من بافل بوليتيوك وجوناثان لانداي
كييف/ميكولايف (أوكرانيا) (رويترز) - طلبت موسكو يوم الثلاثاء من المدنيين مغادرة منطقة من أوكرانيا محاذية للضفة الشرقية لنهر دنيبرو، وذلك في إجلاء أوسع نطاقا تقول كييف إنه بمثابة ترحيل قسري من أرض محتلة.
وفي وقت سابق، أمرت روسيا المدنيين بالخروج من جيب تسيطر عليه على الضفة الغربية للنهر حيث تتقدم القوات الأوكرانية لاستعادة مدينة خيرسون. وقال مسؤولون معينون من قبل روسيا يوم الثلاثاء إنهم يوسعون الآن هذا الأمر لإقامة منطقة عازلة عمقها 15 كيلومترا بمحاذاة الضفة الشرقية للنهر أيضا.
وتقول أوكرانيا إن عمليات الإجلاء تشمل عمليات ترحيل قسرية من أرض محتلة، وهي جريمة حرب. وتقول روسيا التي ضمت المنطقة إنها تنقل المدنيين إلى أماكن آمنة خشية احتمال أن تستخدم أوكرانيا أسلحة غير تقليدية.
وقال فلاديمير سالدو، حاكم إقليم خيرسون المحتل المعين من قبل روسيا في رسالة مصورة "بسبب احتمال استخدام النظام الأوكراني لأساليب محظورة في الحرب فضلا عن المعلومات التي تفيد بأن كييف تستعد لضربة صاروخية ضخمة على محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية، هناك خطر محدق بأن تغمر المياه منطقة خيرسون".
وأضاف أن "القرار (الخاص بتوسيع منطقة الإجلاء) سيجعل من الممكن إقامة دفاع متعدد المراحل لصد الهجمات الأوكرانية وحماية المدنيين".
واتهمت موسكو كييف بالتخطيط لاستخدام ما يسمى "قنبلة قذرة" لنشر الإشعاع أو لنسف سد لغمر البلدات والقرى في إقليم خيرسون بالمياه. وتقول كييف إن الاتهامات لها بأنها ستستخدم مثل هذه الأساليب على أرضها سخيفة، لكن روسيا يمكن أن تكون نفسها في مرحلة التخطيط لمثل هذه الأفعال واتهام أوكرانيا بتنفيذها.
وفي الأسابيع الماضية صار مصب نهر دنيبرو، وهو نهر متسع، أحد أكثر جبهات القتال خطورة في الحرب.
ولروسيا آلاف الجنود في الجيب الوحيد الذي تسيطر عليه على الضفة الغربية لنهر دنيبرو وتحاول تعزيز دفاعاتها في المنطقة. وصار التقدم الأوكراني بطيئا في الأيام الماضية. ويشير القادة العسكريون إلى أن ذلك يرجع إلى الطقس البارد والمطير وصعوبة التضاريس.
وحدد سالدو سبع بلدات على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو سيجري إخلاؤها وتضم المناطق الرئيسية المأهولة بمحاذاة هذا القطاع من النهر.
* "لماذا يجب أن أرحل؟"
في مدينة خيرسون كانت الشوارع خالية فعليا يوم الثلاثاء في الوقت الذي أغلقت فيه معظم الشركات والمتاجر أبوابها. واستقل حفنة من الأشخاص كانوا يقفون على رصيف عبارة للوصول إلى الضفة الشرقية لنهر دنيبرو على الرغم من أن قلة من الرجال كانوا يصطادون السمك في سلام فيما بدا أنها لا مبالاة بأصوات نيران المدفعية الآتية من بعيد.
وظل بعض السكان في حالة تحد على الرغم من أمر الإجلاء.
وقالت إيكاتيرينا، وهي صاحبة متجر، بينما تشير إلى البيت الذي قالت إن أجدادها بنوه "لماذا يجب أن أرحل؟... من أجل ماذا؟ سأبقى هنا إلى نهاية النهاية".
واتهم الاتحاد الأوروبي موسكو يوم الثلاثاء بإطلاق برنامج جديد للتجنيد غير القانوني للرجال في شبه جزيرة القرم التي استولت عليها روسيا من أوكرانيا في عام 2014 ليقاتلوا في صفوف قواتها.
