من أندريا شلال ومايكل نينابر
الرياض (رويترز) - أشار المسؤولون الماليون في دول مجموعة العشرين يوم الأحد لتغير المناخ في بيانهم الختامي للمرة الأولى في عهد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنهم امتنعوا عن وصفه بالخطر الكبير على الاقتصاد.
وفي تغلب على اعتراضات الولايات المتحدة، احتفظت الصياغة التوافقية للبيان بالإشارة إلى عمل مجلس الاستقرار المالي على دراسة تداعيات تغير المناخ على الاستقرار المالي، لكنها أسقطت تغير المناخ من قائمة المجلس للمخاطر التي تواجه النمو الاقتصادي العالمي.
وقلل وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين من أهمية لغة البيان، واصفا إياها بأنها إشارة "واقعية بحتة" إلى العمل الذي يقوم به مجلس الاستقرار المالي. لكن عدة مصادر في مجموعة العشرين قالت إن لغة البيان تمثل تقدما نحو إدراك أكبر للمخاطر الاقتصادية الناجمة عن تغير المناخ.
وقال منوتشين للصحفيين بعد نشر البيان "لم أرضخ لضغوط من الأوروبيين".
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، الذي يستضيف الاجتماع في الرياض، للصحفيين إن التغير المناخي لا يزال يمثل مسألة مهمة للغاية على جدول أعمال رئاسة السعودية لمجموعة العشرين وإنه جرت مناقشات تتعلق بالمخاطر المالية المرتبطة بشكل عام بهذه القضية.
وأضاف أن المناقشات المتعلقة "بتغير المناخ وحماية البيئة" ستستمر في الاجتماعات الوزارية وفي المجموعات الفنية على مدار العام.
ومنذ أن تولى ترامب السلطة في 2017، يرفض مسؤولو بلاده ذكر تغير المناخ بوصفه خطرا اقتصاديا. وكان من أول إجراءات ترامب الإعلان عن انسحاب واشنطن من اتفاق باريس للمناخ.
وقال مصدران دبلوماسيان في مجموعة العشرين إن المندوبين توصلوا إلى حل وسط بعد أن اعترضت واشنطن على الصيغة الأولية المقترحة والتي أشارت إلى "مخاطر الاقتصاد الكلي المتعلقة بالاستدامة البيئية" ضمن قائمة المخاطر.
وحذفت المسودة النهائية للبيان الختامي تلك الإشارة من فقرتها الأولى لكنها تناولت المخاوف المتعلقة بالمناخ فقط في سياق العمل الذي يقوم به مجلس الاستقرار المالي. وجاءت هذه الإشارة متأخرة في نص البيان الختامي.
وقال البيان إن "تسريع الجهود الرامية إلى تطوير الأسواق المالية أمر ضروري لدعم النمو وتعزيز المرونة والشمول المالي... يعمل مجلس الاستقرار المالي على تقييم تأثير التغير المناخي على الاستقرار المالي".
وأضاف "نرحب بمشاركة القطاع الخاص والشفافية في هذه المجالات".
* تصاعد المخاوف
اجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لمجموعة العشرين في العاصمة السعودية لمناقشة أهم التحديات الاقتصادية العالمية بما في ذلك انتشار فيروس كورونا الجديد.
وتصاعدت المخاوف بشأن التأثير الاقتصادي لتغير المناخ في السنوات الأخيرة، وزادت الضغوط على الشركات لتسريع التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون قبل محادثات الأمم المتحدة عن المناخ المقررة في نوفمبر تشرين الثاني.
وتوقع تقرير صدر الأسبوع الماضي أن يواجه قطاع الخدمات المالية العالمي خطر تكبد خسائر تصل إلى تريليون دولار ما لم يستجب سريعا لتحدي تغير المناخ، إذ قد يجابه سياسات جديدة مثل سن ضرائب على انبعاثات الكربون.
وأدرج صندوق النقد الدولي الكوارث المرتبطة بالمناخ في قائمة المخاطر التي يمكن أن تعرقل الانتعاش المتوقع "الهش للغاية" للاقتصاد العالمي في 2020.
وبحسب تقديره، من الممكن أن تؤدي كارثة طبيعية مرتبطة بالمناخ في بلد ما إلى تقليص النمو السنوي به بمعدل 0.4 نقطة مئوية.
وقالت مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجيفا خلال مؤتمر بالرياض يوم الجمعة عشية محادثات مجموعة العشرين "يجب ألا نتهرب مما يحدث. أزمة المناخ تداهمنا".
وفي بيان بعد انتهاء الاجتماعات، دعت جورجيفا إلى اتخاذ إجراءات مكثفة "لزيادة التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها".
وتوقع البيان حدوث انتعاش متواضع في النمو العالمي هذا العام والعام المقبل، لكنه أشار إلى مخاطر فيما يتعلق بهذه النظرة ناجمة عن التوتر الجيوسياسي واستمرار التوتر التجاري، فضلا عن عدم التيقن الذي يكتنف السياسات.
(إعداد محمد اليماني للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)