من توم بالمفورث وآنا دابروفسك
لندن/كييف (رويترز) - قال محللون عسكريون إن توغلا أوكرانيا استمر يومين داخل مناطق حدودية بغرب روسيا قد يجبر الكرملين على نقل قوات من خطوط الجبهة في الوقت الذي تستعد فيه كييف لشن هجوم مضاد كبير وتوجيه ضربة معنوية لموسكو.
وأضاف الخبراء أن أكبر هجوم عبر الحدود من أوكرانيا منذ الغزو الروسي قبل 15 شهرا كان منسقا بشكل شبه مؤكد مع القوات المسلحة الأوكرانية التي تستعد لمحاولة استعادة الأراضي، وذلك على الرغم من نفي كييف مشاركتها في الهجوم.
وقال نيل ملفين المحلل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة "يحاول الأوكرانيون تشتيت الروس في اتجاهات مختلفة لفتح ثغرات. الروس مجبرون على إرسال تعزيزات".
وتقول أوكرانيا إنها تخطط لشن هجوم مضاد كبير لاستعادة الأراضي المحتلة، لكن بنت روسيا تحصينات مترامية الأطراف في شرق وجنوب أوكرانيا تأهبا لذلك.
وحدث التوغل بعيدا عن مركز القتال في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا وعلى بعد حوالي 160 كيلومترا من الجبهة في منطقة خاركيف في شمال البلاد.
وقال ملفين "سيتعين عليهم التعامل مع هذا ونشر قوات هناك، ومن ثم نشر الكثير من القوات على طول المنطقة الحدودية حتى وإن لم يكن هذا هو السبيل الذي سيأتي منه الأوكرانيون".
وأعلن الجيش الروسي يوم الثلاثاء أنه تصدى للمسلحين الذين هاجموا منطقة بيلجورود الغربية بمركبات مدرعة في اليوم السابق، مضيفا أن قواته قتلت أكثر من 70 "قوميا أوكرانيا" ودفعوا من تبقى منهم إلى الانسحاب إلى أوكرانيا.
وقالت كييف إن الهجوم نفذه مواطنون روس، ووصفته بأنه صراع روسي داخلي. وأعلنت جماعتان تنشطان في أوكرانيا، هما سلاح المتطوعين الروسي وفيلق حرية روسيا، مسؤوليتهما عن التوغل.
وتشكلت المجموعتان خلال الغزو الروسي لأوكرانيا وجذبتا مقاتلين متطوعين من الروس الراغبين في القتال ضد بلدهم إلى جانب كييف والإطاحة بالرئيس فلاديمير بوتين.
وقال مارك جالوتي، رئيس شركة ماياك إنتلجنس الاستشارية ومقرها لندن ومؤلف العديد من الكتب عن الجيش الروسي، إن الجماعتين تتألفان من الروس المناهضين للكرملين وتضمنان أطياف مختلفة تتراوح من الليبراليين ودعاة الفوضى إلى النازيين الجدد.
وأضاف "أنهم يأملون أن يساهموا بقدر ما في سقوط نظام بوتين، لكن في الوقت نفسه، علينا أن ندرك أن هذه ليست قوات مستقلة... إنها خاضعة لسيطرة المخابرات العسكرية الأوكرانية".
وأعاد ميخائيلو بودولياك مساعد الرئيس الأوكراني التأكيد على موقف بلاده ونفى علاقة كييف بالعملية.
وتقول الولايات المتحدة إنها لا "تساعد أو تشجع" أوكرانيا على شن هجمات على الأراضي الروسية، لكن الأمر متروك لكييف لتقرير كيفية تنفيذ العمليات العسكرية.
وتكررت عمليات توغل مشابهة داخل الأراضي الروسية خلال الأشهر القليلة الماضية، لكنها تظل محدودة النطاق مقارنة بالمعارك على خطوط الجبهة بما في ذلك التوغل الأخير الذي يعد أكبر هجوم معروف حتى الآن.
* محاكاة لأحداث في 2014
قال ألكسي بارانوفسكي المتحدث باسم الجناح السياسي لفيلق حرية روسيا لرويترز في كييف إنه لا يستطيع الكشف عن عدد القوات المشاركة في عملية التوغل، لكن أوضح أن الجماعة تتألف من أربع كتائب.
ونفى بارانوفسكي وقوع خسائر فادحة، ورفض التقارير الروسية عن تكبد خسائر كبيرة ووصفها بأنها معلومات مضللة.
وقال إن الوحدة المشاركة في التوغل كانت جزءا من الفيلق الدولي للدفاع عن أوكرانيا المؤلف من متطوعين أجانب وبالتالي فهي جزء من قواته المسلحة، لكنه نفى أن التوغل حدث بالتنسيق مع السلطات الأوكرانية.
وأضاف "هذه هي الخطوات الأولى نحو الهدف الرئيسي وهو الإطاحة بنظام بوتين بالقوة المسلحة. ليس هناك بدائل أخرى".
وقال جالوتي إن التوغل بدا وكأنه عملية أوكرانية "لإعداد" أرض المعركة قبل الهجوم المضاد الذي تخطط له كييف.
وأضاف هذه حقا فرصة لتحقيق هدفين. الأول هو إرباك الجانب الروسي وإثارة قلقه من احتمال حدوث انتفاضات بين مواطنيه. والثاني هو إجبار الروس على تشتيت قواتهم".
وأشار ملفين إلى أن العملية رفعت أيضا الروح المعنوية في أوكرانيا.
وأدلى مسؤولون في أوكرانيا بتعليقات تهكمية تحاكي تلك التي صدرت عن الكرملين حول ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 عندما أنكر في البداية ضلوع القوات الروسية.
وحمل بودولياك "جماعات سرية" تضم مواطنين روس مسؤولية التوغل في بيلجورود، وقال "كما تعلمون، تُباع الدبابات في أي متجر عسكري روسي".
وبدا التعليق محاكيا لرد بوتين في عام 2014 على سؤال حول وجود رجال يرتدون الزي العسكري الروسي دون شارة في شبه جزيرة القرم. وقال بوتين آنذاك "يمكنكم الذهاب إلى متجر وشراء أي نوع من الزي العسكري".
وأشار أوكرانيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى ما أسموه "جمهورية بيلجورود الشعبية" -في محاكاة أيضا إلى الأحداث التي وقعت في شرق أوكرانيا عام 2014 عندما أعلنت قوات معارضة أوكرانية مدعومة من روسيا منطقتي دونيتسك ولوجانسك في أوكرانيا "جمهوريتين شعبيتين".
كما تداول أوكرانيون مقطع فيديو للرئيس فولوديمير زيلينسكي وهو يقول كلمته الشهيرة "أنا هنا" من كييف في بداية تعرض بلاده للغزو في فبراير شباط 2022. ولكن بدلا من المكتب الرئاسي في كييف، ظهرت في الخلفية علامة للترحيب في مدينة بيلجورود.
(إعداد مروة سلام وأميرة زهران للنشرة العربية - تحرير محمود رضا مراد)