من نضال المغربي
غزة (رويترز) - يحتاج مئات المرضى بشدة لمساعدته، لكنه لم يعد يملك ما يفعله لهم.
إنه الجراح الفلسطيني البريطاني غسان أبو ستة الذي قال لفريقه إن الوقت قد حان لمغادرة آخر مستشفى ما زال يعمل كليا في مدينة غزة وهو المستشفى الأهلي الذي تهتز جدرانه من نيران الدبابات الإسرائيلية ولم تعد فيه أي أدوية تخدير للعمليات.
وقال لرويترز يوم الجمعة بعد يوم من مغادرته المستشفى واتجاهه سيرا (TADAWUL:1810) على الأقدام إلى مخيم النصيرات في وسط غزة "كان الأمر كابوسا حقيقيا، ترك 500 مصاب وأنت تعلم أنه لم يعد بوسعك ما تفعله من أجلهم، هذا أكثر شيء مفجع كان علي أن أفعله على الإطلاق".
وكتب في منشور على تطبيق إكس "لم أعد قادرا على إجراء عمليات في المستشفى الأهلي. المستشفى أصبح الآن فعليا مركزا للإسعافات الأولية. مئات المصابين في المستشفى يتعذر الآن إجراء جراحة لهم. سيموتون بسبب إصاباتهم".
وأمرت إسرائيل السكان في النصف الشمالي من قطاع غزة، الذي يضم مدينة غزة، بالإخلاء بينما تواصل حملتها التي تهدف للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تحكم القطاع. وتوقفت جميع المستشفيات في الشمال عن العمل.
وقالت وزارة الصحة في غزة إنه حتى 16 نوفمبر تشرين الثاني كان تسعة مستشفيات فحسب تعمل في القطاع من 35 مستشفى ولو بشكل جزئي.
وفي وقت سابق من الأسبوع، قدرت الوزارة عدد القتلى الفلسطينيين المؤكد بأكثر من 11500، منهم 4700 طفل على الأقل، لكنها قالت إن انقطاع الاتصالات في أنحاء المنطقة جعل من المستحيل تقديم تحديث منتظم للأعداد.
وتكدست مستشفيات غزة وعانت من قلة الإمدادات منذ أن بدأت القوات الإسرائيلية حملتها للقضاء على حماس في أعقاب هجوم الحركة في السابع من أكتوبر تشرين الأول على إسرائيل التي تقول إنه أودى بحياة 1200 إسرائيلي.
* المستشفى امتلأ بالمصابين
قال أبو ستة في اتصال عبر الإنترنت "يمتلئ المستشفى الأهلي عن آخره بالمصابين وعملنا طول الليل (يوم الأربعاء). وبحلول الساعات الأولى من (يوم الخميس)...أدركنا أن أدوية أجهزة التخدير قد نفدت لدينا واضطررنا إلى إيقاف غرفة العمليات".
وأردف قائلا إنه وفريقه انشغلوا في الأسابيع القليلة الماضية على وجه التحديد بعلاج المصابين بعد ضربة جوية إسرائيلية استهدفت مسجدا قريبا وبعدما حاصرت القوات الإسرائيلية ودخلت مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة.
وأضاف أن رسالة تلقاها المستشفى الأهلي تقول إنه محاط أيضا بدبابات إسرائيلية.
ولم يتسن لرويترز التحقق من الوضع على الفور داخل وحول المستشفى الأهلي. ويقول الجيش الإسرائيلي إن حماس لديها أنفاقا ومراكز قيادة تحت بعض المستشفيات وملاصقة لها، وهو اتهام تنفيه حماس.
وقالت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، يوم الجمعة إنه لم يتم احتجاز أي رهائن من أسرى هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول في المستشفيات، ولكن نُقل عدد منهم إلى مراكز الرعاية لتلقي العلاج بسبب خطورة حالتهم ولإنقاذ حياتهم.
وفي مسيرته من المستشفى إلى مخيم اللاجئين التي استغرقت خمس ساعات، قال أبو ستة إنه رأى "مشاهد الدمار" والجثث الملقاة في الشارع.
وأضاف أن مرضى يحتاجون علاجا ظلوا في المستشفى الأهلي وأن مستشفى آخر في شمال غزة لم يستطع أخذهم.
وقال "بشكل أساسي، لا يوجد مستشفى يعمل في شمال غزة بأكمله الآن".
ويعتزم أبو ستة أخذ قسط من الراحة في الوقت الراهن.
وقال "كنا نجري عمليات دون توقف في الأسبوع الماضي منذ (حصار) مستشفى الشفاء. اتخذت قرارا بأنني في حاجة للنوم حتى اتبين ما الذي أريد فعله فيما بعد".
(إعداد مروة سلام للنشرة العربية - تحرير دعاء محمد)