من علي صوافطة
جنين (الضفة الغربية) (رويترز) - داهمت القوات الإسرائيلية مخيما للاجئين في مدينة جنين بالضفة الغربية يوم الثلاثاء فقتلت ستة مسلحين فلسطينيين على الأقل من بينهم مسلح من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يُشتبه بضلوعه في مقتل شقيقين بالرصاص في مستوطنة يهودية قرب قرية حوارة الأسبوع الماضي.
وفي وقت مبكر من يوم الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق صاروخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، مما أدى إلى إطلاق صفارات الإنذار ودفع الإسرائيليين إلى الهروب إلى الملاجئ، على الرغم من أن الصاروخ سقط على ما يبدو داخل غزة وليس داخل الأراضي الإسرائيلية.
وفي وقت سابق، قال شهود إن اشتباكات اندلعت بعدما شاهد سكان في مخيم جنودا إسرائيليين يخرجون من شاحنة للأثاث قرب منزل على تل يطل على وسط المخيم المترامي الأطراف، ليفتح مقاتلون النار على الفور.
وأفاد بيان للجيش الإسرائيلي بأن قواته طوقت منزلا تحصن فيه المسلح المشتبه به مع مقاتلين آخرين وصوبت صواريخ تطلق من على الأكتاف باتجاه المبنى. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن ستة فلسطينيين قتلوا وأصيب 16 على الأقل فيما أصيب أحد أفراد الشرطة الإسرائيلية بجروح ولحقت إصابات طفيفة بثلاثة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن المسلح الفلسطيني المقتول يُدعى عبد الفتاح خروشة، وهو عضو في حماس، وأطلق النار على الإسرائيليين وهما في سيارتهما عند نقطة تفتيش قرب قرية حوارة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة يوم 26 فبراير شباط. وذكر أن نجلي خروشة اعتقلا في مداهمة لمدينة نابلس وهي نقطة أخرى لأنشطة المسلحين في الضفة الغربية.
وجاء في بيانين من حماس والجهاد الإسلامي أن جميع القتلى مسلحون من الحركتين المسلحتين وكذلك من حركة فتح.
وقالت كتائب عز الدين القسام، جناح حماس المسلح، في بيان "ندعو مجاهدي شعبنا في كل مكان إلى تصعيد المقاومة المسلحة في وجه الاحتلال ومغتصبيه، والاشتباك معهم في كل ربوع وطننا المحتل".
وقالت حماس، التي تدير قطاع غزة المحاصر ولها مقاتلون في الضفة، إن خروشة من أعضائها وقالت إنه نفذ عملية حوارة.
وداهمت القوات الإسرائيلية جنين أكثر من مرة خلال أعمال عنف مستمرة منذ شهور وأثارت مخاوف متزايدة من تكرار انتفاضتي الثمانينيات ومطلع الألفية الثالثة.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود للصحفيين في لندن إن خطر تصاعد الموقف خارج نطاق السيطرة كبير ليس فقط في الأراضي الفلسطينية أو إسرائيل بل في المنطقة.
وتسبب إطلاق النار على الشقيقين الإسرائيليين في شن المستوطنين اليهود هجوما انتقاميا مما أدى إلى مقتل فلسطيني وإضرام النار في عشرات المنازل والسيارات في أعمال شغب وصفها قائد إسرائيلي كبير بأنها "مذبحة".
وأثار الشغب غضبا وتنديدا من المجتمع الدولي، وزادت ردود الفعل حدة بعد أن قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إنه يجب محو حوارة. وتراجع الوزير المسؤول عن بعض جوانب إدارة الضفة الغربية جزئيا عن هذه التصريحات لاحقا.
وكرر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن دعواته للجانبين بتهدئة التوتر في الضفة الغربية. ومن المتوقع أن يثير وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مسألة العنف خلال زيارته لإسرائيل هذا الأسبوع.
لكن لا يوجد علامة على أي تراجع في أعمال العنف قبل بداية شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي.
وأدانت مصر اقتحام القوات الإسرائيلية لمخيم جنين مؤكدة رفضها التام "لسياسة الاقتحامات المتكررة الإسرائيلية وما ينتج عنها من سقوط ضحايا من المدنيين من أبناء الشعب الفلسطيني".
وناشدت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية "كافة الأطراف الدولية الفاعلة، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي وأعضاء مجلس الأمن، الاضطلاع بمسئولياتهم لوضع حد للإجراءات الأحادية التصعيدية الجارية، وتهيئة الظروف لتمكين جهود التهدئة والتسوية السلمية لتؤتي ثمارها بعيداً عن حلقة العنف المدمرة القائمة".
* مزيد من العنف في حوارة
استنكر المتحدث باسم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عملية جنين التي جاءت بعد تعزيز كبير للقوات الإسرائيلية في الضفة الغربية في أعقاب العنف في حوارة التي تقع بالقرب من تقاطع طرق رئيسي شهد اشتباكات متكررة بين المستوطنين والفلسطينيين.
وعلى الرغم من الحملة التي شنتها الشرطة الإسرائيلية، استمرت التوترات في حوارة وهاجم مستوطنون فلسطينيين في القرية ليلا.
وفرقت قوات الجيش الإسرائيلي وشرطة الحدود حشودا ممن وصفهم الجيش بأنهم "عدد من مثيري الشغب الذين يشنون أعمال عنف" في حوارة. وأظهرت مقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الشبان يرتدون ملابس سوداء ويهاجمون سيارة أحد الفلسطينيين قبل أن يتمكن سائقها من الفرار.
وقال عمر خليفة الذي كان قد انتهى لتوه من التسوق في متجر وركب السيارة مع عائلته عندما وقع الهجوم "كانت زوجتي جالسة في الكرسي الخلفي للسيارة واحتضنت ابنتنا لحمايتها. كان من الممكن أن نفقدها، وكان هناك خطر حقيقي على حياتنا".
وأظهرت لقطات أخرى جنودا إسرائيليين يرقصون مع مستوطنين يهود في البلدة احتفالا بما يُسمى بعيد المساخر اليهودي بينما يُسمع صوت يقول بالعبرية "حوارة تم غزوها يا سادة!"
ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على سؤال حول لقطات الجنود الراقصين مع المستوطنين في رده على طلب للإدلاء بمعلومات عن الواقعة. ولم يرد فورا على سؤال من رويترز حول ما إذا كان قام بأي اعتقالات.
وقتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 فلسطينيا منذ بداية العام الحالي، من بينهم نشطاء مسلحون ومدنيون. وخلال الفترة نفسها، قتل فلسطينيون 13 إسرائيليا وامرأة أوكرانية في سلسلة من الهجمات غير المنسقة على ما يبدو نفذها أفراد.
(شارك في التغطية نضال المغربي ودان وليامز وإيميلي روز - إعداد محمد حرفوش ومحمد علي فرج ومحمد عطية ورحاب علاء للنشرة العربية - تحرير ياسمين حسين وعلي خفاجي)