من كريستيان لوي وطوان جمركجي
باريس/أنقرة (رويترز) - طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من مواطني بلاده مقاطعة البضائع الفرنسية يوم الاثنين في أحدث تعبير عن الغضب في العالم الإسلامي من عرض رسوم كاريكاتيرية في فرنسا يعتبرها المسلمون مسيئة للنبي محمد.
وفي بنجلادش، رفع المتظاهرون يوم الاثنين لافتات عليها رسم كاريكاتيري للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتحته عبارة "ماكرون عدو السلام". واستدعت باكستان السفير الفرنسي في إسلام اباد يوم الاثنين للاحتجاج.
ولدى أردوغان تاريخ من العلاقات المتوترة مع ماكرون وقال إن فرنسا تتبع أجندة معادية للإسلام.
وقال يوم الاثنين "أدعو كل المواطنين من هنا إلى عدم مساعدة العلامات التجارية الفرنسية أبدا أو شرائها".
وانضم أردوغان بذلك للكثير من الأصوات التي تدعو للمقاطعة. وأعلن اتحاد (SE:7020) الجمعيات التعاونية الاستهلاكية بالكويت مقاطعة المنتجات الفرنسية وقال رئيسه فهد الكشتي لرويترز "تم رفع جميع المنتجات الفرنسية من جميع الجمعيات".
وفي السعودية، أكبر اقتصاد عربي، احتلت وسوم تدعو لمقاطعة سلسلة متاجر كارفور (PA:CARR) للتجزئة مراكز متقدمة وحظيت بمتابعة وتأييد على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن متجرين زارتهما رويترز في العاصمة الرياض بدا أنهما يعملان كالمعتاد اليوم الاثنين. وقال ممثل للشركة في فرنسا إن دعوات المقاطعة لم يظهر أثرها بعد.
وعلى الرغم من أن الأثر الفوري لدعوات المقاطعة يصعب تقييمه إلا أن شركات فرنسية كبرى تعمل في أسواق ذات أغلبية مسلمة حول العالم. وفي تركيا تحظى السيارات الفرنسية برواج كبير.
كان أردوغان قد قال يوم السبت إن ماكرون لديه مشكلة مع المسلمين ويحتاج إلى فحوص نفسية وهو انتقاد ردت عليه باريس باستدعاء سفيرها في أنقرة.
وقال أردوغان في كلمة يوم السبت "ما مشكلة هذا الشخص المسمى ماكرون مع المسلمين والإسلام؟ ماكرون يحتاج إلى علاج نفسي".
* ذبح مدرس
فجر الخلاف هجوم بسكين خارج مدرسة فرنسية في 16 أكتوبر تشرين الأول عندما ذبح شاب من أصل شيشاني يبلغ من العمر 18 صمويل باتي، وهو معلم بالمدرسة الإعدادية يبلغ من العمر 47 عاما كان قد عرض على تلاميذه رسوما للنبي محمد خلال درس عن حرية التعبير في حصة التربية المدنية.
وقال مسؤولون فرنسيون إن ذبح المدرس كان اعتداء على حرية التعبير، جوهر القيم الفرنسية، ودافعوا عن الحق في نشر الرسوم.
وفي الأيام التالية، عُرضت الرسوم الكاريكاتيرية على واجهة مبنى في إحدى المدن وعرضها الناس خلال احتجاجات في أنحاء مختلفة من فرنسا. وقال ماكرون إنه سيضاعف جهوده حتى لا تطغى المعتقدات الإسلامية المتزمتة على القيم الفرنسية.
وقالت هيئة كبار العلماء وهي أعلى سلطة دينية في السعودية في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية في وقت متأخر من مساء الأحد "الإساءة إلى مقامات الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لن يضرّ أنبياء الله ورسله شيئا، وإنما يخدم أصحاب الدعوات المتطرفة الذين يريدون نشر أجواء الكراهية بين المجتمعات الإنسانية".
وأضاف البيان "واجب العقلاء في كل أنحاء العالم مؤسسات وأفرادا إدانة هذه الإساءات التي لا تمت إلى حرية التعبير والتفكير بصلة، وإنما هي محض تعصب مقيت، وخدمة مجانية لأصحاب الأفكار المتطرفة".
وأصدرت حكومة قطر اليوم الاثنين بيانا قالت فيه "دولة قطر تدين التصاعد الكبير للخطاب الشعبوي المحرض على الإساءة للأديان، وأكدت على رفضها التام لكافة أشكال خطاب الكراهية المبني على المعتقد أو العرق أو الدين".
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يوم الاثنين إن إهانة المسلمين إساءة استغلال "انتهازية" لحرية التعبير. وكتب ظريف على تويتر دون أن يخاطب ماكرون مباشرة "المسلمون هم الضحايا الرئيسيون لعقيدة الكراهية".
وأضاف "إهانة 1.9 مليار مسلم ومقدساتهم بسبب الجرائم المقيتة لمثل هؤلاء المتطرفين هو إساءة استغلال انتهازية لحرية التعبير لا تسهم سوى في تغذية التطرف".
* حلفاء أوروبيون
أبدى عدد من زعماء الدول الشريكة لفرنسا في الاتحاد الأوروبي تأييدهم للرئيس الفرنسي يوم الاثنين.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي في تغريدة على تويتر إن تصريحات أردوغان الموجهة لماكرون غير مقبولة.
وكتب قائلا "تضامن تام مع الرئيس إيمانويل ماكرون... توجيه الإهانات الشخصية لا يساعد الأجندة الإيجابية التي يريدها الاتحاد الأوروبي مع تركيا".
وأيد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس فرنسا يوم الاثنين، واصفا هجمات أردوغان الشخصية على ماكرون بأنها انحدار جديد.
وقال رئيس وزراء هولندا مارك روته إن تصريحات أردوغان بحق ماكرون غير مقبولة وأضاف على تويتر "هولندا تقف بثبات مع فرنسا والقيم الجمعية للاتحاد الأوروبي. من أجل حرية التعبير وضد التطرف والتشدد".
ووقفت فرنسا بحزم في مواجهة التعبير عن الغضب. وقال ماكرون في تغريدة على تويتر يوم الأحد "نحترم كل أوجه الاختلاف بروح السلام" لكنه أضاف "لا شيء يجعلنا نتراجع، أبدا".
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن أقلية متطرفة هي التي تقف وراء انتقاد فرنسا، وحثت الحكومات الأجنبية على التنصل من دعوات المقاطعة.
(إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)