من خالد عبد العزيز ونفيسة الطاهر
الخرطوم (رويترز) - وقع الجيش وأحزاب سياسية في السودان يوم الاثنين اتفاقا إطاريا ينص على تدشين مرحلة انتقال سياسي يقودها مدنيون لعامين وتنتهي بإجراء انتخابات، ويهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية، التي شابتها مواجهات عنيفة في بعض الأحيان، بعد انقلاب أكتوبر تشرين الأول 2021.
وواجه الاتفاق، الذي قد يمثل مرحلة جديدة للسودان، بالفعل معارضة من جماعات الاحتجاج التي تعارض إجراء مفاوضات مع الجيش ومن الفصائل الإسلامية الموالية لنظام الرئيس السابق عمر البشير الذي أطيح به في عام 2019.
وتظاهر عدة آلاف بالعاصمة الخرطوم احتجاجا على الاتفاق، وحدثت مواجهات بين بعضهم وقوات الأمن التي أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت على بعد نحو كيلومترين من مكان توقيع الاتفاق.
وبموجب الاتفاق الإطاري، وافق الجيش، الذي قاد الحكومة منذ الانقلاب، على الحد من دوره ليقتصر على تمثيله فقط في مجلس للأمن والدفاع برئاسة رئيس الوزراء.
ولم يحدد الاتفاق الإطاري أي موعد لإبرام اتفاق نهائي أو تعيين رئيس للوزراء، وترك قضايا حساسة مثل العدالة الانتقالية وإصلاح قطاع الأمن لمزيد من المحادثات.
وبعد توقيع الاتفاق في القصر الرئاسي، قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إنه ينبغي للمدنيين أن يسيطروا على السياسة وأن يوجهوا السياسة الخارجية.
وهلل الموقعون عندما ردد البرهان الشعار الذي هتف به المحتجون خلال مطالبتهم الجيش بترك السياسة "العسكر للثكنات، والأحزاب للانتخابات".
وعطل انقلاب العام الماضي ترتيبات تقاسم السلطة بين الجيش وائتلاف قوى الحرية والتغيير. ولم يُعين أي رئيس للوزراء منذ بداية العام الجاري.
وأدى الانقلاب إلى خروج احتجاجات شعبية لأكثر من عام ضد الجيش، وقتلت قوات الأمن خلال تلك الفترة أكثر من 100 مدني، بحسب إحصاءات المسعفين.
وقالت السلطات إنه مصرح بالاحتجاجات السلمية وسيجري تحقيق بشأن القتلى والجرحى.
وقال شاهد من رويترز إن ضباط الأمن أطلقوا يوم الاثنين قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لتفريق المحتجين على بعد نحو 1.5 كيلومتر من القصر الرئاسي.
وقال متظاهر يدعى أحمد فتح الرحمن (36 عاما)، ويعمل موظفا حكوميا، "سنهزم هذا الاتفاق لأنه تمديد للانقلاب. نريد العدالة لشهدائنا، ومحاكمة الجيش، وحكما مدنيا".
وتعهد محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان، بحماية الانتقال وتقدم بالاعتذار عن عنف وأخطاء الدولة تجاه المجتمعات عبر مختلف الحقب التاريخية.
- "مناخ حر"
العديد من الأحزاب الموقعة على الاتفاق الإطاري يوم الاثنين هي نفسها التي وقعت إعلانا دستوريا بعد أشهر من الإطاحة بالبشير، لتأسيس المرحلة الانتقالية الأولى.
وقال الواثق البرير المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير "أهداف الاتفاق: إقامة سلطة مدنية كاملة، تهيئة المناخ الحر للعملية السياسية، الوصول لاتفاق نهائي بأوسع مشاركة سياسية".
وكان الجيش يحث فصيلا منفصلا وأصغر حجما من قوى الحرية والتغيير على دعم الاتفاق، على الرغم من أن أحد أعضاء الفصيل، المتمرد السابق ووزير المالية جبريل إبراهيم، انتقد الاتفاق على تويتر وقال إنه "إقصائي".
وتسبب الانقلاب في تعليق مليارات الدولارات من المساعدات المالية الدولية، مما فاقم الأزمة الاقتصادية في السودان.
ورغم تباطؤ التضخم فإنه ما زال أعلى من 100 بالمئة. والجوع ينتشر وتتدهور الأوضاع المعيشية لكثيرين.
وقال محمد حسن (58 عاما)، وهو عامل بناء في الخرطوم، "لا نهتم بالسياسة. نأمل أن يحسن هذا الاتفاق الأوضاع الاقتصادية وأن يوفر الرعاية الصحية والتعليم لنا ولأطفالنا".
وقال شركاء دوليون، ممن توسطوا في الاتفاق الإطاري، إنه يجب تعيين حكومة مدنية ذات مصداقية قبل استئناف المساعدات.
ورحبت مجموعة تتألف من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة باتفاق يوم الاثنين، قائلين إنهم يعملون مع شركاء "لتنسيق الدعم الاقتصادي الضروري".
وقالت المجموعة في بيان "من الضروري بذل جهود متضافرة لإنهاء المفاوضات والتوصل إلى اتفاق سريعا لتشكيل حكومة جديدة بقيادة مدنية".
(إعداد محمود رضا مراد وسها جادو ورحاب علاء ومحمد أيسم للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين)