من فليكس لايت
جوريس (أرمينيا) (رويترز) - اعتقلت أذربيجان رئيسا سابقا لحكومة أرمنية انفصالية في ناجورنو قرة باغ يوم الأربعاء أثناء محاولته الفرار إلى أرمينيا في موجة نزوح جماعي لعشرات الآلاف مما تسبب في أزمة إنسانية.
وترأس روبن فاردانيان، وهو مصرفي ومليادير مشهور بأعماله الخيرية، حكومة قرة باغ الانفصالية في الفترة من نوفمبر تشرين الثاني 2022 إلى فبراير شباط 2023.
وقالت زوجته فيرونيكا زونابند على قناته على تطبيق تيليجرام إن سلطات أذربيجان اعتقلت فاردانيان خلال محاولته الفرار ضمن رحيل جماعي للأرمن بعد أن استعادت أذربيجان السيطرة على قرة باغ في هجوم خاطف الأسبوع الماضي.
وقالت مصلحة الحدود الأذرية إنها نقلت فاردانيان إلى العاصمة باكو وسلمته لوكالات حكومية أخرى.
وقره باغ معترف بها دوليا على أنها جزء من أذربيجان لكن معظم سكانها من الأرمن الذين انفصلوا في التسعينيات في الحرب الأولى من حربين اندلعتا هناك منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
وتقول أذربيجان، الدولة ذات الأغلبية المسلمة، إنها تريد إعادة دمج الأرمن سلميا وستضمن حقوقهم المدنية التي تتضمن ممارسة شعائرهم الدينية المسيحية. وتقول أيضا إنه لا أحد يجبرهم على المغادرة.
لكن نظرا للتاريخ الدموي بين الجانبين، يفر الأرمن من شدة الخوف ويهجرون منازلهم ويستقلون سيارات وشاحنات ازدحم بها طريق جبلي متعرج يقود إلى أرمينيا.
وقالت سلطات قرة باغ إن أكثر من 50 ألف شخص غادروا حتى الآن، من بين ما يقدر بنحو 120 ألف أرمني.
وترفض أذربيجان اتهامات أرمينيا بضلوعها في تطهير عرقي، لكن صور عشرات الآلاف من الأشخاص اليائسين الفارين أثارت قلقا دوليا واسع النطاق.
وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيرسل مساعدات إنسانية أخرى "تضامنا مع الذين لا خيار لهم إلا الفرار"، في تحول كبير عن بيان سابق أشار إلى أشخاص "قرروا الفرار".
وقال موريس تيدبال بينز، المقرر الخاص للأمم المتحدة، إنه يتعين على أذربيجان أن "تحقق على الفور وباستقلال في انتهاكات مزعومة أو مشتبه بها للحق في الحياة التي تم رصدها في سياق هجومها العسكري الأخير في ناجورنو قرة باغ".
وانضمت ألمانيا إلى الدعوة الأمريكية التي تطالب أذربيجان بالسماح لمراقبين دوليين بدخول قرة باغ.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على موقع إكس، تويتر سابقا، "المطلوب الآن هو الشفافية، وعيون وآذان المجتمع الدولي على الفور".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر إن واشنطن ستعمل مع الحلفاء والشركاء في الأيام المقبلة "لتحديد ما ستبدو عليه هذه المهمة بالضبط".
* الطريق الجبلي
لم تتضح أسباب احتجاز فاردانيان لكن أذربيجان أشارت إلى أنها ستسعى إلى محاكمة بعض الانفصاليين.
وقال الرئيس الهام علييف الأسبوع الماضي "اتهمنا عناصر من النظام الإجرامي وسنقدمهم إلى العدالة"، دون أن يذكر أي شخص أو يحدد أي جريمة. ووصف قيادة قرة باغ بأنها "مجلس عسكري إجرامي... ووكر للسموم".
خلال الفترة القصيرة التي قضاها في منصبه، وصفت أذربيجان فاردانيان بأنه عقبة أمام السلام. كما أنه اختلف مع رئيس وزراء أرمينيا بشأن دور قوات حفظ السلام الروسية.
وقالت زوجته زونابند إنها طلبت من الناس "الدعاء والدعم من أجل إطلاق سراح زوجي سالما".
وقال ميلر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، للصحفيين إن واشنطن على علم باعتقال فاردانيان وإنها "تراقب الوضع عن كثب".
وقُتل عشرات الآلاف في القتال على قرة باغ منذ عام 1991 مع سقوط الاتحاد السوفييتي الذي كانت أرمينيا وأذربيجان جزءا منه.
وقالت سلطات قرة باغ إنها فقدت 200 شخص في هجوم أذربيجان الأسبوع الماضي. وقالت باكو يوم الأربعاء إن 192 من جنودها قتلوا ونشرت أسماءهم وصورهم. وكان بينهم أكثر من 50 شابا في سن المراهقة.
واكتظ الطريق الجبلي الحاد المتعرج من ناجورنو قرة باغ باتجاه أرمينيا بالناس. وينام الكثيرون في السيارات أو يبحثون عن الحطب للتدفئة على جانب الطريق. واستغرقت الرحلة التي طولها 77 كيلومترا فقط إلى الحدود 30 ساعة على الأقل.
وقالت فيرا بيتروسيان وهي معلمة متقاعدة تبلغ من العمر 70 عاما لرويترز يوم الثلاثاء "تركت كل شيء ورائي. لا أعرف ما الذي ينتظرني. ليس لدي أي شيء. لا أريد أي شيء".
وذكرت السلطات المحلية أن انفجارا كبيرا وقع في مستودع للوقود في منطقة أسكيران في ناجورنو قرة باغ يوم الاثنين. ولم يتضح سبب وقوعه. وقالت سلطات الأرمن إن 68 قتلوا و105 فقدوا وأصيب ما يقرب من 300.
وقالت روسيا إن قوة حفظ السلام التابعة لها في المنطقة أجلت أكثر من 120 شخصا بطائرات هليكوبتر.
وتشعر أرمينيا بالغضب لأن قوات حفظ السلام الروسية الموجودة منذ حرب استمرت 44 يوما في عام 2020، لم تحرك ساكنا لمنع أذربيجان من شن هجومها، مما أجبر قيادة قرة باغ بسرعة على الموافقة على حل نفسها ونزع سلاحها.
ومع انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا سلطت الأزمة الضوء على تراجع قدرتها على لعب دور الضامن الأمني في منطقة القوقاز التي تتنافس معها على النفوذ فيها تركيا وإيران والولايات المتحدة.
وقال ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية، للصحفيين إن روسيا يسرت في بعض الأحيان المفاوضات، وهو ما رحبت به واشنطن، "لكن من المؤكد أن دورها في الأسبوع الماضي لم يكن مثمرا في هذا الوضع".
(إعداد مروة سلام ومحمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم وسلمى نجم)