من بوريما باليما وفليكس أونواه
نيامي (رويترز) - شارك مئات المؤيدين للانقلاب في النيجر في احتجاج أمام قاعدة للجيش الفرنسي في العاصمة نيامي يوم الجمعة في الوقت الذي اتخذت فيه المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) خطوات نحو تدخل عسكري محتمل لاستعادة الحكم المدني.
وأمرت إيكواس يوم الخميس بتفعيل قوة احتياطية، بعد أسبوعين من الإطاحة بالرئيس محمد بازوم في سابع انقلاب في غرب ووسط أفريقيا في ثلاث سنوات.
وأثارت المهمة المقترحة مخاوف من تفاقم الصراع في منطقة ذات أهمية استراتيجية فقدت فيها القوى الغربية هيمنتها خلال موجة انقلابات بينما يتزايد النفوذ الروسي على ما يبدو.
وينصب قدر كبير من الغضب على فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي طردت الجارتان مالي وبوركينا فاسو قواتها في أعقاب الانقلابين هناك. ويتعرض وجود فرنسا في النيجر لتهديد أيضا. وفي الأيام التي أعقبت الانقلاب هاجم محتجون السفارة الفرنسية.
وساد الهدوء احتجاج يوم الجمعة لكن الرسالة كانت واضحة.
وحمل أحد المحتجين لافتة تقول "تحيا روسيا". وحملت لافتة أخرى عبارة "تسقط فرنسا.... تسقط إيكواس".
ومنذ انقلاب 26 يوليو تموز، خرج عدد من سكان النيجر في تجمعات نظمها المجلس العسكري لإظهار الدعم للجنرالات وانتقد المحتجون القوى الغربية وأشادوا بروسيا في تكرار لردود الفعل التي أعقبت الانقلابين الأخيرين في مالي وبوركينا فاسو بين عامي 2020 و2022.
وقال أحد المحتجين ويدعى سلاماتو هيما يوم الجمعة "أنا هنا للمطالبة برحيل القوات الفرنسية... نحن أحرار ولدينا الحق في المطالبة بما هو في صالح بلادنا".
* قوة احتياطية
وبدأت دول غرب أفريقيا الإعداد لتشكيل قوة من أجل إجراء محتمل للتصدي للانقلاب ومن المقرر أن يجتمع قادة الجيوش الإقليمية في الأيام المقبلة.
ولم يتضح بعد حجم القوة المحتمل ولا الفترة التي يمكن أن يستغرقها حشدها ولا ما إذا كانت ستتدخل بالفعل.
وقالت وزارة الخارجية الروسية إنها تدعم جهود إيكواس للوساطة لكنها حذرت من أي تدخل عسكري.
وجاء في بيان للوزارة "نعتقد أن أي محاولة عسكرية لحل الأزمة في النيجر قد تؤدي إلى مواجهة طويلة الأمد في هذا البلد الأفريقي، فضلا عن زعزعة شديدة للاستقرار في منطقة الصحراء والساحل".
وقالت إيكواس إنها لا تزال تأمل في التوصل إلى حل سلمي لأزمة النيجر، لكن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة.
وقال محللون أمنيون إن تشكيل قوة إيكواس قد يستغرق أسابيع أو أكثر، مما قد يترك مجالا للمفاوضات.
وساحل العاج هي الدولة الوحيدة حتى الآن التي حددت عدد القوات التي سترسلها. ووعد رئيسها الحسن واتارا يوم الخميس بأن تشارك بلاده في القوة الاحتياطية بكتيبة قوامها 850 جنديا.
وتعهدت بنين وسيراليون يوم الجمعة بإرسال قوات لكن دون تحديد عددها. وقالت السنغال الأسبوع الماضي إنها ستساهم بقوات إذا حدث تدخل.
وامتنع معظم دول إيكواس الأخرى عن التعليق حتى الآن، بما في ذلك نيجيريا ذات الثقل الإقليمي.
وأبلغت جامبيا وليبيريا رويترز يوم الجمعة بأنهما لم يتخذا بعد قرارا بإرسال قوات.
وقالت الحكومتان العسكريتان في مالي وبوركينا فاسو المجاورتين، وهما عضوان في إيكواس، إنهما ستدافعان عن المجلس العسكري في النيجر.
ولم يرد قادة الانقلاب بعد على قرار إيكواس إلا أنهم رفضوا دعوات متكررة للحوار من المجتمع الدولي وعينوا حكومة جديدة قبل ساعات من قمة إيكواس يوم الخميس.
وأيدت حركة سياسية داخلية تعارض الانقلاب تدخل إيكواس عسكريا وعرضت مساعدتها يوم الجمعة.
وقالت فرنسا إنها تؤيد تماما كل نتائج قمة إيكواس لكنها لم تحدد أي دعم ملموس يمكن أن تقدمه لأي تدخل محتمل.
* "انقذوا" بازوم
قال الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة إن قلقهم يتزايد إزاء ظروف احتجاز بازوم.
وقال فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يوم الجمعة إن الأوضاع "تتدهور بسرعة" وقد تصل إلى حد انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان إنها تحدثت إلى بازوم هذا الأسبوع وإن الرئيس المعزول أخبرهم أن أسرته تُعامل في الحجز معاملة "غير إنسانية وقاسية".
ونقلت المنظمة عن بازوم القول "ابني مريض ويعاني من مرض خطير في القلب ويحتاج إلى طبيب".
أما زازيا، ابنة بازوم والموجودة في فرنسا، فقالت لصحيفة الجارديان البريطانية إن المجلس العسكري يحتجز والدها في ظروف يرثى لها لمحاولة الضغط عليه لتوقيع خطاب استقالة. ولم يتسن لرويترز التأكد بشكل مستقل من ظروف اعتقاله.
النيجر واحدة من أفقر دول العالم لكنها حليف للغرب في الحرب على الإسلاميين المتشددين في منطقة الساحل. وحدث الانقلاب فيها بسبب السياسات الداخلية، لكن تبعاته تجاوزت حدود الدولة.
وتتمركز قوات أمريكية وفرنسية وألمانية وإيطالية في النيجر في إطار جهود دولية للتصدي لجماعات محلية منتمية لتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية تسببت في مقتل ونزوح الملايين في منطقة الساحل.
(إعداد نهى زكريا وأميرة زهران ومحمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير مروة سلام وعلي خفاجي ومحمود عبد الجواد)