(رويترز) - ترددت مناشدات عبر مكبرات المساجد وعلى لسان مسؤولين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة تطلب من السكان البقاء في منازلهم يوم الجمعة في تحد لطلب من الجيش الإسرائيلي بتوجه أكثر من مليون مدني للجنوب وإخلاء مدينة غزة خلال 24 ساعة في إطار الاستعدادات لاجتياح بري متوقع.
ومن شأن أي اجتياح بري لقطاع غزة أن يشكل لحظة محورية في القتال بين الجيش الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي شنت يوم السبت الهجوم الأعنف على إسرائيل منذ حرب 1973.
وشنت إسرائيل بالفعل أعنف غاراتها الجوية على غزة على الإطلاق، وحشدت نحو 300 ألف من جنود الاحتياط ودبابات على الحدود مع القطاع.
وأعادت التهديدات بغزو بري إلى الأذهان صور النكبة عام 1948 عندما تم تهجير الفلسطينيين وتجريدهم من ممتلكاتهم بشكل جماعي مع قيام دولة إسرائيل.
ووصف المحلل في غزة طلال عوكل أمر الإخلاء الإسرائيلي بأنه محاولة لدفع الشعب الفلسطيني في غزة إلى "نكبة".
وأضاف في مقابلة أجرتها معه رويترز أنه مثلما فعل الإسرائيليون عام 1948، عندما طردوا الناس من فلسطين التاريخية بإلقاء براميل متفجرة على رؤوسهم، تكرر إسرائيل ذلك اليوم أمام أعين العالم وفي بث مباشر عبر محطات التلفزيون.
وبثت مكبرات المساجد في قطاع غزة نداءات تدعو المواطنين لالتزام منازلهم والتمسك بالأرض.
وقتل مسلحو حماس أكثر من 1300 إسرائيلي في هجومهم يوم السبت. وقالت السلطات هناك إن الغارات الجوية الإسرائيلية ردا على ذلك أدت إلى مقتل أكثر من 1400 شخص في غزة حتى الآن.
وبينما يبدو الغزو البري وشيكا، ينخرط الجانبان في حرب نفسية.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان "يا سكان غزة، عليكم التوجه جنوبا حفاظا على أمنكم الشخصي وأمن عائلاتكم، وأبعدوا أنفسكم عن مخربي حماس الذين يستخدمونكم دروعا بشرية".
وأضاف "يختبئ مخربو حماس في مدينة غزة داخل أنفاق تحت المنازل وداخل المباني المأهولة بالمدنيين الأبرياء في غزة".
وحثت حركة حماس الفلسطينيين على تجاهل الطلب ووصفوه بأنه تضليل يهدف إلى بث الذعر وتسهيل خطة إسرائيل لغزو القطاع وتدمير الحركة.
* لن نغادر
وصفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يوم الجمعة طلب إسرائيل نقل أكثر من مليون مدني من شمال غزة خلال 24 ساعة بأنه "مروع" وقالت إن غزة تتحول بسرعة إلى "حفرة من الجحيم وهي على شفا الانهيار".
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوزير الخارجية الأمريكي في عمان إنه يرفض التهجير القسري للفلسطينيين في قطاع غزة وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية.
وأضاف أن تلك الأحداث تمثل نكبة ثانية مضيفا أن ممرات إنسانية يجب أن تفتح في القطاع المحاصر على الفور لمنع كارثة أكبر.
وقالت حماس إن القيادي وائل الزرد قتل في غارة جوية إسرائيلية في غزة، وذلك بعد مقتل ابنه قبل بضعة أسابيع خلال احتجاجات على الحدود عند السياج الفاصل.
وقال كلايف بولدوين كبير المستشارين القانونيين لدى منظمة هيومن رايتس ووتش "الأمر بإخلاء مليون شخص في غزة لمنازلهم، عندما لا يكون هناك مكان آمن يذهبون إليه، ليس تحذيرا فعالا. الطرق مدمرة والوقود شحيح والمستشفى الرئيسي يقع في منطقة الإخلاء".
وأضاف "هذا الأمر لا يغير التزامات إسرائيل في العمليات العسكرية بعدم استهداف المدنيين مطلقا، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بهم. وينبغي على زعماء العالم الآن أن يعلنوا ذلك صراحة قبل فوات الأوان".
ووصل رجل إلى مستشفى الشفاء، أكبر المستشفيات العامة في غزة وعددها 13، للاطمئنان على العشرات من أقاربه وأصدقائه الذين تم إحضارهم من موقع مبنى سكني قصفته إسرائيل في مخيم الشاطئ للاجئين.
وقال "لقد نجوت، لا أعرف لماذا نجوت. لكي أقول للعدو وأمريكا وأوروبا والعالم إن الشعب الفلسطيني لن يهزم".
وأضاف "يعتقدون أن نزوحا آخر سيحدث، أو أننا قد نذهب إلى مصر. هذا هراء"، ثم توجه إلى المشرحة ليحاول التعرف على أقارب من بين القتلى.
وحث إياد البزم المتحدث باسم وزارة الداخلية في حماس، خلال مؤتمر صحفي في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، العرب في كل مكان وخاصة في الدول التي لها حدود مع إسرائيل على دعم سكان قطاع غزة.
وطالب البزم سكان شمال القطاع ومدينة غزة بالبقاء في منازلهم قائلا "اثبتوا في منازلكم وأماكنكم فإن الاحتلال بارتكاب المجازر بحق المدنيين يريد أن يهجرنا مرة أخرى عن أرضنا ولن تتكرر هجرة عام 1948 مرة أخرى بل سنعود لأرضنا مجددا".
(إعداد محمد علي فرج وسلمى نجم للنشرة العربية - تحرير دعاء محمد وحسن عمار)