر بتومسون رويترز مقابل 20 مليار دولار وأعادت تسميتها ريفينيتف.
وفي إطار الصفقة وافقت ريفينيتف على دفع مبلغ سنوي لرويترز قدره 325 مليون دولار قابل للزيادة حسب التضخم مقابل استخدام أخبارها لمدة 30 سنة.
(إعداد محمد عبداللاه وأيمن سعد مسلم للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)