من بسام يونس وفادي شناعة
خان يونس (قطاع غزة) (رويترز) - انحرف حمار يقطع شوارع خان يونس المليئة بالحطام قليلا ليتجنب حفرة في الطريق خلفها القصف الإسرائيلي لقطاع غزة ثم تباطأ في ممر ضيق تم رفع أنقاض المباني السكنية المدمرة منه.
ومع ندرة الوقود بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة منذ بداية حربها ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، أصبحت العربات التي تجرها الحمير وسيلة أساسية لنقل الأفراد والبضائع في القطاع الذي يرزح تحت القصف.
وسافر طاقم من رويترز مع محمد النجار الذي دمرت ضربة جوية منزله في خان يونس ويعيش الآن مع أسرته في مدرسة على بعد نحو ثمانية كيلومترات من المشارف الشرقية لبلدة خزاعة.
وتحدث النجار من فوق العربة قائلا "بالنسبة للمواصلات من خزاعة لخان يونس علشان ننزح على المدارس إحنا بنتغلب يعني بنطلع كرات (عربات تجرها الحمير) وللأسف الشديد بنقعد بالثلاث ساعات وبالأربع ساعات لما نوصل خان يونس".
ويتيح السير ببطء فرصة لتفقد مدينة مزقتها الحرب بوضوح مع مرور الحمار الأبيض على مشهد تلو الآخر من مشاهد الدمار.
دمرت بعض المباني وتحولت إلى أكوام رمادية هائلة من كتل الخرسانة والقضبان المعدنية الملتوية، والألوان الوحيدة التي تظهر وسط المشهد هي لقطع ملابس وأمتعة متناثرة وسط الفوضى.
وتعرضت منازل أخرى لأضرار بدرجات متفاوتة، مثل الثقوب في الواجهات والجدران وتحطم النوافذ. وظل أحد المباني منتصبا بفضل الأعمدة القوية لكنه أصبح كالقوقعة الفارغة بدون جدران.
وتناثرت على الأرض أسياخ الحديد الملتوية والمثنية في زوايا غريبة وكانت تلال القمامة والحطام في كل مكان.
ولم تكن هناك أي سيارات تقريبا على الطريق. والدراجات هي الأكثر شيوعا، بالإضافة إلى العربات الأخرى التي تجرها الحمير. وأغلب الناس يسيرون على الأقدام.
* السير عبر الأنقاض
سويت المباني على جانبي الطريق بالأرض في عدة أماكن، وأخلى الناس ممرات ووسعوها لمسافة تكفي لمرور سيارة واحدة. ومرت العربة على هيكل سيارة محترقة وسط كتل من الخرسانة.
والدمار الذي لحق بخان يونس في جنوب القطاع ليس بنفس الحجم الذي تعرضت له مدينة غزة ومناطق أخرى في الشمال الذي تحمل وطأة الحملة العسكرية الإسرائيلية. وتُظهر لقطات صورتها طائرات مسيرة أن مناطق شاسعة من شمال القطاع تعرضت للقصف وتحولت إلى أراض قاحلة.
وبدأت الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول عندما شن مسلحو حماس هجوما على جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، من بينهم رضع وأطفال، واقتياد حوالي 240 رهينة من جميع الأعمار إلى قطاع غزة، وفقا للإحصاءات الإسرائيلية.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس، وشنت هجوما على غزة أدى إلى مقتل أكثر من 15 ألف شخص 40 بالمئة منهم من الأطفال، وفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، وإلى نزوح معظم السكان إلى مدارس ومخيمات مكتظة. وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن عدد الذين قد يموتون بسبب الأمراض سيكون أكبر من الذين يقتلون في القصف.
ويوم الأربعاء هو سادس أيام الهدنة بين إسرائيل وحماس التي أتاحت فرصة تحرير بعض الرهائن الإسرائيليين والأجانب والإفراج أيضا عن معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وسمحت إسرائيل بإدخال المزيد من شاحنات المساعدات إلى غزة. وتتواصل الجهود الدبلوماسية في محاولة لتمديد الهدنة.
والنجار، مثل معظم الناس في غزة، لا يريد استئناف القتال، وقد أصابه تدمير منزله بصدمة.
وقال "لا خلوا شجر ولا خلوا حجر" داعيا الله أن ينهي الحرب.
(إعداد نهى زكريا للنشرة العربية - تحرير سها جادو)