وغزت روسيا أوكرانيا في فبراير شباط فيما تسميه "عملية عسكرية خاصة" لاجتثاث العناصر القومية الخطيرة وحماية الناطقين باللغة الروسية. وتقول كييف إن تصرفات روسيا هي استيلاء استعماري على الأرض بالقوة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها أتمت بالفعل حملة التعبئة التي أمر بها الرئيس فلاديمير بوتين في سبتمبر أيلول إذ تم استدعاء 300 ألف جندي من قوات الاحتياط ولم تعد بحاجة إلى استدعاء المزيد.
لكن الكرملين قال يوم الثلاثاء إن بوتين لن يصدر مرسوما جديدا ينهي التعبئة رسميا. وقد أثار ذلك مخاوف من إمكانية إعادة تفعيل القرار بشكل مفاجئ.
وفر الآلاف من الرجال الروس إلى الخارج هربا من التجنيد الإجباري في ظل صراع أودى بحياة آلاف الناس وشرد الملايين وأعاد الانقسامات التي سادت في حقبة الحرب الباردة.
وأطلقت روسيا وابلا ضخما من الصواريخ على مدن أوكرانية يوم الاثنين فيما وصفه بوتين بأنه رد على هجوم على أسطول البحر الأسود الروسي في مطلع الأسبوع. وقالت أوكرانيا إنها أسقطت معظم تلك الصواريخ لكن بعضها أصاب محطات للكهرباء، مما أدى إلى انقطاعها مع إمدادات المياه.
وأبلغ الرئيس إيمانويل ماكرون الزعيم الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مكالمة هاتفية بأن فرنسا ستساعد في إصلاح البنية التحتية للمياه والطاقة التي تضررت من الضربات الروسية.
وفي مديح روسي نادر لزيلينسكي، قال يفجيني بريجوجين، وهو حليف مقرب لبوتين ومؤسس مجموعة واجنر العسكرية الخاصة، إن الرئيس الأوكراني "رجل قوي ولديه ثقة بنفسه وواقعي ويحظى بالقبول"، مضيفا "لا تقلل من شأنه".
* سفن الحبوب
علق بوتين تعاون روسيا مع برنامج تدعمه تركيا والأمم المتحدة لمرافقة سفن الشحن التي تحمل الحبوب للخروج من منطقة الحرب.
كان هذا المشروع، الذي استمر لثلاثة أشهر، قد أنهى الحصار الروسي الفعلي لأوكرانيا، أحد أكبر منتجي الحبوب في العالم، مما حال دون وقوع أزمة غذاء عالمية.
وأبلغ بوتين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مكالمة هاتفية يوم الثلاثاء بأن روسيا ربما تنظر في استئناف هذا الاتفاق فقط بعد الانتهاء من التحقيق في هجمات الطائرات المسيرة على ميناء في شبه جزيرة القرم، والتي حمَّلت موسكو مسؤوليتها لأوكرانيا.
وعلى الرغم من تعليق روسيا مشاركتها في اتفاق الحبوب، لم يتم إعادة فرض أي حصار حتى الآن. وغادرت ثلاث سفن الموانئ الأوكرانية صباح يوم الثلاثاء في إطار هذا البرنامج بعد أن غادرت 12 سفينة يوم الاثنين.
وقال مسؤولو البرنامج إن شحنات يوم الثلاثاء غادرت بموافقة أوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة وإنه تم إخطار موسكو بها، في إشارة واضحة إلى استعدادها للمضي قدما دون تعاون روسي.
وعلى المشارف الشمالية لخيرسون، أطلقت روسيا خلال الليل أربعة صواريخ على مدينة ميكولايف الأوكرانية حيث دمرت نصف مبنى سكني. وشاهدت رويترز عمال الإنقاذ ينتشلون جثة امرأة عجوز من تحت الأنقاض.
ومع بدء ساعة الذروة، سار المارة أمام مدرسة من طابقين تضررت واجهتها بشدة جراء انفجار صاروخ آخر.
وقالت إيرينا سيدن (48 عاما) نائبة مدير المدرسة، بينما تقف أمام المبنى المدمر مع بدء العمال في إزالة الأنقاض "هذا ما يفعله الهمجيون".
(إعداد محمد عبد اللاه ومحمد علي فرج للنشرة العربية - تحرير أحمد صبحي)