من آري رابينوفيتش
القدس (رويترز) - عندما انفجر مخبأ متفجرات منسي في يونيو حزيران الماضي في موقع إسرائيلي مخصص لتجمع سكني على شاطئ البحر، أحدث حفرة كبيرة لكنه لم يتسبب في أضرار أخرى تذكر لأن المحكمة العليا منعت بدء أي أعمال بناء على الإطلاق.
منعت المحكمة البناء في موقع لمصنع ذخيرة تمت إزالته بسبب ما اعتبرته عيوبا في مسح بيئي رسمي بعد أن استند مقدمو التماس إلى حكم صدر بناء على بند يمنح القضاة الإسرائيليين سلطة التدخل عندما يعتبرون إجراءات الحكومة أو الوزراء غير معقولة.
وقد لا تجد المحكمة العليا تحركها سهلا في المستقبل بعد خطة الحكومة الإسرائيلية لتعديل النظام القضائي، التي أثارت احتجاجات في الداخل وانتقادات من الحلفاء الغربيين في الخارج. وبموجب التغييرات التي أُقرت، أصبحت الحكومة والوزراء معفيين الآن من الرقابة القضائية بناء على ما يسمى "بند المعقولية".
وتقول جماعات حماية البيئة إن التعديل يحرمهم من الآلية التي يستخدمونها في كثير من الأحيان للضغط على السلطات كي تتخذ إجراءات في القضايا البيئية التي تمتد من المسوحات البيئية الصعبة إلى تطهير آبار مياه الشرب الملوثة ومعالجة التلوث بمحطة الحافلات المركزية في تل أبيب.
وقال عميت براخا المدير التنفيذي للاتحاد الإسرائيلي للدفاع عن البيئة (آدم تيفع فيدين)، الذي انضم إلى الالتماس لمنع العمل على تطوير الساحل في هرتسليا بالقرب من تل أبيب حيث وقع الانفجار في 22 يونيو حزيران "إنها ضربة قاتلة لقدرتنا على التصرف نيابة عن الشعب".
وقالت لجنة برلمانية إن الانفجار نجم عن ثلاثة أطنان من المتفجرات دُفنت ونُسيت على مدى العقود التي تلت إزالة المصنع.
ونفى مكتب رئيس الوزراء والوزارات المشاركة في التحقيق مسؤوليتهم عن الواقعة. وقالت الحكومة في القضية التي رفعتها أمام المحكمة إن مجلس التخطيط الوطني الذي أشرف على المسح كان لديه "أساس من الأدلة" كاف عندما وافق في البداية على خطة تطوير شاطئ البحر.
ولم يتسن الوصول إلى المسؤولين في المجلس للتعليق.
* وضع الضوابط وتحقيق التوازن
يقول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته الائتلافية، التي تنتمي لتيار اليمين وتضم أحزابا قومية ومحافظة دينيا، إن تعديل النظام القضائي ضروري لمنع القضاة غير المنتخبين من التدخل في السياسة.
ويقول المعارضون لخطة التعديلات إنها تضعف دور القضاء في وضع الضوابط وتحقيق التوازن في النظام السياسي لإسرائيل التي يتألف برلمانها من غرفة واحدة، ومنصب الرئاسة فيها شرفي، ولا يوجد لديها دستور.
وقال باري ليفينفلد رئيس مجلس إدارة الاتحاد الإسرائيلي للدفاع عن البيئة والشريك في مكتب أرنون تدمر ليفي الإسرائيلي للمحاماة "ربما تستطيع المحاكم القيام بجهود أكبر وإيجاد لغة أخرى ومبادئ أخرى لتحقيق نتائج مماثلة".
لكنه قال إن "الطريقة الأنسب هي استخدام مبدأ المعقولية".
ومن المقرر أن تنظر المحكمة العليا، المكونة من 15 قاضيا، في الطعن على هذا التعديل في 12 سبتمبر أيلول.
وقال ناشطون إن الجماعات الصغيرة للدفاع عن البيئة ذات الموارد المحدودة ستستفيد من هذا البند عندما تسعى إلى تحدي الحكومة.
وفي حالة أخرى، قدم الاتحاد الإسرائيلي للدفاع عن البيئة التماسا ضد تعامل الحكومة مع آبار مياه الشرب الملوثة قبل التعديلات القضائية وسعى إلى الحصول على حكم استنادا إلى بند المعقولية. وأمرت المحكمة الحكومة بتقديم جدول زمني خلال 90 يوما لمعالجة هذه القضية، وقالت إنها قد تتخذ قرارات أخرى بعد ذلك.
لكن هذا البند كان أيضا بمثابة مانع للخلافات السياسية.
ففي يناير كانون الثاني، أمرت المحكمة العليا نتنياهو بإقالة أرييه درعي، الوزير الذي كان حديث التعيين في الحكومة، بسبب جرائم سابقة خاصة بالضرائب، قائلة إن معظم قضاة المحكمة "اعتبروا أن هذا التعيين غير معقول تماما". كما استندت المحكمة إلى أسباب قانونية أخرى. وأقالت الحكومة درعي في نفس الشهر.
* البيئة في آخر جدول أعمال الحكومة
تصر الحكومة على أنها لا تحاول منع المحكمة العليا أو قضاتها من الإشراف على عملها، لكنها تقول إنها تريد ببساطة إبعاد المحكمة عن السياسة.
وقالت عيديت سيلمان وزيرة حماية البيئة للصحفيين في أغسطس آب "المحكمة، فيما يتعلق بهذه القضية (بند المعقولية)، ستواصل الإشراف على عمل الحكومة لإبطال القرارات غير القانونية. لكن المحكمة لا يمكنها وضع السياسات بدلا من الوزراء".
لكن النشطاء يقولون إن الحكومة الائتلافية، التي تضم أحزابا متشددة إلى جانب حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه نتنياهو، جعلت القضايا البيئية تحل بالفعل في آخر جدول أعمالها.
ومن أول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة هو إلغاء الضريبة المفروضة على المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، التي يستخدمها على نطاق واسع اليهود المتشددون ممن لديهم أسر كبيرة في العادة وبالتالي يلجأون في أحيان كثيرة إلى أدوات المائدة التي تستخدم لمرة واحدة.
كما خففت الحكومة، التي أدت اليمين في ديسمبر كانون الأول، من القواعد التنظيمية من أجل هواء نظيف، مما أعطى شركات تشغيل شبكات الطاقة مساحة إضافية لحرق الفحم عند الحاجة، ولم تصدر قانونا بشأن المناخ من شأنه أن يجعل الوزارات تلتزم بأهداف الانبعاثات طويلة المدى رغم تعهدها بإصداره خلال ستة أشهر.
ورفض مكتب رئيس الوزراء ومكتب وزيرة حماية البيئة التعليق على الأمر.
وقال يوراي لاهاف هيرتزانو النائب البرلماني المعارض "علاوة على كل عدم الكفاءة والإهمال، ألغوا بند المعقولية، وهو أداة أساسية وحاسمة بالنسبة للمحكمة كي تكون قادرة على حماية البيئة وحماية الشعب".
(إعداد نهى زكريا للنشرة العربية - تحرير سامح الخطيب)