من نضال المغربي
غزة (رويترز) - شعرت فرح صلوحة (11 عاما) بالارتياح عندما غادرة قطاع غزة من خلال معبر رفح إلى مصر، لكنها كانت حزينة لتركها أباها الذي لا يزال يعيش في القطاع صغير المساحة والمكتظ بالسكان في ظل القصف الإسرائيلي.
بالنسبة لبضع مئات من حملة جوازات السفر الأجنبية والمصابين إصابات بالغة الذين سُمح لهم بالخروج من غزة على مدى الأيام القليلة الماضية، ينهي رحيلهم عن القطاع أسابيع شهدوا خلالها أخطارا ومعاناة بدون وجود ملاذ آمن أو ما يكفي من الطعام أو مياه الشرب أو الأدوية.
لكن أغلبهم يتركون وراءهم أقرب الأقرباء وأخلص الأصدقاء المحاصرين بينما تتناقص إمداداتهم في ظل موصلة الجيش الإسرائيلي هجومه على النصف الشمالي من القطاع الذي عزله عن النصف الجنوبي.
وقالت فرح، وهي أمريكية من أصل فلسطيني، بعدما نزلت من حافلة عبرت بها الحدود مع أمها وإخوتها "أخبرني أبي بأن أعتني بنفسي. عانقني وقبّل جبيني لأنه قلق جدا عليّ".
وتحاصر إسرائيل غزة وتدكّها منذ ثلاثة أسابيع خلال تنفيذها عملية عسكرية في القطاع الذي يقطنه 2.3 مليون شخص. وتقول إسرائيل إن العملية هدفها سحق حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بعد أن قتلت 1400 إسرائيلي واختطفت 240 آخرين في هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وتقول السلطات الصحية في القطاع الذي تديره حماس إن القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي أسفر عن مقتل 9488 فلسطينيا من بينهم حوالي 3900 طفل و150 عاملا بالقطاع الطبي.
وأمرت إسرائيل الشهر الماضي جميع المدنيين بمغادرة الجزء الشمالي من قطاع غزة، إلا أنها واصلت قصف المناطق الجنوبية. وفي خان يونس، المدينة الرئيسية في جنوب القطاع، بحث سكان بين الأنقاض عن ناجين بعد غارة جوية يوم السبت.
وسحب حفار ميكانيكي أكواما من الخرسانة بينما حفر المنقذون سعيا للوصول إلى جثة امرأة، ووقف العشرات يتابعون جهودهم وسط الأنقاض القريبة. وحُملت الجثة أخيرا مغطاة بملاءة فوق نقالة.
ثم شوهدت جثث بعد ذلك في أكفان بيضاء فوق نقالات على درج أمام مستشفى بخان يونس، وجلس رجلان على مقربة منها ووقفت فتاة تشاهد وتذرف الدموع في صمت ونظراتها تخترق سور الدرج.
وقالت صلوحة "كانت بداية الحرب صعبة جدا لأنني كنت مريضة ولم أستطع النوم في غرفتي، لكنهم أخبروني حينئذ بأن أخرج من غزة ولم أرد الرحيل عن غزة".
وتابعت صلوحة متحدثة عن والدها الذي بقي في القطاع في الوقت الحالي "أفتقده كثيرا لأن من الصعب جدا الاعتناء به في الحرب".
* شمال غزة
تواجه المناطق الشمالية من غزة، التي عزلها الجيش الإسرائيلي عن الجنوب، ظروفا أكثر قسوة.
وعلى الرغم من أن إسرائيل قالت إنها ستسمح للفلسطينيين بالتحرك على طريق يؤدي إلى الجنوب لمدة ثلاث ساعات يوم السبت، خاف الكثيرون بشدة من استخدامه. وتقول الولايات المتحدة إن ما يصل إلى 400 ألف شخص لا يزالون في شمال القطاع.
وأظهر مقطع مصور تم التقاطه على طريق يمتد بين المناطق الشمالية والجنوبية يوم الجمعة سبع جثث على ما يبدو، من بينها جثة طفل، ملقاة على الطريق وقد تناثرت حولهم أغراضهم. ولم تعلق إسرائيل ولا السلطات التي تديرها حماس في غزة على الأمر.
وفي مدينة غزة ومخيمات اللاجئين المجاورة، والتي تطوقها القوات الإسرائيلية بالكامل، قال سكان إن القصف مكثف وإن الظروف المعيشية تزداد سوءا.
وقال محمد، وهو من سكان مخيم الشاطئ، رافضا ذكر اسم عائلته خوفا من التعرض لانتقام إسرائيلي "لا يوجد مخبز واحد مفتوح هنا. لم يكن لدينا خبز خلال الأيام الأربعة الماضية".
وذكر المكتب الإعلامي الحكومي الذي تديره حماس في غزة أن الضربات الإسرائيلية بدأت تستهدف محطات الطاقة الشمسية بعد انقطاع إمدادات الكهرباء الخارجية ونفاد الوقود من معظم المولدات.
وتابع محمد "إنهم يريدون أن تعيش المدينة بأكملها في الظلام"، مضيفا أن الضربات الجوية تسقط الآن الألواح الشمسية الموجودة على أسطح المنازل.
(إعداد محمد أيسم ودعاء محمد للنشرة العربية)