من راتشنا أوبال وعزيز اليعقوبي ويوسف سابا
الرياض (رويترز) - تتوقع المملكة العربية السعودية تسجيل فائض في الميزانية للعام الثاني على التوالي في 2023، وإن كان أقل بنسبة 84 بالمئة عن فائض هذا العام، إذ من المتوقع أن تلقي حالة عدم اليقين التي تكتنف المشهد الاقتصادي العالمي وانخفاض أسعار النفط بثقلهما على الإيرادات.
وأقرت المملكة يوم الأربعاء ميزانية بقيمة 1.114 تريليون ريال سعودي (296 مليار دولار) لعام 2023، مع توقعات بتحقيق فائض 0.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي انخفاضا من نسبة متوقعة تبلغ 2.6 بالمئة في عام 2022.
والإنفاق أقل قليلا من 1.132 تريليون ريال هذا العام. ومن المتوقع أن تبلغ الإيرادات 1.13 تريليون ريال انخفاضا من 1.234 تريليون ريال في 2022 لأن من المرجح أن تنخفض أسعار النفط عن مستويات العام الجاري المرتفعة.
وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري "من المتوقع أن يكون التأثير الاقتصادي (للخفض المعتدل في الإنفاق) محدودا، لا سيما وأن صندوق الاستثمارات العامة يقود معظم النشاط الاستثماري"، في إشارة إلى صندوق الثروة السيادية بالمملكة.
وقال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يوم الأربعاء في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية إن فائض ميزانية 2023 سيُوجه لتعزيز الاحتياطيات الحكومية ودعم الصناديق الوطنية، مثل صندوق الاستثمارات العامة، وتقوية المركز المالي للمملكة.
وقال وزير المالية محمد الجدعان لقناة العربية إن معظم الفائض سيذهب على الأرجح لتعزيز الاحتياطيات، لكن لم يُتخذ قرار نهائي بعد.
وساعد ارتفاع أسعار النفط في تحول الميزان المالي للمملكة إلى تحقيق أول فائض منذ 2013 هذا العام، والذي من المتوقع أن يبلغ 102 مليار ريال في 2022، وهو تعديل صعودي بالمقارنة مع توقع تحقيق فائض بنسبة 2.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في بيان صدر قبل الميزانية في سبتمبر أيلول. ومع ذلك، فهو أقل من 5.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي التي توقعها صندوق النقد الدولي في تقرير صدر في أغسطس آب.
وقال الجدعان للصحفيين إن التعديل في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 مدفوع بشكل كبير بنشاط القطاع الخاص غير النفطي، مضيفا أن التخفيضات المستهدفة للإنتاج من قبل تحالف منتجي أوبك+ في نوفمبر تشرين الثاني وديسمبر كانون الأول كان لها تأثير على الناتج المحلي الإجمالي لقطاع النفط.
وتابع الجدعان قائلا إن الخفض تم تعويضه بتحسن أفضل في نشاط القطاع الخاص غير النفطي، مضيفا أن من المتوقع تحقيق نمو مماثل أو أعلى في هذا القطاع خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.
ولا تكشف السعودية عن سعر النفط الذي تعتمد عليه ميزانيتها. ويقدر صندوق النقد الدولي سعر التعادل المالي للنفط في المملكة عند 73.3 دولار للبرميل هذا العام و66.8 دولار للبرميل العام المقبل.
وقالت مونيكا من بنك أبوظبي التجاري إن ميزانية 2023 تستند إلى سعر نفط يتراوح بين 78 و80 دولارا. وقدَّره مازن السديري، مدير إدارة الأبحاث في الراجحي المالية، بنحو 78 دولارا.
- قيود مالية
بعد انهيار أسعار النفط في أعقاب الجائحة، تعهدت المملكة بفرض قيود مالية، ولكنها عززت الإنفاق خلال هذا العام لتخفيف أثر التضخم على بعض مواطنيها.
وقال الجدعان إن السعودية اتخذت قرارات صعبة جدا بعدما استنفدت خلال السنوات الست أو السبع الماضية نحو تريليون ريال من الودائع الحكومية واقترضت نفس المبلغ تقريبا لدعم عجز الميزانية.
ومن بين الإجراءات التي تم اتخاذها، زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى ثلاثة أمثالها إلى 15 بالمئة في مايو أيار 2020. وعندما سُئل عما إذا كانت المملكة تخطط لخفض الضريبة، قال الجدعان إن مجرد وجود فائض لمدة عام أو عامين ثم التسرع في تغيير السياسات يعد تحركا سابقا لأوانه.
وتتوقع السعودية أن يتباطأ النمو الاقتصادي إلى 3.1 بالمئة في عام 2023 من 8.5 بالمئة هذا العام بزيادة نصف نقطة مئوية مقارنة بتوقعات ما قبل الميزانية. ومن المتوقع أن ينخفض الدين العام 3.5 بالمئة إلى 951 مليار ريال العام المقبل، أو 24.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقالت وزارة المالية إن من المتوقع أن تصل احتياطيات الحكومة لدى البنك المركزي إلى 399 مليار ريال في نهاية العام المقبل.
ومع تعطل الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي تعد أحد الركائز الرئيسية في جدول الأعمال الاقتصادي لرؤية 2030 التي وضعها ولي العهد السعودي، لأعوام زادت أهمية صندوق الاستثمارات العامة.
ويقول محللون إنه نظرا لتراجع استثمارات القطاع الخاص المحلي والمستثمرين الأجانب، فإنه لا يوجد بديل عن الإنفاق الضخم للصندوق الذي يشمل تشييد مدينة مستقبلية بقيمة 500 مليار دولار في الصحراء وهي مدينة نيوم.
وأكد الأمير محمد إن المملكة تدرس حاليا إمكانية تسريع تنفيذ بعض البرامج والمشاريع الاستراتيجية ذات الأولوية.
وتعهد صندوق الاستثمارات العامة، الذي ضاعف أصوله إلى أكثر من 600 مليار دولار في عامين تقريبا، بإنفاق ثلاثة تريليونات ريال في قطاعات جديدة على مدى الأعوام العشرة المقبلة، بما يشمل 40 مليار دولار محليا في السنة حتى عام 2025.
وقال محللون إن الصندوق والكيانات التي يملكها أو يسيطر عليها ستواصل رفع الدين من خلال البنوك والأسواق العامة في ظل تنامي احتياجاتها التمويلية.
وقال الجدعان إن المملكة ستواصل دخول أسواق الديون كما سيواصل صندوق الاستثمارات العامة الوصول إلى الأسواق الدولية.
وجمع صندوق الاستثمارات العامة الأسبوع الماضي قرضا قيمته 17 مليار دولار لإعادة تمويل جزئي لقرض بقيمة 11 مليار دولار كان قد حصل عليه في 2018. كما أصدر في أكتوبر تشرين الأول سندات خضراء بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وهو شكل من الديون تخطط المملكة للاستفادة منه أيضا.
(الدولار = 3.7600 ريال سعودي)
(شاركت في التغطية آلاء سويلم وإيناس العشري من القاهرة ونادين عوض الله من دبي - إعداد محمد أيسم ومحمد حرفوش ودعاء محمد للنشرة العربية)