من خالد عبد العزيز ونفيسة الطاهر
الخرطوم (رويترز) - قال الطرفان المتحاربان في السودان يوم الخميس إنهما سيمددان وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة أخرى لكن العنف استمر في العاصمة الخرطوم ومنطقة دارفور في غرب البلاد، فيما قالت الولايات المتحدة إن انتهاكات وقف إطلاق النار تثير القلق.
ولقى المئات حتفهم وفر عشرات الآلاف للنجاة بحياتهم في أسبوعين من القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وكانت القوتان المتصارعتان، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قد أطاحتا معا بحكومة مدنية في انقلاب أكتوبر تشرين الأول 2021 لكنهما الآن تتناحران على السلطة مما يؤدي إلى تعطل الانتقال المدعوم دوليا إلى الديمقراطية ويهدد بزعزعة استقرار منطقة هشة.
وقال الجيش يوم الأربعاء إنه وافق على وقف إطلاق نار جديد مدته ثلاثة أيام حتى يوم الأحد بعد اتفاق ينتهي مساء يوم الخميس. وأكد الجيش يوم الخميس تمديد الهدنة وقال إنه سيلتزم بها من جانب واحد.
وفي أول رد من جانبها قالت قوات الدعم السريع يوم الخميس إنها وافقت على هدنة لمدة 72 ساعة أخرى ابتداء من منتصف ليل الخميس.
ورحبت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد) ودول ما تسمى بالرباعية، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات والسعودية، بتمديد وقف إطلاق النار.
وقالت تلك الجهات في بيان مشترك نقلته وكالة الأنباء السعودية "نرحب باستعدادهم للانخراط في حوار من أجل التوصل إلى وقف دائم للأعمال العدائية وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق".
ويقول الجيش إنه يسيطر على معظم مناطق السودان ويتصدى لانتشار كبير لقوات الدعم السريع في الخرطوم حيث تحولت بعض المناطق السكنية إلى ساحات حرب.
وقال شهود وصحفيون من رويترز إنه على الرغم من الهدوء الجزئي للقتال منذ بدء وقف إطلاق النار الأول لمدة 72 ساعة، سمع دوي ضربات جوية ونيران مضادة للطائرات يوم الخميس في العاصمة ومدينتي أم درمان وبحري المجاورتين.
وقال البيت الأبيض يوم الخميس إنه يشعر بقلق بالغ إزاء انتهاك وقف إطلاق النار، مضيفا أن الوضع قد يتفاقم في أي لحظة، وحث المواطنين الأمريكيين على المغادرة في غضون ما بين 24 إلى 48 ساعة.
* معارك في دارفور
امتد القتال أيضا إلى إقليم دارفور بغرب البلاد الذي احتدم الصراع فيه بعد عقدين من اندلاع حرب أهلية هناك.
وقالت هيئة محامي دارفور، وهي جماعة حقوقية، إن 52 على الأقل قتلوا في هجمات "ميليشيات" مسلحة تسليحا قويا على الأحياء السكنية في مدينة الجنينة بالإضافة إلى مستشفاها الرئيسي وسوقها الرئيسية والمباني الحكومية وعدة ملاجئ للنازحين الداخليين.
وقال أحد السكان طلب عدم نشر اسمه خشية البطش به إن رجال ميليشيات من قبائل عربية بدوية دخلوا مدينة الجنينة حيث تسبب القتال بين قوات الدعم السريع والجيش في فراغ أمني في الأيام القليلة الماضية. وتصدى لهم مسلحون من قبيلة المساليت، وامتدت الاشتباكات عبر المدينة، مما تسبب في موجة نزوح جديدة.
والجنينة تقع في أقصى غرب السودان وشهدت نزاعات قبلية متكررة في السنوات القليلة الماضية مما أدى إلى طرد الناس من منازلهم مرات كثيرة.
وقُتل 512 شخصا على الأقل وأصيب زهاء 4200 منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل نيسان.
* ندرة الغذاء
أثر القتال بشكل سلبي على عمليات توزيع الغذاء في الدولة الشاسعة التي كان يعتمد ثلث سكانها البالغ عددهم 46 مليون نسمة بالفعل على المساعدات الإنسانية قبل تفجر العنف.
وقال عبده ديانج، أكبر مسؤولي مساعدات الأمم المتحدة بالسودان، إن "القليل للغاية يمكن فعله" بخصوص المساعدات الإنسانية.
وأضاف للصحفيين في نيويورك عبر الهاتف من بورتسودان "نحن قلقون بشدة إزاء إمدادات الطعام". ونُقل أغلب موظفي الأمم المتحدة الكبار إلى بورتسودان.
وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن 60 من أصل 86 مستشفى في مناطق القتال توقفت عن العمل.
ولا يزال عدد كبير من الأجانب عالقين في السودان على الرغم من إجلاء الآلاف. كما يتدفق المدنيون السودانيون، الذين يواجهون صعوبة بالغة في الحصول على الطعام والماء والوقود، من الخرطوم.
وقالت وزارة الخارجية المصرية إن نحو 16 ألف شخص دخلوا مصر قادمين من السودان بينهم 14 ألف سوداني. وتقول الأمم المتحدة إن 20 ألف لاجئ ذهبوا بالفعل إلى تشاد.
وقال عمر يوسف يارو (24 عاما) وهو طالب نيجيري يدرس القانون في جامعة أفريقيا العالمية في الخرطوم، حيث ينتظر آلاف الطلاب للمغادرة، إن الغذاء ينفد وإنه لا توجد مياه للمراحيض أو الاستحمام، والكهرباء مقطوعة.
وأضاف يارو عبر تطبيق زووم، بينما يُسمع صوت طالبات يبكين في الخلفية، "حتى ونحن نجلس هنا، يمكنكم سماع صوت أعيرة نارية في كل مكان تقريبا. لسنا آمنين هنا".
وتصاعد التوتر منذ أشهر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اللذين أطاحا معا بحكومة مدنية في انقلاب أكتوبر تشرين الأول 2021، وذلك بعد عامين من انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير.
(شارك في التغطية الطيب صديق من الخرطوم وماريانا ساندوفال من لندن وتالا رمضان من دبي وجهاد أبو شلبك ومعاذ فريج من عمّان ودنيس إيلامو من جوبا وميشيل نيكولز من نيويورك - إعداد محمد حرفوش وسها جادو ومحمود رضا مراد ورحاب علاء ومحمد أيسم ودعاء محمد للنشرة العربية - تحرير سها جادو ومروة غريب ومحمد محمدين وأيمن سعد مسلم)