من دان وليامز
القدس (رويترز) - أفاد مساعدون لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت يوم الثلاثاء بأنه ما زال في منصبه حتى إشعار آخر، وذلك بعدما تسببت إقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو له في بلوغ الأزمة السياسية في البلاد ذروتها.
ويمثل هذا مؤشرا على أن الحكومة لم تحسم قرارها فيما يتعلق بكيفية المضي قدما.
وبعد ثلاثة أشهر من اندلاع احتجاجات غير مسبوقة في جميع أنحاء إسرائيل تناهض خطة يتبناها ائتلافه القومي لإجراء تعديلات قضائية، أرجأ نتنياهو يوم الاثنين التعديلات ودعا إلى محادثات للتوصل إلى تسوية مع المعارضة المنتمية لتيار يسار الوسط.
وقال نتنياهو في حفل حضره مع موظفيه بمناسبة قرب عيد الفصح "هدفنا هو التوصل إلى اتفاقات"، مشبها الأزمة بشجار بين أفراد عائلة تجمعوا للاحتفال بالعيد اليهودي الذي يبدأ الأسبوع المقبل.
لكن آفاق المشهد بدت غير واضحة. وهددت المعارضة بمقاطعة أي محادثات في حالة الإصرار على المضي قدما في مشروع قانون التعديلات القضائية في ظل استمرار وجوده على جدول أعمال الكنيست.
وعبر الرئيس إسحق هرتسوج، الذي تقدم بعرض للتوسط بين الجانبين، عن أسفه، قائلا في كلمة له "جدران الشك والعداء أعلى من أي وقت مضى".
وقال مكتب هرتسوج إنه من المقرر أن يعقد أول اجتماع له مع الوفود يوم الثلاثاء.
وشهد الاقتصاد الإسرائيلي المهتز حالة من الاستقرار بعد إرجاء نظر التعديلات القضائية وهو ما رحبت به القوى الغربية. وقال وزير الخارجية إيلي كوهين لرويترز إنه أطلق حملة دبلوماسية تهدف إلى استعادة ثقة المجتمع الدولي في المناخ الديمقراطي في إسرائيل.
وقال السفير الأمريكي لدى إسرائيل إن نتنياهو قد يتلقى دعوة طال انتظارها لزيارة البيت الأبيض قريبا. لكن ما زالت هناك تساؤلات حول مصداقية نتنياهو، بما في ذلك بين أتباعه، بعد أن جاهر بعض زملائه البارزين في حزب ليكود بمعارضة خططه.
وكان جالانت أحد أبرز هؤلاء الأسماء بعد أن عارض يوم السبت التعديلات القضائية وطالب بوقفها حتى لا تنتقل موجة الاحتجاجات إلى الجيش. وأعلن نتنياهو إقالة جالانت بعد يوم من تصريحاته.
وفي الظروف المعتادة، كانت مثل هذه الإقالة تدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء. لكن مساعدين لجالانت قالوا إنه لم يتلق خطاب الإخطار المطلوب رسميا لبدء عد تنازلي لمدة 48 ساعة لإقالته من منصبه، وإنه يواصل العمل.
وعندما سُئل متحدثون باسم نتنياهو وحزب ليكود عن إمكانية بقاء جالانت أو استبداله، لم يكن لديهم تعليق على الفور.
* تضاؤل شعبية رئيس الوزراء
أظهر استطلاع للرأي أجرته القناة 12 التلفزيونية الأعلى تصنيفا في إسرائيل أن 63 بالمئة من الإسرائيليين، و58 بالمئة من ناخبي ليكود، يعارضون إقالة جالانت. ودعمت أغلبية مماثلة وقف نتنياهو للتعديلات.
لكن مع تحميل 68 بالمئة من الإسرائيليين المسؤولية له عن الأزمة، خلصت القناة 12 إلى أنه إذا أجريت انتخابات يوم الثلاثاء فإن نتنياهو وشركاءه في الائتلاف سيخسرون. وعبر اثنان من هذه الأحزاب، هما الصهيونية الدينية والقوة اليهودية، عن التخوف إزاء وقف التعديلات.
ووصف كوهين التعديلات القضائية وموجة الاعتراضات التي واجهتها وتواصل نتنياهو مع خصومه بأنه مصدر للفخر.
وقال كوهين لرويترز "يجب أن تعزز الأحداث التي نشهدها في هذه الأسابيع مكانتنا في العالم" مضيفا أن التعديلات القضائية أظهرت "أننا نريد تعزيز الديمقراطية والثقة العامة".
وقال كوهين إنه سيطلب من السفراء الأجانب نقل هذه الرسالة إلى أوطانهم الأسبوع المقبل بعد إطلاع الدبلوماسيين الإسرائيليين عليها.
وبدا السفير الأمريكي لدى إسرائيل توماس نايدز متفائلا حيال الاحتجاجات التي يتسم معظمها بالطابع السلمي، قائلا لقناة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية "هذا هو جمال الديمقراطية. يعبر الشعب عن رأيه".
وأضاف "نريد أن نتأكد من استمرار ذلك دوما".
وفي مقابلة منفصلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، قال نايدز إن نتنياهو قد يتلقى دعوة للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقت ما بعد عطلة عيد الفصح الشهر المقبل.
ويخشى معارضون من أن يكون نتنياهو، الذي يحاكَم بتهم فساد ينفيها، يعتزم استخدام التعديلات القضائية للحد من استقلال المحاكم. ويقول نتنياهو إن التعديلات تحدث توازنا بين دوائر الحكومة.
وقال زعيم حزب القوة اليهودية وزير الأمن الوطني إيتمار بن جفير إن نتنياهو أكد له أنه إذا فشلت محادثات التسوية خلال فترة عيد الفصح والأعياد الوطنية الأخرى في أبريل نيسان، فإن الائتلاف سيمضي في التعديلات من جانب واحد.
وفي البرلمان، قدم الائتلاف يوم الثلاثاء للتصويت بالقراءات النهائية مشروع قانون رئيسيا من شأنه أن يمنح نتنياهو سيطرة أكبر على نظام اختيار القضاة. ووصف متحدث برلماني المسألة بأنها إجراء فني. ولدى سؤاله عن الموعد الذي يمكن أن يدعو فيه الائتلاف للتصويت من أجل التصديق، قال "نظريا، من اليوم التالي".
وقال زعيما المعارضة يائير لابيد وبيني جانتس في بيان إنهما سينسحبان من أي مفاوضات إذا حدث ذلك.
وبينما ساد الهدوء شوارع إسرائيل إلى حد كبير يوم الثلاثاء، قال البعض من بين عشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين شاركوا في احتجاجات متصاعدة ضد التعديلات القضائية إنهم سيعودون.
وقال إيتان كاهانا، وهو متظاهر يبلغ من العمر 27 عاما في القدس "سأواصل الاحتجاج حتى يتم إسقاط هذه التعديلات تماما، لأن هذه ليست مجموعة تعديلات، هذا انقلاب من قبل السلطة التنفيذية".
(إعداد محمود سلامة ومحمد عطية ومحمد محمدين للنشرة العربية - تحرير محمد علي فرج)