من جعفر سبيتي
جوما (جمهورية الكونجو الديمقراطية) (رويترز) - سعى أربعة رجال يحملون أسلحة بيضاء بكل ما أوتوا من قوة خلف مجموعة من النساء اللائي يخترقن بأقصى سرعة الغابة الكثيفة المحيطة بمدينة جوما في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية في محاولة يائسة لبلوغ مخيم نازحين خرجن منه لجمع الحطب.
وتعثرت إحداهن في حجر وسقطت. ولم تكن أمامها فسحة من الوقت للتصرف قبل أن يدركها أحد الرجال.
واستدعت المرأة تلك المواجهة في مخيم بولينجو بعد أسبوعين من المواجهة وقالت "اغتصبني". ومخيم بولينجو هو أحد المخيمات القريبة من جوما ويؤوي نحو 600 ألف شخص فروا من مناطق الصراع.
وأردفت المرأة "أخبرني أنني إن صرخت فسيقلتني".
والضحية ذات الخمسة والثلاثين عاما، والتي طلبت إخفاء هويتها، هي واحدة من بين مئات النازحات اللائي تعرضن للاعتداء الجنسي حين تركن المخيمات لإحضار الحطب أو الطعام.
وتعاملت منظمة أطباء بلا حدود مع أكثر من 670 امرأة، أو نحو 50 امرأة يوميا، في ثلاثة مواقع في الفترة ما بين 17 و30 أبريل نيسان ممن تعرضن للعنف الجنسي.
وأضافت المنظمة في الأسبوع الماضي أن نصفهن تعرضن للاعتداء على يد مسلحين، مشيرة إلى أن الأعداد من المرجح أن تكون أقل من الأعداد الحقيقية.
والاغتصاب موثق على نطاق واسع على أنه أحد أسلحة الحرب التي تستخدمها فصائل مسلحة نشطة في شرق الكونجو منذ نهاية حربين أهليتين اندلعتا بين عامي 1996 و2003.
وتصاعد الاضطراب بعدما شنت جماعة إم23 هجوما ضخما في إقليم كيفو الشمالي العام الماضي، ما أجبر مئات الآلاف على الفرار بسبب رد الجيش على الهجوم ببدء القتال.
ولاذ كثيرون بمخيمات مكدسة مثل بولينجو حيث يكافح عمال المساعدات الإنسانية للتعامل مع هذه الأعداد.
وقالت ديليس سيزاجي تولينابو العاملة بمنظمة أطباء بلا حدود إن النساء يضطررن للخروج من المخيم بحثا عن الطعام بسبب الجوع وعن حطب ليبعنه، ما يجعلهن عرضة للجرائم الجنسية.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الأسبوع الماضي إن تقارير العنف المرتبط بالنوع في كيفو الشمالي ارتفعت أكثر من الثلث في الأشهر الثلاثة الأولى من 2023 بالمقارنة مع 2022، إذ سُجلت أكثر من 38 ألف حالة في هذه الأشهر.
وذكرت غالبية الناجيات أن مسلحين ومشردين اعتدوا عليهن في المخيمات وحولها.
وأثار عمال المساعدات الإنسانية أيضا مخاوف إزاء الجيش، إذ قالت نساء في بولينجو إنه تعين عليهن دفع الأموال للجنود ليدخلن الغابة. وأضفن أن بعضهم يرتكب جريمة الاغتصاب أيضا.
وقال وزير الدفاع جان بيير بيمبا إنه يجري التحقيق في هذه المزاعم.
وقررت إيفان تومايني أسيفوي (55 عاما) التوقف عن الخروج من المخيم بعد اغتصاب صديقتين لها. لكنها تشعر بالمعاناة بالفعل.
وتساءلت "ماذا سنأكل؟".
(إعداد محمد أيسم للنشرة العربية - تحرير مروة سلام)