من محمد سالم
خان يونس (قطاع غزة) (رويترز) - تحت سماء الليل التي ينيرها ضوء القمر وليست القنابل المضيئة والانفجارات، جلس إبراهيم قنيش أحد سكان غزة بالقرب من نار صغيرة أمام منزله الذي تدمرت أجزاء منه مشعلا النيران في مجموعة من الورق المقوى بينما كان يسخن الماء لإعداد كوب من الشاي.
كان هذا المشهد الهادئ بمثابة فترة راحة وتأمل بالنسبة لقنيش في الليلة الثانية من الهدنة المؤقتة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). ويعاني قنيش مثل غيره من سكان غزة من الخوف ومصاعب الحياة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وقال قنيش "بنعيش في أيام تهدئة يعني بنسرق لحظات بنعمل شاي على النار في هذا الوقت".
وأضاف بينما كان ضي النار ينير وجهه "سمحت هاذي الهدنة... للناس إنه يصير عندهم جزء من التواصل الاجتماعي والاطمئنان على بعض".
ويعيش قنيش في بلدة خان يونس في جنوب قطاع غزة، حيث يحتمي عشرات الآلاف من الأشخاص في الخيام والمدارس ومنازل السكان بعد فرارهم من القصف العنيف في الجزء الشمالي من القطاع.
لكن الضربات الجوية أصابت أيضا الكثير من الأماكن في جنوب القطاع، وقال قنيش إن حالة الرعب المستمرة وصوت الطائرات العسكرية والانفجارات جعلا من المستحيل قضاء أمسية هادئة سواء في الداخل أو الخارج حتى بدأت الهدنة.
ورغم شعوره ببعض الراحة بعد فترة من الخوف والضجيج، فإن الوضع لا يزال بعيدا جدا عن الحالة الطبيعية بعد تعرض منزله لأضرار بالغة بسبب إحدى الغارات. ويعتقد قنيش أن الحرب أعادت بعضا من أنماط الحياة التي كان يعيشها أجداده.
وقال "اليوم من سنوات عدة فقدنا هذه القعدة لكن حالة الحرب الاستثنائية اللي احنا فيها أعادت الينا جزءا من التراث تبعنا وجزءا من الموروث الاجتماعي اللي كانوا أهالينا يعملوه".
وفي مكان قريب منه، كان هناك رجل يدفع دراجة هوائية وامرأة تحمل طفلا يتجولان جنبا إلى جنب في أحد الشوارع المظلمة بينما أمكن سماع صوت الأذان بشكل خافت من مسافة بعيدة.
وسلطت المصابيح الأمامية لسيارة عابرة ضوءها على أكوام من الركام في الشارع كاشفة عن كتابات على الجدران.
ونشبت الحرب بعدما انطلق مسلحون تابعون لحركة حماس من غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول وهاجموا جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 آخرين حسبما أعلنت إسرائيل.
وردا على ذلك، تعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس وشنت هجوما ضاريا على غزة أدى إلى مقتل 14800 شخص، 40 بالمئة منهم من الأطفال، وفقا للسلطات الصحية في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس.
كما أدت الحملة العسكرية الإسرائيلية إلى تسوية جزء كبير من شمال غزة بالأرض وتشريد مئات الآلاف من الأشخاص، في حين تسبب الحصار في نقص المؤن الغذائية والمياه والأدوية والكهرباء وغير ذلك من الإمدادات.
وقال قنيش "إلى متى؟ وبعدين؟ وشالحال؟ طب لا فيه كهربا لا فيه غاز لا فيه مياه. فيه شح في كل الاحتياجات الإنسانية".
وأضاف "الواحد يتمنى من الله أول اشي إنه تستمر أو ترجع حياة الناس لتعيش برخا وبأمان وبسلام".
(إعداد محمد عطية للنشرة العربية - تحرير حسن عمار)