من نضال المغربي
غزة (رويترز) - من غير المرجح أن تؤدي مساعدات محملة على 20 شاحنة قادمة عبر الحدود المصرية إلى رفع المعنويات في قطاع غزة المحاصر والمنكوب حيث يركز الفلسطينيون بشكل أساسي على النجاة فحسب من الضربات الجوية الإسرائيلية العنيفة والمتواصلة والنقص الحاد في الغذاء والدواء.
وقالت الولايات المتحدة إن مصر وافقت بعد جهود دبلوماسية مكثفة على إعادة فتح معبرها الحدودي مع غزة للسماح بوصول المساعدات إلى الفلسطينيين، مع تفاقم الأزمة الإنسانية بالنسبة لنحو 2.3 مليون محاصرين هناك واندلاع احتجاجات مناهضة لإسرائيل في أنحاء الشرق الأوسط.
وقال العوض الدالي (65 عاما) وهو يتحدث بالقرب من أنقاض المنازل المدمرة إن المساعدات شيء تافه، وليست هناك حاجة من الدول العربية والأجنبية سوى وقف القصف العنيف على المنازل.
ومثل العديد من الفلسطينيين في غزة وأماكن أخرى، يشعر أن الدول العربية لم تفعل ما يكفي لدعم القضية الفلسطينية، وخاصة الدول التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وقال "نريدهم أن يوقفوا القصف على الذين يقتلون داخل منازلهم".
وسعت الولايات المتحدة ومصر للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل لإيصال المساعدات إلى غزة، وقال البيت الأبيض يوم الأربعاء إنه تم الاتفاق على مرور ما يصل إلى 20 شاحنة مع تطلع إلى إدخال المزيد من الشاحنات في وقت لاحق.
وأكدت إسرائيل مجددا أنها لن تسمح بدخول المساعدات من خلال معبرها مع قطاع غزة حتى تطلق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سراح نحو 200 احتجزتهم خلال هجومها عبر الحدود على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول. وقتل حوالي 1400 إسرائيلي في الهجوم.
وقالت وزارة الصحة في غزة يوم الخميس إن ما لا يقل عن 3785 فلسطينيا قتلوا في القطاع وأصيب 12493 آخرين جراء الضربات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.
ويعتمد أغلب سكان القطاع على المساعدات حتى قبل بدء التصعيد الحالي في الصراع ووفقا للأمم المتحدة كانت تدخل إلى القطاع نحو مئة شاحنة يوميا للإغاثة.
* انفجار المستشفى
ظلت المنطقة مضطربة في أعقاب انفجار في المستشفى الأهلي العربي المعمداني بغزة وقع في وقت متأخر من مساء يوم الثلاثاء، والذي قال مسؤولون فلسطينيون إنه أدى إلى مقتل 471. وأرجعوا الانفجار إلى ما قالوا إنها ضربة جوية إسرائيلية، بينما تقول إسرائيل إنه نجم عن صاروخ أطلقه مسلحون فلسطينيون ولم يصل لهدفه.
ويعيش سكان قطاع غزة المحاصر في عزلة عن العالم الخارجي وليس لديهم سوى القليل من المعرفة بالدبلوماسية الدولية التي تهدف إلى تخفيف وطأة التصعيد الأحدث في الصراع الذي تلا هجوم حماس، التي تدير القطاع، على إسرائيل.
وتفرض إسرائيل حصارا على قطاع غزة منذ سيطرة حماس عليه في عام 2007 وتحكم السيطرة على حركة البضائع والأفراد في ظل فرض مصر لقيود مشددة أيضا على ذلك من جانبها.
وأصبح سكان غزة أكثر صلابة على مر السنين في ظل حياتهم تحت حروب تنشب بين حماس وإسرائيل والحصار والبطالة في واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم.
لكن هجوم حماس، وهو الأكبر على إسرائيل منذ حرب أكتوبر تشرين الأول عام 1973، والذي أعقبه رد إسرائيل بأعنف الهجمات على قطاع غزة على الإطلاق، أدى إلى أزمة هائلة.
وتتجمع العائلات في مكان واحد على أمل أن تشعر بأي أمان، لكن من الصعب العيش هكذا. وغالبا ما تتوقف فجأة أصوات الأطفال الذين يلعبون أو يقفزون فوق الأثاث خلال الانفجارات المتكررة التي تهز الأحياء السكنية.
وقالت النازحة هدى عرفات التي تعيش في خيمة حاليا "انهار منزلي فوقي. وماتت ابنتي التي كانت زهرة المنزل. انظروا إلى هؤلاء الأطفال، أصيبوا مثلي، أخرجونا من تحت الأنقاض. ما ذنبنا؟".
وأضافت "كانت هناك امرأة تصرخ من تحت الأنقاض: ‘أنقذونا، أنقذوا زوجة ابني، إنها تنزف‘".
وليس هناك من مناطق آمنة تذكر لالتماس المساعدة.
وقالت سلوى أبو طايع وهي تحمل طفلا "نريد الأمان، نحن مدنيون ولسنا جنودا، الأطفال في الشوارع، هناك واحد واثنان وثلاثة وأربعة أطفال صغار انتهى بهم الأمر جميعا في الشارع، بلا غذاء أو ماء، ولا حتى حماية دولية ولا حقوق إنسان".
وأضافت "من العار تركهم في الشارع، ما ذنبنا؟ يستهدفوننا ويهجروننا من مكان إلى آخر".
* مكان للأسى
أعلن مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، نفاد الأدوية لديه.
وأفادت وزارة الصحة ووزارة الداخلية والمكتب الإعلامي لحماس في غزة بقصف إسرائيلي مكثف للمنازل والطرق في أرجاء المنطقة خلال الليل.
وقالت وسائل إعلام تابعة لحماس إن طائرات قصفت مناطق في صباح اليوم الخميس ودمرت ثلاثة أبراج سكنية شاهقة تؤوي مئات العائلات، مما أجبرها على الفرار.
وفي مخيم جباليا، استيقظ الأهالي على أصوات الانفجارات وتدمير المنازل. وقال مسؤولون من الصحة وشهود إن عمال الإنقاذ يحاولون انتشال ضحايا من تحت الأنقاض.
وفي إحدى الضربات، غطت الأنقاض طفلا وطفلة لكنهما كانا على قيد الحياة. وبدا أحد الصبية مصدوما عندما حاول البعض إضاءة المنطقة باستخدام أنوار هواتف محمولة وكاميرات المصورين.
ويقول سكان قطاع غزة إن أماكن البهجة والفرح تحولت إلى أماكن مليئة بالبؤس والقلق والأسى.
وقالت أمينة الكيتناني "هذه قاعة أفراح اعتدنا أن نحضر فيها مناسباتنا السعيدة لأبنائنا وبناتنا والآن نبيت فيها ونزحنا داخلها".
وتابعت قائلة "بدلا من إقامة المناسبات السعيدة في قاعة الأفراح أصبحت مكانا للأسى".
(إعداد سامح الخطيب ونهى زكريا للنشرة العربية - تحرير سلمى نجم)