من نضال المغربي وسايمون لويس وسليمان الخالدي
غزة/عمان (رويترز) - أفاد فلسطينيون بوقوع ضربة جوية إسرائيلية يوم السبت على مدرسة تؤوي أشخاصا في شمال غزة في الوقت نفسه الذي اجتمع فيه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع وزراء عرب في الأردن لبحث كيفية احتواء الصراع.
وقال شهود إن غارة إسرائيلية استهدفت صباح يوم السبت مدرسة الفاخورة في جباليا حيث يقيم آلاف النازحين. وقال محمد أبو سلمية مدير عام مستشفى الشفاء إن ما لا يقل عن 15 لقوا حتفهم وأصيب العشرات.
وأظهر مقطع مصور لرويترز لآثار القصف أثاثا محطما ومتعلقات أخرى ملقاة على الأرض وبقعا من الدماء وأشخاصا يبكون.
وقال فتى وهو يبكي في يأس في مقطع فيديو حصلت عليه رويترز "كنت أقف هنا حينما وقعت ثلاث ضربات، حملت جثة وأخرى قطعت رأسها بيديّ". وأضاف "حسبي الله ونعم الوكيل".
وعلى مقربة منه كان أحد السكان يهدئ من روع امرأة في حالة صدمة.
وتساءل أحد السكان غاضبا "امتى صارت الملاجئ تنقصف، يا عم والله حرام اللي بيصير".
وأكدت جولييت توما مديرة التواصل والإعلام بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لرويترز قصف المدرسة التي تديرها الأمم المتحدة، والواقعة بمنطقة مدينة غزة.
وذكرت أن هناك أطفالا بين القتلى والجرحى، لكن الأونروا لم يتسن لها بعد التحقق من العدد الدقيق للقتلى.
وأضافت توما عبر الهاتف "استهدف قصف واحد على الأقل فناء في المدرسة كان به خيام للأسر النازحة. واستهدف قصف آخر داخل المدرسة حيث تخبز النساء الخبز".
وقالت السلطات الفلسطينية إن سلسلة من الغارات الجوية وردت تقارير عنها على مدى الأسبوع المنصرم دمرت أجزاء من مخيم جباليا للاجئين، وهو الأكبر من بين عدة مخيمات للاجئين في غزة، وأسفرت عن مقتل 195 على الأقل.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن ضربة صاروخية إسرائيلية أخرى نجم عنها مقتل امرأتين لدى باب مستشفى النصر للأطفال. وذكرت الوزارة أن عدة أشخاص آخرين أصيبوا.
ولم يعلق الجيش الإسرائيلي بعد على أي من الهجومين.
* تخوّف سكان غزة من التوجه جنوبا
طوقت القوات البرية الإسرائيلية مدينة غزة يوم الخميس بعد تكثيف حملة القصف التي تقول إنها تهدف إلى القضاء على حركة حماس بعد أن قتلت الجماعة المسلحة 1400 شخص واحتجزت أكثر من 240 رهينة في هجوم شنته في السابع من أكتوبر تشرين الأول على جنوب إسرائيل.
وقال مسؤولو قطاع الصحة في غزة يوم السبت إن أكثر من 9488 فلسطينيا قُتلوا حتى الآن جراء الهجمات الإسرائيلية.
وأمرت إسرائيل الشهر الماضي جميع المدنيين بمغادرة الجزء الشمالي من قطاع غزة، بما في ذلك مدينة غزة التي تقول إن مسلحي حماس مختبئون في أنفاق بها، والتوجه إلى جنوب القطاع.
لكنها تواصل قصف القطاع بأكمله قائلة إن المسلحين مختبئون وسط المدنيين، وبقي كثيرون في الشمال حيث يقولون إنهم يشعرون الآن بأنهم محاصرون.
وأعلن الجيش الإسرائيلي السماح للفلسطينيين باستخدام الطريق الرئيسي بقطاع غزة، طريق صلاح الدين، بعد ظهر يوم السبت. وكتب الجيش في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة العربية "إذا كنتم تهتمون بأنفسكم وبأحبائكم، فاتجهوا جنوبا وفقا لتعليماتنا".
وذكر عدد من السكان لرويترز أنهم خائفون للغاية من سلوك الطريق بسبب القوات الإسرائيلية وبسبب نشر كثيرين تحذيرات على وسائل التواصل الاجتماعي من أن الدبابات الإسرائيلية متمركزة على الطريق.
وقال المبعوث الأمريكي الخاص ديفيد ساترفيلد في أثناء وجوده في عمان إن ما بين 800 ألف ومليون شخص اتجهوا بالفعل إلى جنوب قطاع غزة، بينما يظل ما بين 350 و400 ألف في مدينة غزة وضواحيها بشمال القطاع.
وفرضت إسرائيل حصارا شاملا على غزة وسمحت بدخول النزر اليسير من المساعدات من مصر قائلة إنها تخشى من سرقة حماس المساعدات. وذكر ساترفيلد أنه لا توجد حالات مسجلة لاستيلاء حماس على المساعدات.
* بلينكن يستمع لمطالب وقف إطلاق النار
قالت وزارة الخارجية القطرية إن وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أبلغ بلينكن خلال اجتماع في الأردن مع وزراء خارجية السعودية والإمارات ومصر أن جهود التوسط في الإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس في غزة يعقّدها استمرار قصف القطاع.
وذكر الأردن قبيل الاجتماع أن الزعماء العرب سيشددون على "الموقف العربي الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وعاجل للقطاع ويبحثون مع بلينكن كل التداعيات وسبل إنهاء هذا التدهور الخطير الذي يهدد أمن المنطقة برمتها".
وفي وقت لاحق، قال بلينكن في مؤتمر صحفي في عمّان مع نظيريه الأردني والمصري إن بلاده تعتقد أن وقف إطلاق النار الآن سيمكن حركة حماس من إعادة تنظيم صفوفها وتنفيذ هجمات مماثلة لهجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول.
من جانبه قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن إسرائيل ترتكب "جرائم حرب" وينبغي ألا تكون فوق القانون الدولي.
وفيما يبدو أنه نذير باتساع هجومه البري، نشر الجيش الإسرائيلي مقطعا تظهر فيه جرافات مدرعة تزيل حطاما في مناطق بشمال غزة فيما وصفه بأنه "تعبيد طرق للقوات".
وقال الجيش الإسرائيلي إن وحدة دبابات وهندسة قتالية مشتركة نفذت "مداهمة دقيقة" في جنوب قطاع غزة "لرسم خريطة للمباني الموجودة وتحييد متفجرات".
وقال الجيش الإسرائيلي أيضا إنه يقصف ما وصفه بأنه "عدد من الأهداف الإرهابية لحزب الله في لبنان" عقب إطلاق نيران من هناك، خلال أكبر تصعيد على الحدود منذ 2006.
وقال مصدر لبناني مطلع على هجمات حزب الله إن الجماعة استخدمت صاروخا قويا لأول مرة لقصف موقع إسرائيلي عبر الحدود من بلدتي عيتا الشعب ورميش.
وجماعة حزب الله اللبنانية القوية مدعومة من إيران مثل حماس. وحذر الأمين العام للجماعة حسن نصر الله يوم الجمعة من أن الصراع قد يتسع إذا ما واصلت إسرائيل قصف غزة.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي اجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في عمان يوم السبت وشدد على أهمية العمل من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية إن بلينكن "شدد على أهمية ضمان عدم اتساع صراع إسرائيل وحماس إلى مناطق أخرى".
* إسرائيل تقول لا هدنة إلا بعد تحرير الرهائن
حافظت واشنطن على دعم عسكري وسياسي قوي لإسرائيل، بينما دعت حليفتها إلى اتخاذ خطوات لتجنب مقتل المدنيين ومعالجة الأزمة الإنسانية في غزة.
وقال المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات في مؤتمر في أبوظبي إن واشنطن بحاجة إلى الدفع من أجل إنهاء الصراع سريعا ووضع استراتيجية جديدة وإلا فلن ينظر إليها بالمنطقة على أنها بنفس القدر من الكفاءة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن غزة لا بد أن تكون جزءا من دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة بمجرد انتهاء حرب إسرائيل وحماس.
وزاد تدهور الظروف المعيشية في غزة، التي كانت سيئة بالفعل قبل اندلاع القتال. وإلى جانب شح الغذاء، يلجأ السكان إلى تناول مياه مالحة، كما تنهار الخدمات الطبية.
وقال مصدران قريبان من قيادة حماس إن الحركة استعدت لحرب طويلة الأمد في غزة وتعتقد أنها قادرة على صد التقدم الإسرائيلي لفترة كافية لإجبار عدوها على الموافقة على وقف إطلاق النار.
وأضافا أن حماس تسعى إلى تحقيق مكاسب ملموسة مثل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
ورفضت الولايات المتحدة دعوات دولية متزايدة لوقف إطلاق النار، لكنها تسعى إلى إقناع إسرائيل بقبول الهدنات، وهي فكرة رفضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد أن اجتمع مع بلينكن يوم الجمعة.
(إعداد أميرة زهران للنشرة العربية - تحرير محمود سلامة)