من ألكسندر كورنويل وأحمد الجشتيمي
طلعت يعقوب (المغرب) (رويترز) - انتحب قرويون على وفاة أقاربهم تحت أنقاض منازلهم يوم الاثنين، فيما ارتفعت حصيلة القتلى جراء أكثر الزلازل إزهاقا للأرواح في المغرب منذ أكثر من ستة عقود إلى نحو 2800 وتسابق فرق الإنقاذ الزمن للعثور على ناجين.
وانضمت فرق إنقاذ من إسبانيا وبريطانيا وقطر لجهود البحث عن الناجين من الزلزال الذي وقع في جبال أطلس على بعد 72 كيلومترا جنوب غربي مراكش في وقت متأخر من يوم الجمعة وبلغت قوته 6.8 درجة.
وذكر التلفزيون المغربي يوم الاثنين أن عدد القتلى بلغ 2862 بينما بلغ عدد المصابين 2562. وقال رجال الإنقاذ إن منازل الطوب اللبن التقليدية التي تشتهر بها المنطقة تقلل فرص العثور على ناجين لأنها انهارت.
وكان من بين القتلى الطفل سليمان آيت نصر (7 سنوات) الذي حملته والدته إلى غرفة نومه بعدما غط في النوم في غرفة المعيشة في منزل الأسرة الكائن بقرية صغيرة واقعة على مشارف بلدة طلعت يعقوب، وهي من المناطق الأكثر تضررا من الكارثة. وكان سليمان على وشك بدء عام دراسي جديد.
وقال إبراهيم آيت نصر والد سليمان "في أثناء عودتها، وقع الزلزال ودُمر السقف وسقط عليه"، وكان يتحدث وعيناه حمراوان من أثر البكاء. وأمضى يوم الاثنين محاولا إخراج أغراض من حطام منزله.
وفي قرية تيكخت التي تبقت فيها مبان قليلة قائمة، وصف محمد أوشن (66 عاما) كيفية انتشال السكان 25 شخصا على قيد الحياة من تحت الأنقاض في أعقاب الزلزال.
وكانت أخته واحدة ممن أُنقذوا.
وقال أوشن "كنا منشغلين بالإنقاذ، ولعدم وجود أدوات، استخدمنا أيادينا". وأضاف "كان رأسها واضحا وواصلنا الحفر بأيدينا".
وأظهر مقطع فيديو من قرية إيمي إن تالا النائية رجالا وكلابا يتسلقون منطقة حادة الانحدار ملأتها الأنقاض. والمقطع من تصوير أنطونيو نوجاليس منسق عمليات منظمة رجال الإطفاء المتحدون بلا حدود.
وقال نوجاليس وهو لا يتمكن من إيجاد الكلمة المناسبة لوصف ما يراه "مستوى الدمار ... شامل".
وأردف "لم يبق منزل واحد قائما. سنبدأ بحثنا بالكلاب وسنرى إذا ما كان بوسعنا العثور على أي أحياء".
وذكر أنه على الرغم من نطاق الأضرار، ما تزال فرق الإنقاذ التي تبحث بالكلاب تأمل العثور على ناجين.
وأضاف "أنا واثق أننا سننقذ بعض الأشخاص خلال الأيام المقبلة. نعتقد أنه ربما ثمة أشخاص في المباني المنهارة.. لن نتخلى عن الأمل أبدا".
* تضرر التراث
بعد استجابة أولية وصفها بعض الناجين بأنها بطيئة للغاية، بدا أن جهود البحث والإنقاذ تتسارع يوم الاثنين، مع ظهور مخيمات نُصبت بها خيام في بعض المواقع حيث أمضى الناس ثلاث ليال في العراء.
وأظهر مقطع مصور من تصوير القناة التلفزيونية الثانية بالمغرب طائرة هليكوبتر عسكرية تحلق فوق منطقة بالقرب من مركز الزلزال وتسقط بعض حزم الإمدادات الأساسية للأسر المنعزلة.
ونظرا لأن معظم المناطق التي ضربها الزلزال تقع في أماكن يصعب الوصول إليها، لم تصدر السلطات أي تقديرات لعدد الأشخاص الذين ما زالوا في عداد المفقودين.
وتدريجيا، بدأ يظهر الضرر الذي ألحقه الزلزال بالإرث الثقافي في المغرب بالزلزال حيث تضررت بنايات في المدينة القديمة بمراكش المصنفة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). كما ألحق الزلزال أضرارا كبيرة بمسجد تينمل التاريخي الذي يعود للقرن الثاني عشر والواقع في منطقة جبلية نائية قرب مركز الزلزال.
وقال سكان في تينمل، وهي قرية نائية قريبة من مركز الزلزال وقُتل فيها 15 شخصا، إنهم يتشاركون الطعام والماء والعلاج، لكنهم في حاجة ماسة إلى خيام وأغطية لتقيهم الليالي الباردة في المنطقة الجبلية.
* جهود المساعدات
وأفادت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بأن هذا الزلزال هو الأشد فتكا في المغرب منذ عام 1960 عندما أدت هزة كبيرة لمقتل 12 ألفا على الأقل، وبأنه الأقوى هناك منذ عام 1900 على الأقل.
وقال المتحدث باسم الحكومة مصطفى بايتاس في بيان بثه التلفزيون يوم الأحد إن كل الجهود تبذل على الأرض.
وقال الجيش في المغرب إنه يعزز فرق البحث والإنقاذ ويوفر مياه الشرب ويوزع الأغذية والخيام والأغطية.
وأُغلق طريق رئيسي يربط جبال أطلس بمراكش مساء يوم الاثنين في ظل كثافة أعداد المركبات والأشخاص المحملين بمؤن الإغاثة والمتوجهين نحو بعض التجمعات السكانية الأكثر تضررا في المناطق النائية من الجبال.
وساعد متطوعون ومدنيون مغاربة، بمعاونة من بعض الأجانب، في توجيه المرور وإزالة الحطام الصخري من الطريق
وصرح رئيس الوزراء عزيز أخنوش لوسائل الإعلام المحلية بأن الحكومة ستعوض الضحايا، لكنه لم يقدم تفاصيل تُذكر.
وقال مصدران مطلعان يوم الاثنين إن الحكومة المغربية تريد المضي قدما في استضافة الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي المقررة في أكتوبر تشرين الأول في مراكش.
وقبل المغرب عروضا للمساعدة من إسبانيا وبريطانيا، اللتين أرسلتا متخصصين في البحث والإنقاذ بالإضافة إلى كلاب مدربة، ومن الإمارات وقطر. وذكر التلفزيون الحكومي أن الحكومة ربما تقبل عروضا بالمساعدة من دول أخرى في وقت لاحق.
(الدولار = 0.9323 يورو)
(شارك في التغطية معاذ عبد العزيز من القاهرة وكلودا طانيوس من دبي وجون أيرش ونيكولاس داليمي من باريس - إعداد سامح الخطيب ومحمد عطية ومحمد أيسم للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني ورحاب علاء وسلمى نجم وعلي خفاجي)