من لمين شيخي
عين الدفلى (الجزائر) (رويترز) - أطلق جنود جزائريون النار بطلقات كبيرة العيار على سفح تل وعر في جبال عين الدفلى الأسبوع الماضي في إطار عملية لاحتواء الخطر القائم الذي يمثله متطرفون مسلمون بعد أن شنوا هجوما جديدا الشهر الماضي.
انتشر الجنود تحت المطر بين أشجار الصنوبر على امتداد دروب طينية وبنادقهم مرفوعة قبل أن يجثموا على الأرض وكان كثيرون منهم صغار السن لا يذكرون شيئا عن حركة التمرد التي شنها المتطرفون في التسعينيات وسقط فيها 200 ألف قتيل جزائري.
وبعد مرور عقدين من الزمان على انتهاء سيل الدماء تم احتواء القسم الأعظم من الخطر الذي يمثله المسلحون في الجزائر. غير أن رجال تنظيم القاعدة وجماعات أخرى أحدها فرع تنظيم الدولة الإسلامية لا يزالون صامدين في بعض المناطق النائية، أغلبهم في المنطقة الحدودية الصحراوية مع دولتي مالي والنيجر.
وتستهدف العملية المُنفذة في عين الدفلى مجموعة صغيرة يعتقد الجيش أن أفرادها يختبئون في الجبال الواقعة على مسافة 180 كيلومترا غربي العاصمة الجزائر.
وقال الجيش إن هذه المجموعة انفصلت عن الجماعة السلفية للدعوة والقتال، أحد أقدم التنظيمات المسلحة التي تعتنق الفكر المتشدد في الجزائر، التي سبقت تنظيم القاعدة.
ورافق أفراد عسكريون رويترز ووكالة أنباء محلية خلال العملية العسكرية.
وقال ضابط برتبة نقيب "هدفنا هو تثبيت مجموعة من الإرهابيين في هذا المحيط ومحاصرتهم وتصفيتهم".
سار طابور هذا الضابط المؤلف من خمس عربات عبر الأرض القاحلة مستخدما أجهزة تشويش لمنع المسلحين من استخدام الهواتف المحمولة في تفجير عبوات ناسفة.
وفي الطقس المطير استغرق الطابور ساعتين تقريبا لقطع مسافة 50 كيلومترا فقط على امتداد دروب أرضها طينية تحت قمة جبل الونشريس الذي يبلغ ارتفاعه 2000 متر.
وفي أحد الأماكن جلس جنود خلف أكياس من الرمل في معسكر بالعراء مصوبين أنظارهم عبر الوادي (CA:ELWA) الجبلي بينما كانت الرياح تتلاعب بالغطاء المموه فوقهم.
* أعداد صغيرة
دوت طلقات من عيار كبير في المشهد الفسيح. كان الجنود يطلقون النار على مناطق لم يستطيعوا الوصول إليها.
وقال ضابط برتبة عقيد "الهدف من هذه الطلقات هو تطهير مناطق ربما يكون الإرهابيون مختبئين فيها".
وتحول التركيز الأمني الرئيسي في الجزائر في السنوات الأخيرة من الخطر الداخلي الذي تفشى في فترة من الفترات في المناطق الريفية والمدن ذات الكثافة السكانية العالية إلى المناطق الحدودية مع دول غير مستقرة.
وقال مصدر أمني عن الجماعات المسلحة التي لا تزال موجودة في الجزائر "هي بأعداد صغيرة ولذا تحتاج لاصطيادها واحدة واحدة".
ورغم أن بعض المسلحين لا يزالون في مناطق مثل عين الدفلى فحياة الريف التقليدية مستمرة في المنطقة.
قال لازالي بلقاسم الذي يعمل بالرعي مرتديا ثوبا بني اللون بغطاء رأس وعمامة صفراء ويقود حمارا عبر سفح جبلي بينما كانت أبقاره تسير أمامه إنه يشعر بأمان أكبر مما كان سائدا في الماضي.
وأضاف "كنت في العادة أخاف جدا من الإرهابيين. فربما يقتلوك أو يخطفوك".
وفي يناير كانون الثاني الماضي سقط ثلاثة قتلى من الجنود وستة من المسلحين في اشتباكات في منطقة تيبازة بين عين الدفلى والعاصمة الجزائرية.
وكان ذلك حدث نادر الحدوث نسبيا في الآونة الأخيرة في حرب المتشددين التي انتقلت في أغلبها إلى عمق الصحراء.
ووجد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أقوى الجماعات المسلحة العاملة في شمال أفريقيا مساحة أكبر للمناورة في حركات التمرد التي تهز مالي والنيجر.
ولقي زعيم التنظيم السابق عبد الملك دروكدال حتفه في مالي العام الماضي. ومن المعتقد أن الجزائري أبو عبيدة يوسف العنابي الذي خلفه في زعامة التنظيم يتمركز في مالي.
ويسعى التنظيم الذي تأسس 2007 لإقامة الحكم الإسلامي لكنه لم يشن أي هجمات كبرى منذ الهجوم الذي وقع عام 2013 على محطة غاز في الصحراء وسقط فيه 40 قتيلا من العمال وأكثر من 20 مسلحا.
وفي العام الماضي قالت وزارة الدفاع إنها قتلت 21 مسلحا من المتشددين في الجزائر. ووفقا لتعديلات دستورية تمت الموافقة عليها في استفتاء العام الماضي سيتمكن الجيش مستقبلا من العمل فيما وراء حدود الجزائر في بعض الحالات.
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين)