من فليكس لايت
جوريس (أرمينيا) (رويترز) - قال أرمن في منطقة ناجورنو قرة باغ يوم الخميس إنهم حلوا دويلتهم الانفصالية التي دافعوا عنها لثلاثة عقود، بينما فر أكثر من نصف سكانها منذ أن شنت أذربيجان هجوما خاطفا عليها الأسبوع الماضي.
وأضافوا في بيان أن جمهورية أرتساخ (ناجورنو قرة باغ) المعلنة من جانب واحد ستختفي بحلول أول يناير كانون الثاني، فيما يصل إلى حد الاستسلام رسميا لأذربيجان.
وبالنسبة لأذربيجان ورئيسها إلهام علييف، فإن النتيجة هي استعادة السيادة على منطقة مُعترف بها دوليا جزءا من أراضيها لكن أغلبية سكانها الأرمن انتصروا محققين استقلالا فعليا بعد حرب في التسعينيات.
أما الأرمن، فما حدث هزيمة وفاجعة وطنية.
وأفادت وكالة الإعلام الروسية أن زهاء 70 ألفا و500 شخص عبروا الحدود إلى أرمينيا بحلول عصر يوم الخميس، ويقدر عدد سكان قرة باغ بنحو 120 ألفا.
ونقلت وكالة أنباء انترفاكس الروسية للأنباء عن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان قوله "تحليل الوضع يظهر أنه لن يتبقى أرمن في ناجورنو قرة باغ في الأيام المقبلة. هذا تطهير عرقي".
وتنفي أذربيجان هذا الاتهام قائلة إنها لا تجبر الناس على المغادرة وإنها ستعيد دمج قرة باغ سلميا وتضمن الحقوق المدنية للأرمن.
ويقول أرمن المنطقة إنهم لا يثقون في هذا الوعد، يدفعهم إلى ذلك تاريخ طويل من إراقة الدماء بين الجانبين بما في ذلك حربان منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
ويفر السكان منذ أيام بشكل جماعي على الطريق الجبلي المتعرج الذي يربط قرة باغ بأرمينيا عبر أذربيجان.
وقال إيلين سليمانوف، سفير أذربيجان في لندن لرويترز في مقابلة إن باكو لا تريد نزوحا جماعيا من قرة باغ ولا تشجع الناس على المغادرة.
وأضاف أن أذربيجان لم تتح لها بعد فرصة لإثبات ما قال إنه التزامها الصادق بتوفير ظروف معيشية آمنة وأفضل للأرمن الذين يختارون البقاء.
وقال الكرملين يوم الخميس إنه يراقب عن كثب الوضع الإنساني في قرة باغ وإن قوات حفظ السلام الروسية في المنطقة تقدم المساعدة للسكان. وأوضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس لديه خطط لزيارة أرمينيا.
* تقارير مقلقة
عبرت حكومات غربية عن قلقها بشأن الأزمة الإنسانية وطالبت بوصول مراقبين دوليين لمراقبة معاملة أذربيجان للسكان المحليين.
وقالت سامانتا باور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، هذا الأسبوع إنها سمعت "تقارير مقلقة للغاية عن أعمال عنف ضد مدنيين".
وقالت أذربيجان إن علييف أبلغها في اجتماع يوم الأربعاء بأن حقوق الأرمن محمية بموجب القانون مثل حقوق الأقليات الأخرى.
وأضافت في بيان "أشار الرئيس الأذربيجاني إلى أن السكان المدنيين لم يتعرضوا لأذى خلال إجراءات مكافحة الإرهاب، ولم يُستهدف سوى التشكيلات المسلحة والمنشآت العسكرية الأرمنية غير القانونية".
وقال مكتب علييف يوم الخميس إن الرئيس زار بلدة جبرائيل في ناجورنو قرة باغ لتفقد أعمال إنشائية هناك حيث استعادت أذربيجان السيطرة على المنطقة في 2020 وتعمل الآن على إعادة بنائها.
وبينما قال علييف إنه ليس على خلاف مع أرمن قرة باغ العاديين، وصف قادتهم الأسبوع الماضي بأنهم "طغمة إجرامية" سيقدمها إلى العدالة.
واعتقلت أذربيجان يوم الأربعاء روبن فاردانيان وهو مصرفي ترأس من قبل حكومة قرة باغ الانفصالية بين نوفمبر تشرين الثاني 2022 وفبراير شباط 2023. وقالت يوم الخميس إن اتهامات وجهت له بعبور الحدود بشكل غير قانوني.
وقال ديفيد بابايان، مستشار قيادة قرة باغ، في بيان إنه سلم نفسه طواعية للسلطات الأذربيجانية.
والنزوح الجماعي سمة من سمات نزاع قرة باغ منذ اندلاعه في أواخر الثمانينيات مع اتجاه الاتحاد السوفيتي نحو الانهيار.
فبين عامي 1988 و1994 طُرد نحو نصف مليون أذربيجاني من قرة باغ والمناطق المحيطة بها من بيوتهم، بينما دفع الصراع 350 ألف أرمني لمغادرة أذربيجان و186 ألف أذربيجاني لمغادرة أرمينيا، بحسب الباحث والمحلل القوقازي توماس دي وال.
وقال العديد من الأرمن الذين فروا هذا الأسبوع في سيارات وشاحنات وحافلات، بل وجرارات محملة بمتاعهم إنهم جائعون وخائفون.
وقال الأب ديفيد (33 عاما) وهو قس أرمني جاء لمنطقة الحدود لتقديم الدعم الروحي للفارين "هذه واحدة من أحلك الصفحات في تاريخ الأرمن... كل تاريخ الأرمن مليء بالمحن".
وتمتعت منطقة ناجورنو قرة باغ في العهد السوفيتي بحكم ذاتي داخل أذربيجان التي كانت بدورها جمهورية سوفيتية.
لكن مع انهيار الاتحاد السوفيتي نشبت أول حرب بسبب قرة باغ. وقتل نحو 30 ألفا بين 1988 و1994 ونزح أكثر من مليون أكثر من نصفهم من الأذريين.
وفي 2020، تمكنت أذربيجان من استعادة السيطرة على مساحات من الأراضي في قرة باغ وحولها في حرب استمرت 44 يوما مما مهد الطريق للعملية العسكرية الأخيرة التي نفذتها الأسبوع الماضي لفرض سيطرتها الكاملة على المنطقة.
(إعداد سلمى نجم ومحمد محمدين للنشرة العربية - تحرير سها جادو وعلي خفاجي)