من خليل العشاوي
جنديرس (سوريا) (رويترز) - يرقد عبد الرحمن علي المحمود في مأوي مؤقت مع طفلتة الناجية والأسى يعتصر قلبه على زوجته وطفلته الأخرى اللتين توفيتا بعد أن دك زلزال يوم الاثنين منزلهم بمنطقة جنديرس في سوريا.
وقال المحمود إن ابنته ماتت بين ذارعيه وزوجته ماتت إلى جواره، فيما يعاني هو من إصابة في ذراعه وما زال وجهه متأثرا من الحطام الذي سقط مع انهيار منزل الأسرة.
وأنقذ الصالح الحجي العقاب، شقيق الزوجة، المحمود وابنته الأخرى التي كانت تجلس بالقرب منه مرتدية سترة وردية وتمسح عينيها. وكان العقاب هو من أخرجهما من تحت الأنقاض وأخرج معهما جثتي شقيقته وابنتها.
ويعيش المحمود وابنته الآن في مأوى مؤقت مصنوع من العصي والبطاطين. وقد قام بنقل جثمان ابنته إلى المستشفى، لكنه في ظل الفوضى لا يعرف من قام بدفنها ولا أين.
وقال بصوت متهدج "ما نعرف مين دفنها، حطينها بأيدنا بالمشفى وما نعرف وين دفنها وبنسأل اندفنت جنب أمها؟ ما حد عم يرد علينا".
وعانت جنديرس التي تبعد بضعة أميال من الحدود مع تركيا من أضرار جسيمة من الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر، وأظهرت مقاطع التقطتها طائرة مسيرة الكثير من المباني المنهارة فضلا عن تضرر جدران وأسقف مبان أخرى.
وقال العقاب وهو يقف على كومة هائلة من الأنقاض التي كانت ذات يوم منزل المحمود إن كل شيء انهار.
وأثناء الليل، كافح عمال الإنقاذ في الظلام مسترشدين بالمصابيح المثبتة في خوذهم ونور الحفارات لإنقاذ الناجين من الحطام في جنديرس.
ولأن جنديرس تقع في منطقة تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا لم تصل أي مساعدات خارجية، وفاقم برد الشتاء القارس من معاناة الناجين من الزلزال.
وقال مسؤول كبير في مجال مساعدات الأمم المتحدة اليوم الأربعاء إن أعمال الإغاثة عبر الحدود إلى شمال غرب سوريا قد تستأنف يوم الخميس.
* صفوف من الجثث
ويقطن منطقة شمال غرب سوريا آلاف السوريين الذين نزحوا إليها من مناطق أخرى من البلاد بسبب القتال أو الخوف من الأعمال الانتقامية بعد أن استعادت الحكومة مناطقهم التي كانت تسيطر عليها المعارضة.
والمحمود والعقاب وعائلتهما في الأصل من مدينة دير الزور في شرق سوريا لكنهم انتقلوا إلى جنديرس. وقال المحمود إنه فقد 20 فردا من عائلته في الزلزال بينهم زوجته وابنته.
وكان المحمود توجه للمرحاض عندما وقع الزلزال وركض عائدا لإنقاذ أسرته، لكن المنزل انهار من حولهم. وجاء صهره العقاب المقيم في الجوار وسمعهم يصرخون.
ويقول العقاب وهو يبحث بين أنقاض المبنى المنهار عن المزيد من الناجين "راح نعيش بواقع ثاني، رفقاتنا راحوا وجيرانا كلهم راحوا. ما أعرف كيف بدنا نعيش".
وفي المقابر، حفر الناس خنادق طويلة في الأرض لدفن صفوف الجثث الملفوفة بأكفان بيضاء.
(إعداد محمد حرفوش للنشرة العربية - مروة غريب)